دمشق : في الوقت الذي يناقش فيه مجلس الأمن الدولي مشروع قرار بشأن تنحي الأسد ، اعلن ناشطون مقتل 20 شخصا برصاص الأمن السوري اليوم الأربعاء اغلبهم في ريف دمشق . وكانت لجان التنسيق المحلية اعلنت أمس سقوط 39 قتيلاً برصاص القوات السورية ، فيما تعرض حي بابا عمرو بحمص لأكبر حملة عسكرية منذ بداية الاحتجاجات. وكان حي البساتين في بابا عمرو بحمص النقطة الأسخن في سوريا أمس، بينما لا تزال الأوضاع متوترة في ريف دمشق وبقية المدن السورية. وقال الناشط السوري أنس الشغري إن مدينة بانياس محاصرة، والأهالي متخوفون من هجوم عسكري عليها في أي لحظة. وشهدت مدينة حمص اشتباكات عنيفة بين الثوار وقوات الجيش السوري الحر من جهة، وقوات الجيش السوري من جهة أخرى، وسُمعت أصوات طلقات نارية من مختلف الأعيرة في أحياء المدينة، خاصة حي بابا عمرو، كما شوهدت سحب كثيفة من الدخان تتصاعد من منطقة حي البساتين في المدينة بعد تعرض خط لنقل الغاز لقذيفة دبابة. وتم استهداف حي بابا عمرو بالمدفعية وراجمات الصواريح والهاون، وأوضح شهود أن الحواجز موجودة في كل مكان في المدينة ومحاطة بثكنات عسكرية كثيفة تقوم بإطلاق النار عشوائياً على المنازل والبيوت في المدينة. وقال سكان من المدينة تحدثوا عبر الهاتف مع قناة "العربية" إنهم لا يستطيعون تقديم العون للمصابين من أبناء المدنية، كما تعاني المدينة من انقطاع المياه والكهرباء والاتصالات. وأفاد سكان أن مدينة الرستن القريبة أيضاً تتعرض لقصف أعنف مما تعرضت له حمص. واستطاع الثوار وعناصر من الجيش السوري الحر السيطرة على حاجز "حي السبيل" في البياضة وتدميره بشكل كامل إضافة الى حاجز "باب الدريب والذي يوجد فيه ثكنة عسكرية كبيرة إضافة الى مركز طبي ومستوصف ومدرسة". واستولى الثوار الحصول على كل الأسلحة والذخائر بعد سيطرتهم على المنطقة. وفي نفس الوقت، أفادت بيانات الهيئة العامة للثورة السورية بمقتل ما يزيد على 7050 شخصاً منذ بدء الاحتجاجات. خلافات علنية
وسياسيا ، اختتمت امس جلسة مجلس الامن الدولي حول الملف السوري وسط خلافات علنية واستبعاد التدخل الخارجي.
ومن المقرر أن يعقد مجلس الأمن اليوم جلسة على مستوى الخبراء لصياغة قرار حول الأزمة السورية.
وكان وزير الخارجية الفرنسي الان جوبيه قد دعا المجلس الى الخروج عن صمته الفضائحي ودعم مشروع قرار يدعو الرئيس بشار الاسد الى التنحي . اما روسيا والصين فقد تمسكتا بموقفها الرافض لاستخدام القوة لحل الازمة في سوريا . وبدوره ، أكد فيتالي تشوركين، مندوب روسيا الدائم لدى الأممالمتحدة أن موسكو "ترفض أي محاولات لاستخدام أدوات مجلس الامن لتأجيج الصراع وتبرير امكانية التدخل العسكري الأجنبي" لحل الأزمة السورية. وأعلن تشوركين في كلمة القاها خلال الجلسة المفتوحة لمجلس الأمن ان "روسيا تعتبر انه ليس من الضروري فحسب، بل ومن الممكن التوصل الى قرار توافقي في مجلس الامن حول سورية"، مشيرا الى أن مشروع القرار المغربي يحتوي على "بعض الفقرات المتطابقة مع نص مشروع قرارنا.. وهذا أمر يبعث على الأمل". واكد المندوب الروسي على أن "المجلس لا يستطيع املاء معايير التسوية السياسية الداخلية، فهو لا يملك التفويض لهذا.. ولا يجوز ايضا تجريد الاطراف من حافز الحوار وتخويفها منه"، مشددا على ان مجلس الامن يجب ان يتوصل الى موقف موحد لحل الازمة سلميا في سورية. كما اكد تشوركين على ان روسيا دعت جميع اطراف النزاع في سورية الى اجراء مفاوضات في موسكو بدون شروط مسبقة، معتبرا ان اللقاء سيسمح للاطراف السورية "مناقشة الكثير من مسائل الاجندة الوطنية من دون اي قيود"، ومن بينها التحضير لحوار وطني سوري تحت رعاية جامعة الدول العربية. وأكد على أهمية مبادرة الجامعة العربية التي دعت الحكومة السورية وجميع اطراف المعارضة السورية بدء حوار سياسي حقيقي تحت رعاية الجامعة العربية. ولفت المندوب الى ان روسيا ومنذ بداية الازمة تحاول التوصل الى ان يحصل الشعب السوري على حق تحديد طريق وشكل الاصلاحات الضرورية. وتابع القول "ما الذي يمكن للمجتمع الدولي ان يفعله لمنع التطور المدمر للاحداث؟ الجواب صعب وسهل في آن واحد.. وقد وجد مفتاحه اعضاء مجلس الامن في بداية الازمة عندما وافقوا يوم 3 اغسطس 2011 على اعلان رئيس مجلس الأمن الذي يحتوي على موقفين رئيسين.. ضرورة وقف العنف من قبل جميع الاطراف والمخرج من الازمة يمكن ان يجده السوريين أنفسهم وعبر عملية سياسية"، واعاد للاذهان ان الوفد الروسي قام في 15 ديسمبر/كانون الاول الماضي بطرح مشروع قرار "يطور التوجه السياسي" لذلك الاعلان، موضحا ان الوفد الروسي وزع في وقت سابق مشروع قرار بصيغة مجددة على الزملاء. واعتبر تشوركين أن تصعيد الازمة وانزلاقها في فوضى النزاع الشامل "لن تكون مأساة الشعب السوري لوحده، بل ستؤدي الى عدم استقرار جدي لدى الدول المجاورة الامر الذي سيزيد من اهتزاز الوضع في منطقة استراتيجية هامة من الشرق الأوسط". ولفت الى انه "في حال وجه الاعضاء الرئيسيين في المجتمع الدولي جهودهم لتطبيق هذه المواقف فانا على ثقة بان الازمة قد انتهت.. وللاسف هذا لم يحدث". واشار الى ان موسكو تؤمن بان "دور المجتمع الدولي خلال الازمات السياسية الداخلية الحادة، يجب أن لا يكون في تأجيج النزاع والتدخل فيه عبر استخدام العقوبات الاقتصادية او القوة العسكرية بل في مساندة اجراء الحوار بغية ايجاد حلول فعالة وغير مؤلمة". وقال المندوب "انه وبهدف وقف العنف وبدء العملية السياسية قامت روسيا بنشاط دبلوماسي مكثف مع دمشق والمعارضة السورية والجامعة العربية"، التي يعود لها "الدور الاهم في تسوية الازمة السورية". كما تحدث تشوركين عن تقرير بعثة مراقبي الجامعة العربية الى سورية التي اكد بشكل واضح أنه "في بعض مناطق سورية هناك عناصر مسلحة تقوم بمهاجمة قوات الامن السورية والمدنيين"، مضيفا "على هذا الأساس تم التوصل الى نتيجة مفادها ضرورة ان تتحمل جميع الاطراف السورية، وليس فقط الحكومة، مسؤولية وقف جميع اشكال العنف". وأعرب عن قلقه حيال قرار وقف عمل البعثة، معربا في الوقت ذاته عن امله في ان تستأنف البعثة نشاطها "بمساندة جميع الأطراف". حرب طائفية
في المقابل ، اعلنت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون هجوما على الرئيس السوري بشار الأسد، وحملته مسؤولية انزلاق البلاد إلى حرب طائفية، وأكدت كلينتون أن التغيير مقبل لا محالة في سورية رغم"تكتيكات ووحشية نظام الأسد".
وقالت كلينتون في جلسة مجلس الأمن لبحث الأزمة السورية إن الرئيس السوري "الأسد ورفاقه يعملون بجدية لإثارة النعرات الطائفية في سورية وهذا قد يؤدي إلى عنف متزايد وانزلاق البلاد إلى حرب أهلية"، وحذرت من أن "زعماء سورية يضعون الجماعات العرقية والدينية في مواجهة قد تفجر حربا اهلية".
وأشارت كلينتون إلى أن العنف في ازدياد ومن المرجح أن يخرج عن السيطرة، ولفتت إلى مقتل أكثر من 5400 مدني وفقاً لتقديرات الأممالمتحدة.
وشددت على أن "النظام السوري لم يحترم تعهداته ووجود المراقبين، وتجاوب بعنف مفرط"، ولفتت إلى أن"التقرير العربي يوضح أن النظام السوري لم يف بتعهداته أو يحترم المراقبين".
واعتبرت كلينتون أن "الجامعة العربية قدمت للأسد الكثير من الفرص لتغيير مساره، وهي تطلب دعما دوليا للتوصل لحل سياسي سلمي للازمة".
وذكرت أن "الجامعة العربية طلبت مسارا لانتقال سلمي للسلطة في سورية"، مشددة على الحاجة إلى "انتقال سياسي يحافظ على وحدة سورية ومؤسساتها".
وأكدت أن "الولاياتالمتحدة جاهزة لتمرير قرار يدعم جهود الجامعة العربية لإنهاء الأزمة السورية".