استضاف الصالون الإعلامي في ندوته التي أقيمت الأثنين الماضي سعادة السفيرة "ندى يافي" سفيرة الجمهورية الفرنسية لدى الكويت في حوار مفتوح شمل العديد من القضايا، حيث أكدت في بداية حديثها على أن العلاقات الكويتية الفرنسية علاقة متينة تتميز بالثقة والصداقة والتنوع والمتانة وهي علاقات شاملة في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية مشيرة إلى أن فرنسا شاركت الكويت في كثير من المواقف الحاسمة مثلما حدث في حرب تحرير الكويت عام 1991م وبعدها استمر التواصل السياسي والمشاورة على أعلى المستويات كذلك الزيارات المتبادلة للوفود الدبلوماسية بين البلدين. كما أكدت على أن التعاون الاقتصادي هو من أهم محاور التعاون وهو مجال يمكن أن تتطور عن طريقة العلاقات الثنائية بشكل سريع وقوي وأن فرنسا هي الشريك العاشر للكويت تجارياً بحجم مشاركة تصل إلى مليار دولار سنوياً، وفي نفس الوقت أكدت على أن هذه العلاقات التجارية والاقتصادية تحتاج إلى مزيد من التعاون وهناك العديد من الشركات الفرنسية تهتم كثيراً بالمشروعات المطروحة في خطة التنمية وبالفعل هناك شركات تعمل في عدد من المشروعات كمحطة الزور لتحلية المياه وكذلك فإن شركة توتال وقعت مذكرة تفاهم لإنشاء مصفاة في الصين مع شركة نفط الكويت، ولفتت أيضاً على أنه هناك عمل على تحفيز الاهتمام بالكويت والعكس لتعريف الشركات الفرنسية بالفرص الاستثمارية في الكويت في مقابل تشجيع المستثمرين الكويتيين على الاستثمار في فرنسا، مشيرة إلى أن هناك مستثمرون كويتيون في السوق الفرنسية تقدر حجم استثماراتهم ب 12 مليار دولار. وفيما يتعلق بالسياحة أكدت يافي على أن السفارة قد منحت 30 ألف تأشيرة للسفر إلى فرنسا إضافة إلى العمل على المزيد من التسهيلات المتعلقة باستصدار التأشيرات.
كما أشارت يافي إلى أن فرنسا لم تعد تكتفي بتدريس اللغة الفرنسية فقط لأن العلاقات الثقافية هي في قلب العلاقات السياسية مشيرة إلى أنه تم إنشاء معهد ثقافي في منطقة الجابرية وأن هناك الكثير من الفعاليات الثقافية المختلفة، مؤكدة على أهمية الحوار الثقافي بين الشرق والغرب عن طريق عدد من الفعاليات كالمعارض الثقافية والفنية والحفلات الموسيقية وغيرها إضافة إلى اللقاءات الفكرية والندوات المشتركة مع عدد من الجهات الكويتية كالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.
وبخصوص الحالة السياسية في الكويت فقد أكدت يافي على أن الحالة السياسية في الكويت نشطة جداً ولا يسعنا إلا أن نقول أن الدبلوماسي في الكويت هو في بلد منفتح وديمقراطي.
كما شهدت الندوة العديد من المداخلات التي تناولت جوانب كثيرة من العلاقة بين فرنسا والكويت بشكل خاص وبين فرنسا العالم العربي بشكل عام حيث كانت أولى المداخلات حول الطلبة والطالبات الذين يدرسون في فرنسا وما يعانونه من بعض الصعوبات التي تتعلق بالدراسة في الجامعات غير المعترف بها مع ضرورة أن يكون هناك تواصل بين السفارة ووزارة التعليم العالي بخصوص التعريف بالجامعات والمعاهد.
وقد أكدت السفيرة ندى يافي على أن من أهم النشاطات التي نوليها أهتماماً كبيراً هي النشاطات التعليمية وأنه من الآن فصاعداً سيكون هناك مكتب خاص لاستقبال الطلبة وتعرفيهم بكل ما يتصل بالتعليم في فرنسا مشيرة بأنه قد تم مؤخراً عمل معرض في الكويت حول التعليم في فرنسا وأنه لا يوجد مشاكل تواجه الطلبة الكويتيين في فرنسا مطلقاً متمنية أن يزيد عدد الطلبة الكويتيين الدارسين في فرنسا.
وحول صدى الحراك السياسي في منطقة الشرق الأوسط وإنعكاس الربيع العربي على المواطن الفرنسي أكدت يافي على أن المواطن الفرنسي شديد الارتباط بالعالم العربي وبما يحدث في العالم العربي وما يشهده من حراك سياسي خصوصاً وأن بداية الربيع العربي أنطلقت من الضفة المقابلة لفرنسا على البحر المتوسط في تونس وأن اهتمام المواطن الفرنسي بما يحدث في الشارع العربي هو ما يدفع الحكومة الفرنسية بدورها للاهتمام بالربيع العربي وما تشهده البلدان العربية من حراك سياسي، مؤكدة على أنه لا يمكن القول أن الأوضاع الاقتصادية في فرنسا تأثرت بشكل مباشر بما نتج عن الربيع العربي ولم تمنعها مصالحنا من إتخاذ مواقف واضحة ومحددة.
