أقامت لجنة الثقافة العلمية بالمجلس لأعلى للثقافة بأمانة الدكتور هيثم الحاج القائم بتسيير أعمال المجلس، ندوة بعنوان "الطب عند الفراعنة"، أدارها مقرر اللجنة الدكتور حافظ شمس الدين، وتحدث فيها عالم المصريات الدكتور وسيم السيسى، الذى قدم عرضًا شيقًا مدعمًا بالصور حول أهم ما وصل إلينا من أسرار علمية تدخل فى التفاصيل الدقيقة لعلم الطب، قد توصل إليها أجدادنا العظماء منذ فجر التاريخ. وأكد عالم المصريات وسيم السيسى على ريادتهم فى علاج العديد من الأمراض والأعراض التى لم يكتشفها العلم الحديث إلا بشكل قريب نسبيًا، مثل علاج النزيف الداخلى، مدعمًا حديثه بصورة أخذت بتقنية الأشعة السينية لجمجمة مصرى قديم قد عُولج من النزيف الداخلى، وأيضًا داء البلهارسيا الذى اكتشفوه، بل واستطاعوا علاجه بأساليب مستنبطة من الطبيعة، بواسطة ما يعرف الآن "بالتحاميل"، وهى تختلف عن أساليب العلاجات الحديثة للبلهارسيا القائمة على الحقن، بما تحمله من نتائج أفضل من حيث عدم نقل العدوى. كما أضاف السيسى أن المصريون القدماء يعدوا أول من ابتكر واستخدام الأطراف الصناعية، مستشهدًا بالساق الصناعية المصنوعة من الأخشاب والمدعمة بالمفصلات الصناعية، التى اكتشفت ضمن التراث الفرعونى والموجودة بأحد متاحف أوروبا، كما أكد أن أجدادنا أول من توصلوا للعملية المعروفة بإزالة المياه البيضاء، وأيضًا زرع العيون الصناعية، مستشهدًا بصورة تضمنت بعض النقوش الفرعونية لمشهد إجراء تلك العملية، وأكمل عالم المصريات حديثه منتقلًا لما يعرف بعملية ختان الذكور، مؤكدًا على عدم إجرائهم لتلك العملية إلا لمن بلغ سن السابعة أو الثامنة أو التاسعة، كما استعانوا بالمخدر الموضعى لتخفيف الألم، مشيرًا إلى ما وصل إليه العلم الحديث من توصيات بعدم إجراء تلك العملية لمن هم دون الثالثة؛ لما يسببه بفقد جزء من الإحساس بالعضو الذكرى، كان لأجدادنا السبق فى معرفته. وأوضح السيسى أنهم لم يعرفوا ختان الإناث بتاتًا، ولكن العبرانيين هم من قاموا بنقل فكرة ختان الذكور من المصريين القدماء ثم طبقوها على الإناث، كما أشار إلى أن المصريين أول من حرم لحم الخنزير، وأول من قام بعملية رد للكتف المخلوع، ورد عظمة الترقوة المخلوعة، والفك المخلوع، وكانت لهم الريادة أيضًا فى استخدام نفس الأساليب التى توصل لها العلم الحديث، مدعمًا حديثه بالصور الموضحة للأساليب المستخدمة عند المصريين وفى العلم الحديث لتقريب مدى التشابه فى الأسلوب العلاجى. وعن طب الأسنان أكد السيسى أن المصريين القدماء كان لهم باع طويل فى هذا العلم، موضحًا أن مبدأهم فى علاج الأسنان كان الإضافة وعدم الخلع، مدعمًا حديثه بصور لفك قد تلقى علاج لتثبيت الأسنان والضروس بما يشبه خيوط من مادة الذهب، قد ربطت بها بغرض تثبيتها فى مكانها دون اللجوء للخلع، كما أوضح أن المصريون القدماء ذكروا زراعة الأسنان مبدين ملاحظتهم أن السن أو الضرس المزروع يلتئم سريعًا، إن كان المتبرع أخًا للمتبرع له، وأوضح السيسى أن هذا شىء متعارف عليه فى العلم الحديث ويرجع للتطابق الجينى الذى يشترط فى حالات التبرع بالإعضاء؛ حتى لا يرفض الجسم العضو الجديد، وعن بعض الكلمات والاصطلاحات التى ترجع للمصرية القديمة أكد السيسى على أن رب الخصوبة "مين"، الذى وردت الإشارة إلية منذ عصور ما قبل الأسرات، وكان نبات الخس يقدم فى عيده، حيث أكد العلم الحديث على أهميته فى تقوية الخصوبة وعلاج العقم، ويعد اسم إله الخصوبة "مين" هو أصل كلمة منوى فى اللغة العربية، وكلمة Semen بالإنجليزية، وعن تخصص أمراض النساء تحدث السيسى مؤكدًا على عبقرية الأطباء المصريين القدماء، الذين اكتشفوا طريقة لاختبار العقم عند المرأة، عن طريق وضع القليل من الثوم بقناتى "ڤالوب"، فإذا مر الثوم خلال قناتى "ڤالوب" يستطيع الطبيب أن يشتم رائحته من أنفاس الحالة، ويتأكد أنها لا تعانى أى انسداد وبالتالى لا تحتاج لعلاج من العقم ويمكنها الإنجاب. وأكد السيسى أيضًا على الأصل المصرى القديم لبعض الكلمات الهامة مثل: دين، حجاز، صام، مشيرًا إلى أهمية عقد جلسة منفصلة لتناول تفاصيل العقيدة المصرية القديمة، حيث أكد السيسى على مصرية العديد من أنبياء الله والصالحين الذين شرفوا بذكرهم فى كتاب الله العزيز مثل إدريس، والخضر، ولقمان الحكيم عليهم السلام جميعًا، ثم انتقل السيسى للحديث عن ما يعرف الآن بعلم العلاج الطبيعى الذى أيضًا لم يخفى على أجدادنا، وقاموا بتطبيقه ودمجه مع الموسيقى المصرية، التى قال عنها أفلاطون: "علموا أولادكم كيف يتذوقوا الموسيقى المصرية؛ فهى أرقى أنواع الموسيقى"، كما قال أيضًا: "ما من علم لدينا إلا وقد أخذناه من مصر". واختتم السيسى حديثه مؤكدًا أن رمز عين حورس هو الرمز المستخدم فى كافة الروشيتات ونراه الآن فى شكل الحرف Rx، استخدمه المصريون القدماء كونه يرمز بالوعد بالرعاية والعلاج وإعادة الصحة للمريض.