أكد وزير الخارجية الصيني وانج يى على أن الصين والدول العربية يستطيعا أن يعملا معا يدا بيد لخلق مستقبل أفضل لعلاقتهما ولصداقتهما التقليدية التي تضرب بجذورها في التاريخ على الرغم من بعد المسافة الجغرافية الفاصلة بينهما. وقال في رسالة وجهها إلى العالم العربي من بكين قبل ايام قليلة من بدء الزيارة التاريخية للرئيس الصينى شى جين بينغ للمملكة العربية السعودية ومصر، أن ما يميز تلك العلاقة الطويلة الأمد هو تمسك الجانبين الصيني والعربي بمبادئ الإحترام المتبادل، والمعاملة الندية، والمحافظة على مشاعر الأخوة والصداقة والشراكة مهما تغيرت الأوضاع الدولية هذا فضلا عن التاريخ المشترك ودعم الجانبين لبعضهما البعض أثناء الصراع من أجل حماية كرامة الأمة وحماية سيادة الوطن. وقال فى رسالته الموجهة من خلال صحيفة "الشعب اليومية" الصينية الواسعة الانتشار والتى تعد الناطق بلسان الحزب الشيوعى الصينى الحاكم، ان هذا العام يوافق الذكرى السنوية ال60 لبدء الصين علاقاتها الدبلوماسية مع الدول العربية.. وبهذه المناسبة التاريخية، أصدرت الحكومة الصينية وثيقة رسمية هي الأولى من نوعها التي تصدر حول سياسة الصين تجاه العالم العربى، استعرضت خلالها الروابط التاريخية التي تجمعها بالدول العربية، والسياسات ومجالات وآفاق التعاون المشترك. وأوضح الوزير أن وثيقة السياسة الصينية تجاه الدول العربية تضمنت 6 أجزاء كبرى، بما في ذلك تعميق العلاقات الإستراتيجية الصينية العربية، والسياسة الصينية تجاه الدول العربية، ومنتدى التعاون الصيني العربي والتحركات اللاحقة، وعلاقات الصين مع المنظمات العربية وغيرها من الأقسام. وأشار الى ان الوثيقة قامت بتحديد واضح لعلاقات التعاون الإستراتيجي الصينية العربية في 5 مجالات رئيسية بناء على"التعاون الشامل، والتنمية المشتركة"، في تخطيط التعاون والتبادل في مجالات السياسة والإقتصاد والتجارة والتنمية الإجتماعية والتبادل البشري، والسلام والأمن. وقال "شهدت ال 60 سنة الماضية إستمرارا وتطورا للصداقة الصينية العربية، حيث أصبحنا شركاء سلميين على أساس الثقة المتبادلة، وشركاء في التنمية على أساس المنفعة المتبادلة والفوز المشترك، وشركاء حضاريين على أساس الاندماج، وحققنا قفزة تاريخية في مختلف مجالات التعاون عمقا وعرضا، وأصبح الجانبان نموذجا آخر للتعاون بين دول الجنوب". وأكد وانغ يى ان الصين تتمسك بدعم عملية السلام في الشرق الأوسط، ودعم القضية العادلة للشعب الفلسطيني، منوها بما تقدمه الدول العربية من دعم ثمين للمصالح الكبرى والقضايا الجوهرية للصين، ومشيدا بما تلقته الصين من مساعدات هائلة من الدول العربية إبان كارثة زلزال ونتشوان ... وأشار الى انه في الوقت الحالي، أسست الصين مع 8 دول عربية علاقات إستراتيجية مختلفة الأشكال، وأسست آلية للحوار الإستراتيجي مع مجلس التعاون الخليجي. وقال وزير الخارجية الصينى ان الجانبان الصيني والعربي يتمسكان بالمصالح المتبادلة والفوز المشترك والتنمية المشتركة ... وسيسعى الجانبان إلى تحقيق المصالح المشتركة والتنمية المستدامة مهما كانت ظروف التنمية التى يمر بها كل طرف. و اشار الى انه من يناير الى سبتمبر 2015 ، بلغ قيمة التبادل التجاري بين الصين والدول العربية 155.3 مليار دولار، كما إستوردت الصين من الدول العربية 110 مليون طن من النفط الخام، بزيادة سنوية 4.6%. وأصبحت الصين ثاني شريك تجاري للدول العربية، وأول شريك تجاري ل9 دول عربية. وأشار الى أن الدول العربية هي أكبر مزود للصين بالنفط الخام وسابع شريك تجاري لها، كما تعد سوقا هامة بالنسبة للصين في عقود الإنشاء والإستثمار، مضيفا ان التعاون الصيني العربي في مجالات المال والفضاء والطاقة الجديدة وغيرها من القطاعات الناشئة أظهرت مؤشرات تطور جيدة. وأعرب عن سعادته بما حصلت عليه المبادرات الصينية حول التعاون الصيني العربي في بناء "الحزام والطريق" وإنشاء بنية التعاون على صيغة "1+2+3"، وتعزيز التعاون في طاقة الإنتاج من تجاوب عربي جيد، وكذلك بالمستوى غير المسبوق الذى وصل اليه التعاون الإقتصادي والتجاري بين الصين والعالم العربي. وقال :"إن الجانبين الصيني والعربي يعملان على تعزيز الحوار والتبادل والتعلم الحضاري المتبادل، كما يتبادل الجانبان إحترام النظام الإجتماعي وطريق التنمية بغض النظر عن الإختلافات الإيديولوجية" ، مشيدا بما يربط بين الشعبين الصيني والعربي من صداقة راسخة وقديمة، وبما يشهده التعاون بين الجانبين على مستوى الأحزاب والشباب والسياحة والتعليم من تطور مستمر. وثمن كذلك على الجهود التى يبذلها الجانبان لتعزيز التعاون متوسط وطويل المدى بينهما على المستوى الثقافي والإعلامي والتدريب وغيرها من المجالات. واستطرد الوزير الصينى قائلا فى رسالته الموجهة الى العالم العربى انه يوجد في الصين اليوم أكثر من 20 جامعة تدرس اللغة العربية، وقامت 9 دول عربية بإفتتاح 11 معهد كونفوشيوس للترويج اللغة الصينية ومختلف الانشطة الثقافية و5 قاعات كونفوشيوس، وبلغ عدد الطلاب العرب الذين يدرسون في الصين في كامل العام أكثر من 14 ألف طالب. وأصبحت 11 دولة عربية وجهة سياحية للسائحين الصينيين، وهناك 183 رحلة جوية أسبوعيا تربط الصين بالعالم العربي، وتفوق زيارات الأشخاص المتبادلة بين الجانبين أكثر من 1.02 مليون شخص. وأشار الى انه في ذات الوقت، تقدم الصين برامج تدريبات لأعداد كبيرة من الإخصائيين العرب، وأرسلت أكثر من 8980 شخصا في إطار بعثات طبية إلى 8 دول عربية. وقال ان مسيرة التنمية الفريدة في العلاقات بين الجانبين على مدى ال 60 سنة الأخيرة، أظهرت أن الصداقة الصينية العربية تنبع من تقاليد الصدق والود والعرفان في ثقافة الجانبين، كما تنبع من مبادئ الإستقلال والسيادة والإحترام المتبادل التي يتقيد بها الجانبين، ومن رسالتنا المشتركة في التنمية الإقتصادية وتحسين معيشة الشعب. وأشار إلى انه وفي الوقت الحالي، تدخل الصين مرحلة حاسمة لبناء المجتمع الرغيد حيث يعمل الجميع بكل جهد على تحقيق حلم نهضة الأمة الصينية.