عباس شراقي: فيضانات السودان غير المعتادة بسبب تعطل توربينات سد النهضة    البداية الرقمية للنقل الذكي في مصر.. تراخيص إنترنت الأشياء للمركبات تدخل حيز التنفيذ    وزير الإسكان: بدء تصنيف حالات الإيجار القديم وفق شرائح الدخل    لماذا كل هذه العداء السيساوي لغزة.. الأمن يحاصر مقر أسطول الصمود المصري واعتقال 3 نشطاء    مقتل شخص وإصابة 15 في هجوم روسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية    تشكيل منتخب مصر أمام نيوزيلندا في كأس العالم للشباب    سلوت عن جلوس صلاح على مقاعد البدلاء أمام جالاتا سراي: رفاهية الخيارات المتعددة    خطة إطاحة تتبلور.. مانشستر يونايتد يدرس رحيل أموريم وعودة كاريك مؤقتا    مصرع 7 عناصر إجرامية وضبط كميات ضخمة من المخدرات والأسلحة في مداهمة بؤرة خطرة بالبحيرة    الأرصاد: الخريف بدأ بطقس متقلب.. واستعدادات لموسم السيول والأمطار    مفتي الجمهورية يبحث مع وفد منظمة شنغهاي آليات التعاون ضد التطرف والإسلاموفوبيا    مواقيت الصلاة فى أسيوط غدا الأربعاء 1102025    ماجد الكدوانى ومحمد على رزق أول حضور العرض الخاص لفيلم "وفيها ايه يعنى".. صور    أمين الفتوى: احترام كبار السن أصل من أصول العقيدة وواجب شرعي    ولي العهد يتسلم أوراق اعتماد سفراء عدد من الدول الشقيقة والصديقة المعينين لدى المملكة    محافظ القاهرة يناقش ملف تطوير القاهرة التراثية مع مستشار رئيس الجمهورية    من القلب للقلب.. برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    بعد رصد 4 حالات فى مدرسة دولية.. تعرف علي أسباب نقل عدوى HFMD وطرق الوقاية منها    جارناتشو يقود هجوم تشيلسى ضد بنفيكا فى ليلة مئوية البلوز    البورصة المصرية.. أسهم التعليم والخدمات تحقق أعلى المكاسب بينما العقارات تواجه تراجعات ملحوظة    هل يجوز للمرأة اتباع الجنازة حتى المقابر؟ أمين الفتوى يجيب.. فيديو    "أنا حاربت إسرائيل".. الموسم الثالث على شاشة "الوثائقية"    أحمد موسى: حماس أمام قرار وطنى حاسم بشأن خطة ترامب    محافظ قنا يسلم عقود تعيين 733 معلمًا مساعدًا ضمن مسابقة 30 ألف معلم    داعية: تربية البنات طريق إلى الجنة ووقاية من النار(فيديو)    نقيب المحامين يتلقى دعوة للمشاركة بالجلسة العامة لمجلس النواب لمناقشة مشروع قانون "الإجراءات الجنائية"    بلاغ ضد فنانة شهيرة لجمعها تبرعات للراحل إبراهيم شيكا خارج الإطار القانوني    "الرعاية الصحية" تطلق 6 جلسات علمية لمناقشة مستقبل الرعاية القلبية والتحول الرقمي    البنك الزراعي المصري يحتفل بالحصول على شهادة الأيزو ISO-9001    محمود فؤاد صدقي يترك إدارة مسرح نهاد صليحة ويتجه للفن بسبب ظرف