بقلم صلاح بديوي في وقت كان يقام له حفل لوداعه، وتسليم مهام منصبه لمن سيخلفه ،بعد ان تقاعد من هذا المنصب الحساس ،وذلك اواخر العام الماضي ،وقبيل قيام ثورة 25يناير المجيدة بوقت قصير،وقف اللواء عاموس يادلين، الرئيس السابق للاستخبارات الحربية الإسرائيلية «أمان» ،يخاطب الاسرائيليين في مراسم تسليم مهامه للجنرال «أفيف كوخافى» فقال بالنص ما يلي:«مصر هى الملعب الأكبر لنشاطات جهاز المخابرات الحربية الإسرائيلى، وأن العمل فى مصر تطور حسب الخطط المرسومة منذ عام 1979».
وأضاف اللواء يادلين وفقاً لما نقلته وسائل اعلام اسرائيلية وقتها: «لقد أحدثنا الاختراقات السياسية والأمنية والاقتصادية والعسكرية فى أكثر من موقع، ونجحنا فى تصعيد التوتر والاحتقان الطائفى والاجتماعى داخل مصر، لتوليد بيئة متصارعة متوترة دائماً، ومنقسمة إلى أكثر من شطر في سبيل تعميق حالة الاهتراء داخل البنية والمجتمع والدولة المصرية، لكى يعجز أى نظام يأتى بعد حسنى مبارك في معالجة الانقسام والتخلف والوهن المتفشى في مصر».
هكذا قالها الرجل بوضوح واستمعت اليها اجهزتنا وحكامنا بمصر وقتها ،والكل أكل سد حنك وأصيب بالصمم والبكم ،ولم ينطق احدا منهم كلمة واحدة ،ردا علي ما قاله المسئول الاسرائيلي ،علي الرغم من خطورة ما قاله ،وكنت اتمني وقتها ان يخرج رجلا من فلول نظام مبارك ،ينفي ما قاله يادين او يكذبه ،او حتي يؤكد من خلال مجريات الواقع كذب ما قاله.
لكنهم جميعا التزموا الصمت،ورحل مبارك متنحيا،اثر الثورة المجيدة التي خلعته،ومنذ رحل نري الفوضي ونري الفتنة الطائفية،ونري من يديرون الوطن يسلمون جواسيس تل ابيب تباعا،الذين اتهموا في هذا الأختراق،يسلمونهم بعد ان قبض عليهم رجال امننا القومي،بينما يقف الموساد ورجاله ،ويقف حكام اسرائيل سعداء للغاية ،ويقولون هل من مزيد ،وهم يتمنون ان تستمر مصر في حالة فوضي والي الابد .
وهنا نتوقف لنسجل لرجال امننا القومي ،انهم كانوا يعلمون بكل الاختراقات الصهيونية ،لكن القرار السياسي ،منعهم من التصرف ،فظلوا علي مدار العقدين الماضيين يلعبون لعبة حلق حوش في مواجهة ،هذا القرار السياسي الخياني ،الذي سخر توجهات الدولة المصرية لخدمة مخططات الحلف الصهيوني الامريكي .
والمدهش ان القرار السياسي لايزال يسير علي منهاج الرئيس المتنحي حسني مبارك حتي الان ،مع القليل من التغيير من اجل وضع الرماد في العيون ،كما يقول المثل العامي ،وذلك يتضح من خلال اللقاءات المتواصلة بين من يديرون وطننا ،والمبعوثين الاسرائيليين المتدفقيين علي القاهرة ،ولن ننسي ابدا ً ان من يديرون وطننا قدموا شبابنا للمحاكمة العسكرية، لان هؤلاء الشباب الابطال ،تحركوا دفاعا عن كرامة الوطن،واقتحموا سفارة تل ابيب ،وانزلوا علمها،عندما قتلت تلك الدويلة الاستعمارية جنودنا الستة قبيل شهور .
وعندما نعترض علي سياسات المجلس العسكري، يخرج علينا رجال الاجهزة الامنية،والذين دمروا الوطن بنفاقهم خلال عقود وسنوات حكم المتنحي مبارك،يخرجون علينا بالسنتهم النجسة ،ويبخون سمومهم ،تطاولا وجهلا وعدم معرفة بالحقائق لا لشيء ،الا ..من اجل أرضاء حكام عاشوا غالبية حياتهم ،يلعقون احذية الخارج من اجل حياة كريهة ذليلة،رهنوا خلالها كرامة وسيادة مصرلعدونا،وباعوا امننا القومي بثمن بخس ،وباتوا يتلقون الصدقات من الخارج بأسم مصر ،ويستولون عليها لأنفسهم ،ومصر بريئة من صدقاتها .
