استضافت قاعة ضيف الشرف،أمس الأحد، ندوة مُجمعة لعدد من النُقاد المغاربة الفائزين بجائزة كتارا، ضمن فاعليات معرض القاهرة الدولي للكتاب، للاحتفاء بهم،وهم "زهور كرام، حسن المودن، إبراهيم حجري "، وأدارها الندوة الدكتور: محمد الشحات. تحدث كل ناقد عن أعماله، ودارت الكلمات حول الأدب الرقمي، والتحليل النفسي في النقد الأدبي، وصورة الذات في النقد. من جهتها تحدثت الدكتورة زهور كرام، عن أننا نتحدث عربيًا عن النقد وأزمة التفكير خاصة مع المرحلة الملتبسة سياسيًا التي يعرفها العالم العربي، ولهذا عندما نجعل النقد جائزة فإننا ندعو للتفكير في التفكير والإنشغال بالتفكير. ولا يستقيم التخييل الروائي والكتابة الروائية في غياب الوعي بنقدها أي التفكير فيها. وفي ردها على سؤال الدكتور: محمد الشحات حول ما إذا كان الأدب الرقمي سيصمد أمام الأدب الورقي؟ قالت: نحتاج أولاً في المشهد العربي إلى الوعي العلمي والمعرفي بالأدب الرقمي. لم نعرف بعد تراكماً في النصوص الأدبية الرقمية في التجربة العربية، لهذا لا نستطيع أن نتحدث عن صمود أو تراجع. لكن الأدب الرقمي ليس ظاهرة تبدأ ثم تتلاشى، لأنه استمرار للأدب الورقي وليس ضده. لهذا، هناك أسئلة يمكن طرحها مثل: لماذا ليست لا نمتلك نصوص رقمية كثيرة في الوقت الذي نستعمل فيه التكنولوجيا؟ لماذا نتحدث عن الأدب الرقمي أكثر من كتابته والتعبير به؟ هل هذا الضعف في التراكم يُعبر عن علاقتنا بالتكنولوجيا، باعتبارها لا تزال مادة للاستهلاك أكثر منها للإنتاج؟ هذه بعض الأسئلة التي يجب الاشتغال بها، لكي نُرتب علاقتنا بالتكنولوجيا. الأدب الرقمي هو استمرار وتطور للأدب بطريقة مختلفة، وبالتالي يفترض تلقياً مختلفاً- بحسب قولها. وفي كلمته تحدث الدكتور، حسن المودن، عن كتابه الفائز بجائزة كتارا، مشيرًا إلى أنه يندرج تحت نطاق النقد النفسي الجديد، بخلاف كتب النقد النفسي التقليدي؛ فغالبًا ما يتم استقبال الدراسات النفسية للأدب بنوع من الحذر والاحتراس، وذلك لأن النقد النفسي التقليدي نجح إلى حد ما في نشر فكرة سلبية عن التحليل النفسي للأدب، فهو نقد يفسر العمل الأدبي بالصراعات اللاواعية للكاتب أو الشاعر كما يكشفها تاريخ طفولته. وبهذا كان النقد النفسي استنساخا لمفهوم معين للمعالجة النفسية التي تهدف إلى اكتشاف عناصر صدمة مكبوتة، وإلى إبراز الصراعات الغرائزية، ولهذا نجد هذا النوع من النقد النفسي يبحث في العمل الأدبي عن العناصر المسببة للأمراض التي تكشفها بعض المعطيات البيوغرافية، مركزًا اهتمامه على الهيمنة المرضية لبعض الثيمات أو الصور أو الرموز، محاولا إقامة علاقة بين المظاهر الباتولوجية لشخصية المبدع وبين محتوى الأثر الأدبي. لكن حال الاستقبال الآن قد تغير، وخاصة في النقد الغربي المعاصر، والفرنسي بالأخص، بعد أن انتقل الاهتمام من لاوعي المؤلّف إلى لاوعي النص، وبعد أن صار الانشغال منصبا على هذا التفاعل الذي يحصل، ليس بين النص ولاوعي مؤلِّفه، بل بين النص ولاوعي القارئ إلى حد يمكن معه القول إن الناقد عندما يقرأ النص الأدبي، فهو لا يقرأ النص أو كاتبه فحسب، بل إنه، وهو يقرأ النص الأدبي، يقرأ ذاته أيضا. وإذا كانت هناك من دروس يمكن أن نستفيدها من المحلل النفسي، فهو أنه يحسن الإصغاء إلى نص مريضه، وهو لا ينفصل عن هذا النص عندما يغادر مكتب عيادته، بل إنه يبقى منشغلا به باستمرار، والأكثر من ذلك أن من الضروري أن يقع التحول، وأن يقع التفاعل بين لاوعي المحلل ولاوعي نص مريضه، وأن يعرف المحلل كيف يقود هذا التفاعل إلى ما يفسر النص الإنساني. وفي كلمته أشار الروائي والناقد المغربي: إبراهيم حجري، إلى أن كتابه الذي تقدم به للجائزة دار حول صورة الشخصية الرئيسة، إنطلاقًا من الأدب المقارن، وتابع: من متابعتي للأعمال الروائية العربية، تصور لي وجود مشكلة كبيرة فيما يخص تصورالكاتب حول صورة الذات، في تعانقتها مع الشخصية الرئيسية في العمل الروائي، فدائمًا ما تكون هذه الصورة ملتبسة بالأنا وملتبسة بالآخر. وهذا الانشغال يجعلنا في قلب ما يسمى بالانشغال بالهوية، الذين يصب بنا هو الآخر فيما يسمى بالأدب المقارن، خاصة وأن مشكلة الهوية أصبحت إشكالية كبيرة ومتشعبة مابين الأدب المقارن والتحليل النفسي وغير ذلك. وقد حاولت في الدراسة أن أتناول كل تلك الإشكاليات الموجودة في العالم العربي من المحيط إلى الخليج، حيث تناولت الروايات المؤسسة لتلك الإشكالية بداية من روايات عبدالله العروي بالمغرب ونجيب محفوظ بمصر، وصولاً إلى الروايات الشبابية الحديثة. وفي ختام كلمته أشار حجري إلى أنه في نهاية دراسته، استنتج أن الكاتب حينما يرصد الشخصية الرئيسية في عمله الروائي، يكون منشغلاً بوضعه الشخصي وبوضع الإنسان العربي بشكل عام في صراعاته المتعددة بين الواقع والمجتمع.