صحي    مصر تستضيف معسكر الاتحاد الدولي لكرة السلة للشباب بالتعاون مع الNBA    بدر محمد: تجربة فيلم "ضي" علمتنى أن النجاح يحتاج إلى وقت وجهد    «العمل» تجري اختبارات جديدة للمرشحين لوظائف بالأردن بمصنع طوب    بعد 5 أيام من الواقعة.. انتشال جثمان جديد من أسفل أنقاض مصنع المحلة    المبعوث الصينى بالأمم المتحدة يدعو لتسريع الجهود الرامية لحل القضية الفلسطينية    اليوم.. البابا تواضروس يبدأ زيارته الرعوية لمحافظة أسيوط    حسام هيبة: مصر تفتح ذراعيها للمستثمرين من جميع أنحاء العالم    موعد إجازة 6 أكتوبر 2025 رسميًا.. قرار من مجلس الوزراء    الأمم المتحدة: لم نشارك في وضع خطة ترامب بشأن غزة    انتشال جثمان ضحية جديدة من أسفل أنقاض مصنع البشبيشي بالمحلة    وفاة غامضة لسفير جنوب أفريقيا في فرنسا.. هل انتحر أم اغتاله الموساد؟    برج القاهرة يتزين ب لوجو واسم مستشفى الناس احتفالًا ب«يوم القلب العالمي»    لطلاب الإعدادية والثانوية.. «التعليم» تعلن شروط وطريقة التقديم في مبادرة «أشبال مصر الرقمية» المجانية في البرمجة والذكاء الاصطناعي    تعليم مطروح تتفقد عدة مدارس لمتابعة انتظام الدراسة    التقديم مستمر حتى 27 أكتوبر.. وظائف قيادية شاغرة بمكتبة مصر العامة    كونتي: لن أقبل بشكوى ثانية من دي بروين    «مش عايش ومعندهوش تدخلات».. مدرب الزمالك السابق يفتح النار على فيريرا    «الداخلية»: تحرير 979 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة ورفع 34 سيارة متروكة بالشوارع    احذر من توقيع العقود.. توقعات برج الثور في شهر أكتوبر 2025    عرض «حصاد» و «صائد الدبابات» بمركز الثقافة السينمائية في ذكرى نصر أكتوبر    بيدري يعلق على مدح سكولز له.. ومركزه بالكرة الذهبية    الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر يحدد ضوابط التعامل مع وسائل التواصل ويحذر من انتحال الشخصية ومخاطر "الترند"    قافلة طبية وتنموية شاملة من جامعة قناة السويس إلى حي الجناين تحت مظلة "حياة كريمة"    انكماش نشاط قناة السويس بنحو 52% خلال العام المالي 2024-2025 متأثرا بالتوترات الجيوسياسيّة في المنطقة    ضبط 5 ملايين جنيه في قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    التحقيق مع شخصين حاولا غسل 200 مليون جنيه حصيلة قرصنة القنوات الفضائية    السيسي يجدد التأكيد على ثوابت الموقف المصري تجاه الحرب في غزة    الأهلي يصرف مكافآت الفوز على الزمالك في القمة للاعبين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ندوة بمركز الزيتونة في بيروت لمناقشة تأثير الثورات العربية على القضية الفلسطينية
نشر في محيط يوم 19 - 01 - 2012

