في أعقاب حريق أمس لشركة النصر للبترول في قناة السويس، زادت شكوك المواطن المصري بأن يكون اندلاع هذا الحريق بفعل فاعل، هو ذاته الذي نبحث عنه في كل أزمة وحادثة تمت بعد ثورة 25 يناير . يقول د. قاسم عبده قاسم أستاذ التاريخ الحديث ، أن المفسدين عادة ما يحاربون الشعوب بعد الثورات حتى آخر نقطة بدمائهم، وهو ما جرى في أعقاب ثورة يوليو 1952، وحتى العدوان الثلاثي 1956 ؛ حيث ظل الثوريون يطاردون المصالح الأجنبية بمصر، وقاموا بعمل محطات إذاعة وصحف ، وسعوا للإتفاق مع دول جوار مثل السعودية . وبعد استقرار ثورة 1952 هدأت الأمور وبدأت الثورة في تنفيذ برامجها. لكن الأهم من هذا بحسب ما قال د. قاسم أن الثورة لا تنجح بغير تحالف القائمين عليها، وتعاونهم مع أحزاب المعارضة الهشة التي كانت تتعاون مع مبارك ليصنعوا من أنفسهم ثوار، في محاولة لتطهير الوطن. وأوضح قاسم أن أتباع مبارك هم من يفتعلون الأزمات، وهؤلاء لم يتم تطهيرهم من مراكز النفوز والتحكم؛ فنحن في فترة الثورة لم نجد أزمة في البنزين أو السولار أو الأمن؛ لأنهم كانوا يخافون ومختبئين، لكن في ملاحقة الفلول بدأوا يخرجوا ويضعوا عوائق ومؤامرات في سبيل إعاقة الثورة بل وسرقتها. ووصف "قاسم " إقدام مدير المخابرات السابق اللواء عمر سليمان على الترشح للرئاسة ب "البجاحة" فهو معروف بعلاقاته المشبوهة مع إسرائيل وتعذيبه لمعارضي أمريكا وتوجهاتها، ورغم ذلك فترشحه يعكس اطمئنان فريق النظام المخلوع إلى أن شيئا لم يتغير بعد الثورة وبإمكانهم لعب أدوار جديدة . ويرى المؤرخ المصري أن المجلس العسكري لازال وطنيا ووفيا للثورة، وأن القوى الثورية من مصلحتها رسم خارطة الطريق معه لإزاحة فلول النظام الفاسد . من جانب آخر، أبدى الكاتب والقانوني د. د. أحمد صبري أبو الفتوح أسفه لحريق السويس ، وقال أنه في الوقت نفسه لا يستطيع اتهام فلول النظام السابق بالوقوف ورائه بلا دليل مادي ، مستبعدا أن يكون للأمر صلة بإلغاء ترشح عمر سليمان للرئاسة . ورأى أبوالفتوح أن الإخوان سرقوا الثورة لصالحهم، وأرادوا مع السلفيين إقامة نظام ديني استبدادي ، وهي أنظمة تفرغ الشعوب من طاقتها ، وتفقدها الأمل في التغيير، باعتبار أن كل محاولة ثورة هو خروج على الحاكم وعلى شرع الله . وأضاف أبوالفتوح أن التيارات الدينية السياسية الحالية تتلقى تمويلا غربيا وكانت لها صلات قوية بنظام مبارك، ولذلك فهم يضافون لقائمة الفلول وليس الثوريين . أما الناقد والشاعر د. شوكت المصري فأكد أن هناك خطة منظمة لإفشال الثورة تماما والقضاء عليها بدأت منذ موقعة الجمل، وعدم ظهور نتائج التحقيقات فيها، مرورا بحريق المجمع العلمي، واحداث ماسبيرو، ومجزرة بورسعيد، وليس انتهاء بحريق شركة النصر بالسويس، وان الامر لا يتعلق بالفلول التقليديين، ولكن تيارات الإسلام السياسي أيضا والتي استبعد مرشحوها أيضا من سباق الرئاسة كخيرت الشاطر وحازم أبواسماعيل . ويرى الكاتب أن ما يجري هو محاولة من كل المرشحين المستبعدين للقفز على الانتخابات الرئاسية بالكلية، أوفرض الأحكام العرفية أو العسكرية فيما يشبة الانقلاب العسكري المدعوم بتوجية الشعب إلى اختيار الأمن حتى ولو على حساب الحرية والديمواقرطية. وأشار د. المصري إلى أن الحل من هذا المأزق لن يكون إلا بتوحد كافة القوى الثورية على مجموعة رئاسية تتوحد فيها الجهود والآراء.