لا تأتي أهمية الفيلم التسجيلي "الحرب المخفية" لكيربي ديك من كونه عملا يصنع مادته الفيلمية في بيئة شبه محظورة، يجري التكتم عليها بمنهجية، بل أيضا من الحبكة الدرامية التي تكشف عن تجارب آلاف النساء اللواتي وقعن ضحايا جرائم الاغتصاب والاعتداءات الجنسية من قبل زملائهن وقادتهن بالجيش الأميركي الذين تناط بهم مهمات الدفاع عن أبناء بلدهم. ونقلا عن الجزيرة، ينجح هذا الفيلم في توصيل رسالته الصادمة، التي تضمنتها صفحته على موقع فيسبوك، والتي تقول "إن الأميركيات والأميركيين معرضون في كل يوم من أيام خدمتهم العسكرية للاغتصاب والتحرشات الجنسية، لا من قبل الأعداء، بل من قبل زملائهم وقادتهم، وإن الجندية الأميركية في العراق وأفعانستان عرضة للاغتصاب أكثر من احتمال تعرضها للأذى أو القتل بنيران الأعداء".
ولا يقتصر عمل المخرج على فضح ما يسميه "وباء الاغتصاب في الجيش الأميركي" عبر إجراء مقابلات مع أكثر من سبعين امرأة من جميع أنحاء أميركا، وإنما يقوم باستكشاف ونقد النظام العسكري الأميركي الذي يحتم على الضحايا رفع تقارير الشكاية إلى رؤسائهم المباشرين حتى ولو كانوا هم من قام بالاغتصاب أو بالتحرش بهن، وإليهم وحدهم يعود القرار بإجراء التحقيقات أو رفع الشكاوى إلى الجهات المختصة، بغض النظر على قوة الأدلة الجنائية والجرمية.
وكانت أرقام وزارة الدفاع قد قدرت تعرض أكثر من 19 ألف امرأة ورجل للاعتداء الجنسي من قبل رفاقهم أو قادتهم العسكريين خلال خدمتهم بالقوات المسلحة عام 2010.
وتشير إلى أن 20% من الإناث و1% من الذكور، من بين القوات الموجودة داخل أميركا، البالغ عديدها نصف مليون جندي، قد تعرضوا لاعتداءات جنسية خلال خدمتهم العسكرية. بينما وصلت 8% فقط من تلك الحالات إلى أروقة المحاكم عام 2009، وأصدرت المحاكم قرارات قضائية في 2% منها فقط.