عقد مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات اليوم الخميس حلقة نقاش علمية تحت عنوان "القضية الفلسطينية 2012 في ضوء الثورات والتغيرات في العالم العربي"، في فندق كراون بلازا في بيروت، بمشاركة نخبة من الباحثين والخبراء والمتخصصين في الصراع العربي- الإسرائيلي والقضية الفلسطينية، إلى جانب ممثلين عن أبرز القوى السياسية الفلسطينية، وممثل عن حركة الإخوان المسلمين في مصر.

وسعت الحلقة، التي توزعت أعمالها على ثلاث جلسات،إلى استشراف التأثير المتوقع للثورات والتغيرات التي يشهدها العالم العربي على القضية الفلسطينية خلال سنة 2012، إلى جانب تقييم تأثيراتها خلال سنة 2011.

وفي تعليق حول التحضيرات لهذه الفعالية، أشار "محسن صالح" مدير عام مركز الزيتونة إلى المنظمين حرصوا على أن تكون هذه الحلقة ساحة للنقاش العلمي البناء والمؤثر في صناعة القرار المتعلق بالقضية الفلسطينية، وذلك من خلال اختيار موضوع الحلقة ومحاورها، وانتقاء أسماء المشاركين فيها؛ حيث تمت دعوة نخبة من الأكاديميين والباحثين والمتخصصين في القضية الفلسطينية من مختلف الاتجاهات، إلى جانب شخصيات مؤثرة في صناعة القرار الفلسطيني وممثلة لمختلف أطياف الساحة الفلسطينية، إضافة إلى ممثل عن التيار السياسي الفائز بالانتخابات التي جرت في مصر؛ لما لمصر من ثقل وتأثير في مسار القضية الفلسطينية ومسار الصراع العربي-الصهيوني ككل.

الافتتاح والجلسة الأولى
في البداية ألقى الدكتور محسن صالح كلمة الافتتاح، مرحّباً بالحضور، ومستعرضاً أبرز النقاط التي سيتناولها برنامج الحلقة، مشيراً إلى أن سنة 2011 كانت سنة التغييرات والثورات العربية، كانت سنة تاريخية انتفض فيه الإنسان العربي ليفرض إرادته، وذكر أن الثورات كانت على ثلاثة مستويات: الإنسان، والأرض (الفضاء الاستراتيجي)، والنظام السياسي. وأكد صالح أن الطريق ليست مفروشة بالسجاد الأحمر، وتحدث عن السيناريوهات المحتملة التي يحملها الربيع العربي. وذكر صالح أن مركز الزيتونة -وقد أنهى عامه السبع، وأصبح ذا مكانة متقدمة ورئيسية في الدراسات المتعلقة في الشأن الفلسطيني- يعدّ نفسه مظلة للجميع، بتنوع آراءهم واختلافها، ومكاناً يجتمع فيه كل ما يمكن أن يدفع القضية الفلسطينية إلى الأمام.

ثم ناقشت الجلسة الأولى، التي أدارها الدكتور "حسين أبو النمل"، انعكاس التغيرات في العالم العربي على الوضع الداخلي الفلسطيني، وتحدّث خلالها كل من "محمد اشتية" - عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، و "موسى أبو مرزوق" - نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، و "ماهر الطاهر" - عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية ومسئول قيادتها في الخارج.

وبدأ الدكتور "محمد اشتية" الجلسة بالإشارة إلى أن تأثيرات ما حدث في المنطقة العربية ستمتد لسنوات، وأشار إلى أن هناك ثلاث قوى واستراتيجيات تتصارع للسيطرة على المنطقة العربية، هي "إسرائيل" وتركيا وإيران، وأضاف أن العالم العربي تحول من مرحلة التلقي إلى مرحلة النهوض، في ظل أزمة دولية كبيرة.

وذكر "اشتية" أن السلطة الفلسطينية حاولت أن ترسم إستراتيجية جديدة، تهدف إلى كسر سياسة الأمر الواقع التي فرضتها "إسرائيل"، عبر انضمام الدولة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة ومؤسساتها، والتي عدّها مغادرة لطاولة المفاوضات، كما استبعد اشتية إمكانية حل السلطة الوطنية، وأكد أن حل الدولتين هو الحل الأنسب لطرفي الصراع. وفيما يتعلق بتأثير الثورات على القضية الفلسطينية، شدد اشتية على أنها ستكون سنداً لها، وأشار إلى انطلاق قطار المصالحة الفلسطينية نحو توحيد المؤسسات الفلسطينية في منظمة التحرير، مع وجود بعض العقبات، وأكد أن الإستراتيجية الفلسطينية يجب أن تحول الاحتلال من احتلال رابح إلى احتلال مكلف، كما توقع انحسار الدور الأمريكي، وتمنى أن لا يتم ترويض الربيع العربي، بحيث يصبح أداة داعمة للقضية الفلسطينية، لا أداة ضغط.