أما أستاذ العلوم السياسية الدكتور شملان العيسى فكانت مداخلته حول المنافسة التجارية فيما يتعلق بالتسليح في دول الخليج وأن فرنسا تواجه منافسة قوية مع أمريكا في هذا الصدد.
فقد أكدت يافي على أن المسائل الدفاعية تكون بناء على اتفاقيات متبادلة وأن هناك اتفاقية بين الكويت وفرنسا تحكم هذه المسألة فيما يتعلق بالتدريب والتسليح والزيارات المتبادلة وأن المسألة بالنسبة لفرنسا ليست مسألة تجارة بل أنها مشاركة حليف.
كما أكدت على أن فرنسا تربطها علاقات جيدة بدول الخليج وليس هناك هجمة من أحد على فرنسا ودولة الإمارات العربية ليست بالدولة الوحيدة التي تربطنا بها علاقات جيدة مشيرة إلى أن القاعدة العسكرية في أبوظبي هي قاعدة إقليمية لفرنسا في المنطقة تتعامل من خلالها مع دول المنطقة كلها.
أما بخصوص الصفقات العسكرية فهي عملية تخضع للاتفاقيات والقرارات الخاصة بمسألة السيادة الكويتية ورغم أن الاختبارات على طائرة الرافال كانت مرضية جداً وقد اثبتت جدارتها إلى أن المسألة في الأخير ترجع إلى القرار الكويتي وما يرونه مناسباً.
من ناحية أخرى ناشدت السفيرة ندى يافي وسائل الإعلام توخي الدقة في استيقاء المعلومات وتحري الدقة خصوصاً فيما يتعلق بمسائل حساسة مثل الصفقات العسكرية وغيرها، مشيرة إلى أنه قد حدث لغط كثير حول وجود وسطاء في صفقة الرافال ونحن لا نحبذ وجود وسطاء في مثل هذه الثفقات.
من جانبها أشارت السيدة ليلى العثمان في مداخلتها إلى أن فرنسا دولة تتميز بعلاقات جيدة ومتينة مع العالم العربي وخصوصاً في مجال الأدب وقد ترجمت الكثير جداً من أعمال الأدب العربي إلى اللغة الفرنسية والعكس، كما أشارت إلى قضية النقاب في فرنسا وتساءلت لماذا تراجعت فرنسا عن قرارها ثم هل ستشارك فرنسا في التدخل العسكري في سوريا إذا حدث تدخل دولي.
فمن جانبها أكدت يافي على أن القانون الخاص بمنع النقاب في فرنسا لم يأتي فجأة وإنما خضع إلى سنة كاملة من النقاش الذي شمل كل أطياف المجتمع الفرنسي وتم الاستماع إلى كل الآراء والتوجهات فيما يخص القانون إلى أن استقر الأمر في البرلمان وخضع القانون للتصويت، مشددة على أن القانون في حقيقته ينص على منع وحظر إخفار الهوية وليس موجه للمسلمين أو للنقاب بشكل خاص ولكنه يخص الجميع بكل الشرائح والأديان في المجتمع الفرنسي وعليه فنحن لم نمنع النقاب ولكننا منعنا إخفاء الهوية.
أما بخصوص سوريا فقد أكدت يافي على أننا نحترم الشعوب وآرائها مشيرة إلى أن المعارضة السورية لم تطلب التدخل العسكري كما أن المنطقة التي تقع فيها سوريا لم تطلب التدخل العسكري وكذلك جامعة الدول العربية لم تطلب التدخل العسكري ونحن الآن في مرحلة الضغط المستمر من أجل التوصل إلى قرار دولي يدين ممارسات النظام السوري ويوجب وقف إطلاق النار.
أما حول خشية فرنسا من إزدياد النمو الإسلامي سياسياً (الإسلام السياسي في العالم العربي) فقد أكدت يافي على أن فرنسا تحترم إرادة الشعوب وخياراتها وكما أكد وزير الخارجية الفرنسية ألان جوبيه على أن فرنسا مستعدة للتعامل مع الجميع إذا كان هناك إلتزام كامل بالديمقراطية فإما أن نقبل بالديمقراطية التي ندعوا إليها وما تنتجه هذه الديمقراطية بشكل كامل أو لا نقبل بها بالمرة.
من جانب آخر أعلنت يافي عن استيائها من عدم وجود خط طيران مباشر بين الكويت وفرنسا، مشددة على أنه لا يمكن أن تكون العلاقة على هذا المستوى الجيد ولا تكون هناك خطوط طيران مباشرة بين الدولتين.