والي هؤلاء الصغار نقول ،ان العبد لله والمنبر الحر الذي يعبر عنه ،لايهمنا الا مرضاة الله سبحانه وتعالي اولا ،وخدمة وطننا العظيم مصر ،وعندما احسن المجلس العسكري وقفنا معه،حتي ان البعض اعتقد خطأ اننا مجرد بوق له ، وعندما اخطأ واصاب اوضحنا له خطأه،فظهر لنا بعض الصغار يسبوننا .
لكن عندما يصبح هذا المجلس مصدر تهديد للوطن ،ومثار فتنة اوصلتنا لمشارف حرب اهلية ،وعندما يقف صامتا والفوضي تعم الوطن ،وعمليات القتل والسلب والنهب ،وعندما تعتدي شرطته المدنية والعسكرية علي ابناء شعبنا ،وتلصق تلك الاعتداءات ببلطجية ،تلك الكلمة الكريهة التي بات المجلس العسكري يطلقها علي كل من يعترض علي سياساته ،ويقدمه للمحاكمات العسكرية ،عندما تحدث تلك الممارسات فلابد ان نقول للمجلس هذا فراق بيننا وبينك.
وهنا ينتفض صغار هذا المجلس ،المتحالفين مع فلول النظام السابق ،لكي يرموننا بما ليس فينا ،فنحمد الله ان هذا المنبر ،وان هذا الموقع ،علي راسه ويملكه رجل عصامي أحسبه فوق مستوي الشبهات ،كما ان العبد لله وهب كل اجتهاداته خالصة لوجه الله ،ولايهمه في هذه الحياة الدنيا الامرضاته ،ويسألني صديقي ابوحذيفة والذي يخجلني بما يغدقه علي من اوصاف ،بينما العبد لله مجرد مجتهد لمرضاة الله ،ابوحذيفة يسألني لماذا يصر شباب الثورة علي اقتحام وزارة الداخلية ،واجيبه ان هذا ليس بصحيح ياصديقي ،كل ما هنالك انهم يتمركزون في شارع محمد محمود لكي يصدون محاولات جنود الشرطة العسكرية والمدنية المتواصلة للهجوم عليهم واقتحام الميدان ،ومن يقولون انهم يريدون اقتحام الداخلية ، فلول نظام مبارك بتلك الوزارة.
ويسألني ابوحذيفة عن اخواننا المسيحيين اين هم ،ولماذا يصمتون ،واجيبه ما الجديد هنا ،فعلوها في الموجة الاولي من الثورة ،وعندما نجحت الثورة نزلت اعداد منهم من اجل اثبات الوجود ، ثم اشعلت منهم عناصر بالمهجر الفتنة الطائفية من اجل مكاسب ذاتية للأسف،وعموما هم اخواننا وديننا يأمرنا بودهم لأنهم اشد الناس مودة لنا ،ولافارق بيننا كلنا ابناء هذا الوطن وسندافع عنه ونحميه ونحميهم ،هكذا امرنا الله سبحانه وتعالي، وامرنا نبينا العظيم محمد ابن عبد الله صلي الله عليه وسلم .
ولاتقلق ياصديقي ابوحذيفة علي مصر المحروسة،كريمة الاديان ،وكنانة الله في ارضه، ستتجاوز مصر كل ماحدث وتعود عملاقة خلال فترة وجيزة ،تعود حرة وقوية، وسنورث اولادنا وطنا حرا ابوحذيفة ترفرف فوقه رايات العدالة واحترام الحقوق الادمية والتعددية الحقيقية والحرية ،و مصر "الجديدة" كما كانت في الماضي مقبرة للغزاة ،ستكون بعد 25يناير مقبرة للطغاة ،سنورث اولادنا وطنا حرا ...ياه...انه ..اغلي ميراث ...أنه حلم عمر ياصديقي ،بات علي و شك التحقق ،وهو الحلم الذي يدافع عنه رجال التحرير وميادين مصر الان،يدافعون عن مستقبل حققوه بالدماء والتضحية والشهادة.