من جهته أشار الدكتور "موسى أبو مرزوق" في ورقته إلى أن ما حدث سنة 2011 له تأثيرٌ استراتيجيٌّ على المستوى الإقليمي والدولي من حيث التغيرات في المنطقة، وإعادة تشكيل القوى السياسية الفاعلة، وانعكاس ذلك كله على القضية الفلسطينية بكل مكوناتها، مشدداً على أن صعود التيار الإسلامي لم يكن صدفة عابرة لثورات شعبية كبيرة بلا قيادات، حيث كان التيار الإسلامي في كل مواقع القوة السياسية الأهم، وكان المعارضة الأساسية الأبرز في كل الأقطار.

وفيما يتعلق بتأثير الثورات على القضية الفلسطينية رأى - أبو مرزوق - أنها حرّكت ملفي المصالحة الفلسطينية، وصفقة تبادل الأسرى، كما أنها كانت البداية في التوجه نحو مرجعية شاملة للمسيرة السياسية الفلسطينية لصالح برنامج وطني، لافتاً النظر إلى أن التيار الإسلامي في فلسطين بدأ يشعر بأن عمقاً إضافياً في رصيده بدأ يتشكل، مما يعطي حماس فضاءً استراتيجياً إضافياً في المنطقة. وشدد أبو مرزوق على أن الثورات إنما هي بداية تشكل محور جديد غير محدد المعالم، مشيراً إلى أن وضع "إسرائيل" الأمني أصبح قلقاً والمستقبلُ موضعَ تساؤل، وشرعيتُها في خطر.

أما الدكتور "ماهر الطاهر" فقد شدد على أن العالم يشهد العديد من التحولات والمتغيرات العميقة على الأصعدة السياسية والاقتصادية والثقافية والتكنولوجية، مشيراً إلى أن الحراك الشعبي العربي يحتل موقعاً مهماً في جوانب إستراتيجية تؤثر على المشهد الفلسطيني في المرحلة الراهنة والمستقبلية، غير أنه رأى أن انعكاسات المتغيرات الدولية على القضية الفلسطينية تخضع لمحددات الموقف الأمريكي. ولفت إلى أن ما يحصل من تغييرات بنيوية واسعة وعميقة في الكيان الصهيوني سيكون لها انعكاسات مباشرة على المشهد الفلسطيني من جوانب عديدة. وفيما يتعلق بملف المصالحة الفلسطينية توقع الطاهر أن تشهد سنة 2012 حالات مد وجزر، حيث أشار إلى وجود العديد من العقبات الداخلية والخارجية التي تمنع إنهاء الانقسام بشكل كامل، كما استبعد إجراء انتخابات للمجلس الوطني والتشريعي والرئاسة. وفي موضوع التسوية السلمية للقضية الفلسطينية فقد رجح الطاهر عدم عودة المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية، وتوقع المزيد من انسداد أفق الحل السياسي للقضية الفلسطينية وتأكيد فشل ما يسمى بعملية السلام.

الجلسة الثانية
تناولت الجلسة الثانية، التي أدارها النائب الدكتور "عماد الحوت"، مواقف العالمين العربي والإسلامي من قضية فلسطين في ضوء التغيرات العربية، وتحدّث خلالها الدكتور "يحيى أحمد حسين"، القيادي في حركة الإخوان المسلمين في مصر، و"محمد الراشد" - نائب رئيس تحرير مجلة المجتمع الكويتية، و "طلال عتريسي" - أستاذ علم الاجتماع في الجامعة اللبنانية والخبير في شؤون العالم الإسلامي.
في بداية الجلسة، ذكر "يحيى أحمد حسين" أن الشعب المصري ثار بعد أن يئس أبناؤه من يقظته، وجاء نصره فجأة وعلى غير توقع، وشدد على أن نتائج ثورة 25 يناير حمّلت "القائمين على خدمة الشعب" عبئاً يستلزم تسخير كل القوى، وبذل الجهود لعلاج الأولويات، وإزالة الآثار التي ترتبت عن سياسة العهد السابق. وتحدث حسين في ورقته عن إيجابيات الثورة على الشعب المصري وسلبياتها، وعن آفاق التغيير المنشود في مصر.

