أكتب هذا المقال فى وقت تشير فيه المؤشرات الاولية للمرحلة الاولى من الانتخابات البرلمانية الى تقدم قوى الاسلام السياسى فى مصر فى محاولة منى للنقاش معها حول اولويات المرحلة المقبلة من تاريخ مصر ولعى اوجز كلامى فى النقاط التالية فى محاولة منى لاهمس فى اذن قوى الاسلام السياسى : أولا : إن الاغلبية التى حصل عليها التيار الاسلامى فى المرحلة الاولى تشير بلا شك الى ان هذه القوى ستحصل على مثلها فى المرحلتين التاليتين على الاقل وهو ما يعنى ان الشعب المصرى وثق فيها وائتمنها على مستقبله فى هذه المرحلة الدقيقة رغم انه يعلم حجم المخاطر التى ستتعرض لها الامة جزاء وصول المشروع الاسلامى الى حكم بلد هى الاكبر فى المنطقة وهى بالمصادفة قلب العالم الاسلامى ولذا على تلك الثوى ان تدرك ان ثقة شعب مصر فيها تحملها مسؤلية عظمى فهذا المشروع الاسلامى ان سقط على يديها فى مصر سيعنى ان اى مشروع اسلامى سياسى فى العالم العربى والمنطقة على الاقل لن يصل الى النور قبل قرن على الاقل .
ثانيا : كل المسلمون يعلمون يقينا ان الاسلام هو الحل لما نمر به من ازمات وتراجع حضارى وانهزامية وتفكك وتخلف وهى الحالة التى نعيش فيها منذ ثلاثة قرون على الاقل ولكن السؤال الذى ينبغى على الجميع – اقصد تيارات اسلامية وشعب – التوافق على اجابة استراتيجية عنه هو كيف يكون الاسلام هو الحل ؟؟ اى كيف ننقل الشعار الى التطبيق العملى وكيف نحوله من شعار انتخابى الى واقع حقيقى فى دنيا الناس , كل هذا يستدعى ضرورة وجود رؤية استراتيجية عامة لدى قوى الاسلام السياسى تستطيع عن طريقها تغيير واقع مصر الى الافضل لان العالم كل العالم سيحكم على الشعار من نتائج تجربة الاسلاميين فى حكم مصر .
ثالثا : ان على قوى التيار الاسلامى فى مصر اخوانا وسلفيين ان تدرك ان خلافاتها البينية ليست محل نقاش عام بعد اليوم وان عليها ان تنتقل من مرحلة شغل الراى العام بتمايزاتها عن بعضها الى مرحلة تجعل فيه شغلها الشاغل هو نهضة مصر وكيف يمكن القضاء على الفقر والامية واحداث نهضة علمية كبرى تنقل مصر الى مصاف الدول العظمى وكيف يمكن صناعة تجربة اسلامية بصبغة مصر تكون نموزجا يحتذى فى امكانية الجمع الدين والدولة بعد ان غاب هذا النموزج الرائع قبل قرون بغياب المسلمين الرائعين .
رابعا : على القوى الاسلامية ان تدرك ان طريقها ليس مفروشا بالورود كما لم يكن كذلك فى اى وقت مضى فلا القوى الكبرى تريدها وبعض القوى الداخلية تؤمن بمشروها وان حجم الصعوبات التى ستتعرض لها سيكون اضعاف الصعوبات التى كان يمكن ان تتعرض لها اى قوى ليبرالية تصل للحكم ولكن رغم كل ما ذكرنا الا ان هذا لن يكون كافيا لتبرير اى فشل قد تتعرض له ولذا فان عليها الحيطة والحذر والعمل بدأب لانجاح مشروع يمر بتجربة فاصلة فى حياته .
خامسا : إن جماعة الاخوان المسلمين عليها المسؤلية الاكبر فى المرحلة المقبلة فهى الاقدم والاكثر خبرة ودراية بالسياسة بحكم التاريخ الطويل لها منذ اسسها الامام الشهيد حسن البنا وعليها ان تعامل رفيقها السياسى وهو حزب النور بلا استعلاء او ابوية زائدة وعليها ان تاخذ بيده لصناعة مشروع اسلامى لن يقبل له الا ان يكون ناجحا وليس لديه اى رفاهية للاختيار بل العدو امامه والبحر من خلفه وهما هنا ليسا جيشا سيتحمل مسؤلية نفسه وفقط بل انه سيتحمل مسؤلية امة ومستقبلها علقت طموحاتها وامالها والامها بها وعلى التيار السلفى ممثلا فى حزب النور ان يدرك واظن انه يدرك ان الاخوان سلفيون مثله يؤمنون بما يؤمن به وان اى خلاف تيكتيكى لا يجب ان يكون مدعاة لفرقة او شقاق لان اعدائكم ينظرون الى اى كل الاسلاميون رجل واحد منهجهم واحد ولذا لا تحولوا نظرة الاكبار التى ينظر بها اعدائكم اليكم الى نظرة شامتة .
سادسا : ان الاسلام يمر اليوم بمحنة كبرى فكثير من الدول الاشد فقرا اسلامية وكثير من الدول المصابة بمجاعات اسلامية والكثير منها تضرب فيه الامية والجهل والمتعلمون فيه انصاف جهلاء والنخبة فيهم من اشباه العامة ونكاد لا نجد من بيننا من يصنع لنا شيئا واحدا يكفينا عن سؤال الغير والاستيراد منه وفى مجال الزراعة والصناعة والعلوم ما يكفى للتدليل على ما نمر به من ضعف وتكالب الاعداء علينا كل هذا يفرض على التجربة الاسلامية فى مصر ان تضع كل هذا فى اعتبارها فعليها ان تقدم للامة الاسلامية نموزجا حقيقيا للاحتزاء بحيث تنفض عنها غبار الماضى البغيض لتتجه نحو الخلافة الاسلامية الراشدة مرة اخرى .
سابعا : على القوى الاسلامية بكافة اطيافها ان تدرك ان عامل الزمن اصبح له الاهمية الكبرى وان عدم الاعتبار لعنصر الزمن لدى بعض تلك القوى والذى كان سائدا فى الماضى كافيا لاسقاط اى مشروع اسلامى فى زمن بسيط فالشعوب اليوم ترى عبر الوسائط المتعددة شعوبا تجاورها تقدمت وازدهرت فى سنوات بسيطة قد لا تتجاوز اصابع اليد الواحدة فها هى البرازيل تدخل مجموعة العشرين والتى تضم الاقتصاديات الاكبر فى العالم بعدما كانت تعيش فى فقر مدقع وها هى كوريا الجنوبية وسنغافورة وجنوب افريقيا وغيرها تتقدم نحو ازدهار اقتصادى غير محدود وشعوبنا تتطلع لان تكون مثل هذه الدول وترى ان قدراتها تمكنها من ذلك وسترى فى الاسلاميين ضرورة ان يكونوا القنطرة التى يعبون بها الى هذا التقدم وباسرع وقت وهذا هو الامتحان الصعب
أيها الاسلاميون الشعب وثق بكم وانتم اهل للثقة فلا تخزلوه .