وفيما يتعلق بتأثيرات الثورة على القضية الفلسطينية شدد - حسين - على أن الشعب المصري بجناحيه المسلم والمسيحي يشرف بوقوفه خلف الشعب الفلسطيني، لافتاً النظر إلى أن جماعة الإخوان المسلمين تتناول قضية فلسطين باعتبارها قضية شعب عربي مسلم حرّ طُرد من أرضه وحوصر في وطنه من أعدائه. وعن موقف الجماعة وحزب الحرية العدالة من قضية المعاهدات والعلاقة مع الصهاينة، أشار حسين إلى أن الحكمة تقتضي مراعاة الظروف العامة باحترامها في الوقت الراهن، حتى تسمح الفرصة بإعادة النظر فيها، وتعديل بنودها.

ونتيجة للثورة المصرية توقع حسين زيادة الشعب المصري لمساهمته في دعم الشعب الفلسطيني حتى زوال الاحتلال الصهيوني لفلسطين، وبدوره رأى "محمد الراشد" أن آمال الشعوب العربية تتعلق في مسار ثوراتها الجديدة نحو تغيير جذري لطبيعة النظام العربي السياسي، ولصياغة عقد اجتماعي جديد يبشر بالعدالة والمساواة والحريات والديمقراطية والسلام الاجتماعي، ومن جانب آخر فإن الآمال معلقة بأن تصنع الثورات العربية إضافة قوية لصالح القضية الفلسطينية ولتغيير ميزان القوى في هذه المنطقة لصالح استعادة الحقوق الفلسطينية.

وأشار "الراشد" إلى أن الثورات أسقطت ما يسمى ب"قوى الشرق الأوسط الجديد"، كما سيتكوّن محور جديد في المنطقة العربية ينحاز للحق العربي في فلسطين، ويؤيد المقاومة، ويضعف التحالف الإستراتيجي بين الولايات المتحدة و"إسرائيل" من جهة، وبعض الأنظمة العربية من جهة أخرى، لافتاً النظر إلى أن النظام العربي الجديد سيكون منافساً للمشروع الإيراني، وينحاز لفكرة التوجه إلى تشكيل محور إسلامي عربي تنموي إستراتيجي، يرتكز فيه على حالة التقارب والتعاون مع تركيا وماليزيا وإندونيسيا.
ومن جانبه قال "طلال عتريسي" إن القضية الفلسطينية لم تحظ بالاهتمام الذي تستحق في سنة 2011، حيث كانت أولويات العالم وشعوب المنطقة تتطلع إلى قضية واحدة: الثورات وإسقاط الرؤساء، فتوقفت مفاوضات التسوية السلمية، وتعطل ملف المصالحة الفلسطينية، ملف صفقة الأسرى، لكن الأشهر الأخيرة من سنة 2011 شهدت عودة الاهتمام الدولي بفلسطين، وفيما يتعلق بدور إيران من الصراع مع "إسرائيل" فقد أشار إلى أنها ربطت بين ما يجري في المنطقة العربية وبين الصراع مع "إسرائيل" والمواجهة مع الولايات المتحدة، واعتبرت ما يحصل صحوة إسلامية، وأن الثورات ستؤدي إلى انهيار "إسرائيل".

أما فيما يتصل بالموقف التركي، فقد أشار عتريسي إلى أن تركيا تعاملت مع الثورات من موقع تأييد الديمقراطية، ولم تربط بين هذه الثورات وبين تأثيراتها المحتملة على الصراع مع "إسرائيل"، فتركيا تريد من حماس ومن الإسلاميين عموماً الالتحاق بتجربتها، وشدد - عتريسي - على أن من نتائج الثورات أن "إسرائيل" ستبقى غير مقبولة ككيان، وأن المقاومة الفلسطينية ستتمتع تدريجاً بحرية أكبر في ساحات عربية عدة، وأن موقع فلسطين وسياسات الدول الإسلامية، وخصوصاً تركيا وإيران، من فلسطين لن تتغير كثيراً في العام المقبل؛ أي تأييد تركي لإستراتيجية التفاوض والسلام، وتأييد إيراني للمقاومة وللمواجهة مع "إسرائيل".

الجلسة الثالثة
أما الجلسة الثالثة والأخيرة من الحلقة، والتي أدارها الوزير "بشارة مرهج"، فقد ناقشت المشهد الإسرائيلي والمواقف الدولية من القضية الفلسطينية في ضوء التغيرات في العالم العربي، وتحدّث خلالها "ماجد عزام" - مدير مركز شرق المتوسط للدراسات والإعلام والخبير في الشؤون الإسرائيلي، و "محسن صالح"، و "مجدي حماد" - رئيس الجامعة اللبنانية الدولية والخبير في الشؤون الدولية.

في البداية تحدث "ماجد عزام" عن المواقف الإسرائيلية من الثورات العربية، حيث أشار إلى أن "إسرائيل" تعاطت مع الربيع العربي وتداعياته بمزيج من الغطرسة، والتخبط والتناقض، والواقعية في بعض الحالات، ولكن دون أن تصل إلى حدّ استخلاص عبر جذرية. فالثورة التونسية لم تحظ باهتمام ونقاش كبير في "إسرائيل"، ولكن الاهتمام الإسرائيلي السياسي والإعلامي بالثورة المصرية كان مكثفاً ومركزاً، وفي مراحلها الأولى دافعت عن حسني مبارك شخصاً ونظاماً، وكانت خسارة مبارك تعني خسارة الحارس الشخصي لملفات أساسية ومركزية ثلاثة؛ هي الصراع في فلسطين، والمشهد السياسي العام في المنطقة والتخلي عن الدور وحتى المصالح المصرية، وأخيراً ملف اللاجئين الأفارقة.

وذكر - عزام - أن الثورة الليبية لم تؤدِ إلى نقاش مكثف في "إسرائيل" مع قراءات عامة تضعها في سياق الثورات العربية، وحافظت "إسرائيل" طوال الثلاثة شهور الأولى من الثورة السورية على صمتها، ومنذ الصيف بدأت التقديرات التي تجزم بأن النظام السوري سيسقط خلال عام إلى عام ونصف. وفي ختام حديثه توقع عزام أن يبقى التعاطي الرسمي من قبل نتنياهو وحكومته مع الثورات وتأثيراتها على القضية الفلسطينية منحصراً في الجانب التكتيكي.

وفي ورقة العمل التي قدمها الدكتور "محسن صالح"، ذكر أن الولايات المتحدة شعرت في بدايات الثورات العربية وانتفاضات التغيير بالكثير من القلق والارتباك، في ضوء احتمال خسارتها لحلفائها التقليديين، ولاحتمال تغيُّر خريطة المنطقة بما يتعارض مع استراتيجياتها ومصالحها، غير أنها سعت بسرعة للتكيف مع حالة التغيير وحاولت ركوب الموجة وتوجيهها في مسارات تخدم مصالحها، أو على الأقل تخفف من الأضرار المحتملة قدر الإمكان. ورأى أنه إذا لم يكن لحركات التغيير مصلحة في استعجال المواجهة مع أمريكا، فإنه ليس لأمريكا أيضاً مصلحة آنية في استعداء حركات التغيير، وتوجيه طاقاتها ضدها.

ولكن - صالح - حذَّر في المقابل من مخاطر التبني الإسرائيلي الأمريكي لمشاريع تفتيت المنطقة على أسس طائفية أو عرقية، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن أمريكا عانت في السنوات الأخيرة من مجموعة من المشاكل والمصاعب التي تُضعف قدرتها على التأثير في مسار السياسة الدولية، وقال إنه ربما لا تظهر هذه التأثيرات بشكل قريب ومباشر، لكنها ربما كان لها انعكاسات مهمة في المدى المتوسط.

كما ذكر - صالح - أن سنة 2011 عكست استمرار السياسة الأمريكية الداعمة ل"إسرائيل"، وتراخِي الضغط باتجاه مسار التسوية، حيث ما تزال مؤسسات صناعة القرار الأمريكي تتحدث عن علاقة إستراتجية راسخة مع "إسرائيل"، مضيفاً أن الإدارة الأمريكية حاولت الفصل ما بين التغيرات في العالم العربي وبين انعكاساتها الإيجابية المحتملة على الوضع الفلسطيني؛ وأكد أن الولايات المتحدة ستستمر في هذه المحاولة في سنة 2012، حيث ستحاول منع الأنظمة من القيام بأية إجراءات من شأنها تصعيد العداء مع "إسرائيل"، كما توقع أن تضعف أو تتعطل مسار المبادرات السياسية الأمريكية المتعلقة بفلسطين، بسبب الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

ومن جانبه ذكر الدكتور "مجدي حماد" أن سنة 2011 شهدت بروز مجموعة من أهم التطورات، على نحو مفاجئ، يفترض أن يكون لها دورها المركزي في توجيه الأحداث والتغييرات في المنطقة العربية، وقال إن "ربيع فلسطين" بدأ، أسوة بالربيع العربي، وإن "خريف إسرائيل" قد بدأ، ضمن إشارات ومعطيات لا مجال للتقليل من أهميتها، وأضاف أنه مع الثورات والانتفاضات فإن مسألة "إسرائيل" قبل الانتفاضات والثورات العربيّة غيرها بعدها. وأشار إلى أن فلسطين هي بوابة النفوذ الإقليمي، وأن "إسرائيل" تُواجه تحوّلاً تاريخياً في موازين القوى الإقليمية، بسبب صعود قوى إقليمية، بخاصة إيران وتركيا، ولفت حماد النظر إلى أن الخطط الأمريكية لضم "إسرائيل" لحلف "الناتو" تهدف إلى استخدامها في ممارسة الضغط على الدول العربية، وفي المقابل ذكر حماد أن القيادة الفلسطينية وضعت الاتحاد الأوروبي في وضع صعب حين قررت طلب عضوية كاملة لفلسطين في الأمم المتحدة، كما أشار حماد إلى أن دور روسيا تجاه الثورة السورية يوضح حدود ذلك الدور وقدراته وإمكانياته، وأن فهم وتحليل مواقف الصين وتوجهاتها يكمن في حقيقة أنها تقيم علاقات متميزة في آن معاً مع "إسرائيل" ومع إيران، وأشار إلى أنه ينبغي النظر إلى تطورات القضية الفلسطينية من منظور الوضع الدولي، في ضوء هذه التوجهات الإستراتيجية العالمية، ومراعاة احتمالاتها، وتوقع تراجع القوة الأميركية، وانتقال مركز الأزمات إلى منطقة الخليج العربي.

الختام
وفي ختام حلقة النقاش، شكر الدكتور "محسن صالح" الحضور، منوهاً بما تمت مناقشته من تقييمات وتوقعات لمسار القضية الفلسطينية، آملاً أن تسهم في خدمة القضية والأطراف العاملة لأجلها.

وتجدر الإشارة إلى أن حلقة النقاش هذه تندرج ضمن إطار سلسلة ندوات التقييم الاستراتيجي للتطورات المتعلقة بالقضية الفلسطينية على رأس كل سنة، ومحاولة الاستشراف المستقبلي، وهي تنعقد للسنة الخامسة على التوالي، في أجواء إعداد المركز لتقريره الاستراتيجي الفلسطيني السنوي؛حيث ستشكّل الأفكار والنقاشات التي طرحت خلال الحلقة مادة داعمة للتقرير، الذي يتوقع أن يصدر مع نهاية شهر أبريل المقبل بإذن الله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.