قصة "ميمون يصنع طائرة" حببتني في السفر أحببت التجربة تيمنا بالرحل مصطفى محمود الشباب في مصر كسول وما يقال عن أفريقيا كذب دخلت السودان بختم ولا يوجد تأشيرة زنجبار الأولى عالميا في تجارة القرنفل والتوابل إسرائيل في كل القارة وإثيوبيا محرمة على المصريين العالم كتاب من لم يسافر لم يقرأ فيه غير صفحة واحدة الكثير من الشباب يحلم بالسفر والهجرة إلي أوروبا للبحث عن العمل أو لمجرد الخروج إلي مكان جديد، ولكن الوضع هنا مختلف فهو شاب قرر أن يخوض مغامرة من نوع آخر وهي الترحال داخل الأدغال الأفريقية. محمد مؤمن رحالة مصري وصفه الكثيرين بأنه ابن بطوطة العصر الحديث، سافر إلى أفريقيا في رحلة لمدة 28 يوما زار فيها أغلب البلدان الأفريقية. في حواره مع شبكة الإعلام العربية "محيط" يكشف الرحالة المصري، كيف ذهب في رحلة برية من القاهرة إلي جنوب أفريقيا، وما المدن التي زارها وكيف توغل العدو الصهيوني في بلدان القارة، وما الدولة الأفريقية الوحيدة التي لم يستطع دخولها، وما الثقافات والعادات والتقاليد التي شاهدها خلال رحلته. وإلى الحوار: بداية.. كيف بدأت معك فكرة الترحال ومتى كانت أول رحلة؟ أنا خريج هندسة قسم تعدين وبترول أهوي السفر والترحال منذ أن كنت طالبا في الثانوية العامة، لاكتشاف العالم الخارجي ومعرفة الجديد ويرجع السبب في ذلك ل"ميمون يصنع طائرا". سيطرت بداخلي فكرة الهروب والهجرة كأي شاب، وبحثت عن كل وسيلة تسهل لي ذلك، ولكني تخليت عن فكرة العيش خارج البلاد بعد سفري لمدة شهر إلى سويسرا أثناء دراستي الجامعية فلم أفكر الاستمرار بها. وما قصة "ميمون يصنع طائرة" ؟ "ميمون يصنع طائرة" كان أحد دروس اللغة العربية في المرحلة الابتدائية ويحكي قصة قرد صنع طائرة لكي تساعده لزيارة عجائب الدنيا السبع، هذه القصة أثرت في كثيرا وجعلتني أهوي السفر والتجوال بشكل كبير. ولماذا لم تستمر في سويسرا ؟ أدركت تماما أن كل البلاد فيها الجميل والقبيح، وبها الكثير من المشاكل بالطبع مصر لم تكن أحسن حالا من سويسرا، ولكنها أفضل بالنسبة لأي شخص من بلد آخر، وتيقنت أن هناك الكثير من الأشياء المعنوية التي لا أستطيع الحصول عليها إلا في بلدي. متى بدأت العمل التطوعي ؟ عام 2003 ووقتها لم أفكر في الترحال كنت أسافر إلى بلاد كثيرة، ولكن ليس للترحال، و من خلال عملي التطوعي في "صناع الحياة" قمت بزيارة محافظات مصر بمراكزها مما جعلني أتعود على المسافات الطويلة. ولماذا فكرت في الترحال إلى أفريقيا؟ رحلتي لأفريقيا بهذا الشكل كانت الأولي وكانت مغامرة أحببت تجربتها تيمناً بالدكتور مصطفي محمود الذي ذهب لمؤتمر في ناميبيا وخلال عودته قرر الرجوع إلى القاهرة مستقلا المواصلات المحلية وهو المصري الوحيد الذي أجري هذه التجربة، ولكن أول من بدأ مثل هذه الرحلات الغرب في القرنين ال 17 و18 بغرض ديني لنشر المسيحية، ولم تكن الطرق بالسهولة المعروفة الآن. وأحببت تجربة مغامرة الذهاب من القاهرة "لكيب تاون" بالمواصلات، حيث أن هناك آلاف من الأوربيين قاموا بهذه الخطوة، ولذلك قررت أن أقدم على هذه الرحلة ربما بدافع الغيرة من أناس ليسوا من القارة، ولكنهم يحرصون على اكتشافها ونحن من أهلها ولا نفعل ذلك. وماذا كانت أهدافك من تلك الرحلة؟ هناك قاعدة فقهية تقول "الحكم على الشيء فرع عن تصوره" وتعني لابد من فهم الأشياء للحكم عليها، فكان أهم أهدافي أن أتعرف على قارة أفريقيا هل بها دول فقيرة ومتخلفة ويجتاحها الجوع والمرض كما تعودنا أن نعرف عنها، أم أن الوضع مختلف فكان هذا السبب الرئيسي وهو طموحي في أن أرى إفريقيا. كما أن الشباب في مصر يتعاملون بمنطق "لأقعدن على الطريق وأشتكي وأقول مظلوم وأنت ظلمتني" بمعني أنهم يتناحرون لأسباب سياسية واجتماعية واقتصادية ومشغول بمعارك وهمية ويجد أن العمر ضاع منه دون جدوى، فكنت أهدف إلى إيجاد سبل أخرى لاكتشاف العالم. وهل نجحت في الوصول إلى أهدافك ؟ إلى حد كبير فاكتشفت أن ما يقال عن إفريقيا كذب، وغير حقيقي فهم ليسوا بالدول المتقدمة بشكل كبير ولكنهم أفضل من حالنا في أشياء كثيرة، وهناك بعض الدول الإفريقية تحصد مراكز متقدمة في مؤشرات التنمية البشرية عن مصر والبلدان العربية، كما أنني وجدت أنه من السهل على الشباب إيجاد فرص للعمل في أفريقيا فهي أرض مليئة بالخيرات. وكيف كانت إجراءات دخولك للسودان ؟ دخلت السودان بختم ولا يوجد تأشيرة, لا يُعامل المصري في السودان معاملة الأجنبي في المعاملات التجارية ويعامل كأنه مواطن سوداني، فمصر لديها مع السودان اتفاقية تسمي "الحريات الأربعة" ولا نستغلها وهي أن المصري له حرية التنقل والتملك والإقامة والعمل داخل السودان ومازالت الاتفاقية مستمرة حتى الآن، ولكن احتمالية إلغائها أكبر من استمرارها ونحن في المقابل لا نعطيهم هذا الحق فالسودان بها خيرات عديدة ولذلك سميت بسلة غذاء العالم لأنها تستطيع إطعام العالم بأجمعه. صف لنا كيف كانت طرق المواصلات المحلية في رحلتك إلى بلاد أفريقيا ؟ إفريقيا يربطها طريق بري، فمن أسوان يوجد أتوبيس ينقلك للخرطوم ببساطة ومنها تبدأ طرق كثيرة للرحلة داخل أفريقيا، وأنا اخترت أصعبهم من خلال جنوب السودان وكان الموضوع بسهولة شديدة ليس معقدا كما يعتقد البعض، ولكنه يحتاج دراسة ومذاكرة للقارة وبلادها وطرق المواصلات التي اكتشفت أنها متوفرة بكثرة. وماذا عن جنوب السودان ؟ جنوب السودان أكثر بدائية فهى بلد مخيفة وسيئة وصعبة للغاية، لم استمر بها سوي يوما واحد رغم أنها مليئة بالخيرات التي يجب استغلالها، وذلك نتيجة لتهميش منظم سواء من الإنجليز وبعدها حكومات شمال السودان والتواجد الإسرائيلي مكثف بها ليت العرب يتخذونها عبرة. هل لمست هذا التواجد الإسرائيلي في البلاد الأفريقية ؟ بالفعل التواجد الإسرائيلي في كل مكان في إفريقيا وحتى المحال وفي تنزانيا على سبيل المثال، شاهدت سائق التوكتوك معلقا علم إسرائيل ويوجد متحف في اوغندا به علم إسرائيل، فلا يوجد علم آخر غير علم الدولة, وعلم إسرائيل، فالكثير منهم لديهم حلم العمل داخل إسرائيل بشكل كبير. ولا يوجد سوي قبائل "المسايا" وهم في أوغندا، وكنيا، وتنزنيا غير منخرطين في المجتمع يحكمهم العرف والحياة البدائية وهم ليسوا مسلمين، لكنهم كانوا سببا في عدم تمركز اليهود في منطقتهم، وهو ما جعلهم يبحثون عن مكان آخر ليكون فلسطين. وفي رأيك لماذا يغلب التواجد الإسرائيلي في القارة ؟ هذا نابع من أناس اهتمت بشكل كبير بالقارة، ونحن تركناها، فالمصريين يزدرون الأفارقة ويعاملونهم معاملة سيئة مع أننا من قارة واحدة، والحكومات المصرية دمرت وجودها في إفريقيا ولجأت لبدائل أخرى لا جدوى لها و أوسعت المكان لأعدائها لا نهتم في إعلامنا بأفريقيا بل نتشاجر معهم ونهددهم بالطائرات. وكيف نعيد التواجد المصري بأفريقيا من وجهة نظرك ؟ من خلال الاهتمام الإعلامي بهم واستعادة دور الإذاعات الموجهة للوصول إليهم، وعن طريق إقامة ببعض المشاريع والمدارس وإهدائها وتجميل أحد ميادينهم، كما يفعل الألمان، وكما فعل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، فهناك شارع يسمي القاهرة متواجد في معظم البلاد الإفريقية. وهل قابلتك صعوبات خلال سفرتك ؟ لا، قمت بزيارة 9 بلاد لم أجد أي صعوبة في دخول أي منها، حتى استخراج الفيزا كان يتم في دقائق معدودة تكون جاهزة وأنا على الحدود فالتعقيدات التي تقابلنا في مصر غير موجودة. حدثنا عن الأفارقة وما هو وضع الإسلام عندهم ؟ طيبين للغاية وأهم ما يميزهم حفاظهم على النظافة، وأما عن الإسلام فهم يحافظون بشكل كبير على الدين، فمازالت الكتاتيب تتواجد في دول شرق إفريقيا، تلاوة القرآن تتم بصوت عالي وجماعي. والإسلام دخل إفريقيا من التجار العرب فزنجبار على سبيل المثال وهي جزيرة تتبع تنزانيا حتى عام 1964 وكان ينتشر بها المسلمون العرب، لأنها كانت تحت سيادة الدولة العثمانية وحاكمها سلطان عربي. واللغة العربية رئيسية للمكان، ولكن حدثت ثورة على المسلمين بها بقيادة عبيد كروم وكانت تدعمه بريطانيا وإسرائيل، وتم طرد سلطانها وقتل عدد من المسلمين هناك، ومن بعدها اندثرت اللغة العربية ولكن مازال المسلمين هناك أغلبية ويحكمها مسلم. وما أهم مشاهداتك عن زنجبار ؟ زنجبار الأولى عالميا في تجارة القرنفل والتوابل ويستطيع أي شخص استنشاق روائحها في معظم الشوارع، كما ذهبت بيت الساحل وكان قصر الحكم، وقرأت تفاصيل قصة الأميرة سلمي فهي - قريبة السلطان قابوس - على الجدران فقد كانت تعيش مع أخيها برجاش سلطان زنجبار وقتها وتعرفت على تاجر ألماني مسيحي فأحبته، وهربت معه إلي ألمانيا وعاشت فترة كبيرة وارتدت عن الإسلام وبعد وفاة زوجها عادت إلي فلسطين ثم إلى زنجبار، ولم يُعرف إن كانت عادت للإسلام أم لا وكل هذه التفاصيل مدونة على ورق بحوائط قصرها. وهل زُرت خلال أثيوبيا ؟ أثيوبيا البلد الوحيد التي لم أزرها في رحلتي، وتأشيرتها من أسوء التعقيدات بالنسبة للمصريين، وعندما أردت أن أحصل عليها لم استطع. وكم استغرقت الرحلة إلى أفريقيا وتكلفتها ؟ 28 يوما ومن الممكن إتمامها خلال 12 يوما، أما تكلفتها حوالي 9 آلف جنيه مصري، ولو كررت الرحلة مرة أخرى ستقل التكلفة إذا تجنبت بعض الأخطاء التي وقعت فيها سابقا. وما الرسالة التي تود أن توجهها للشباب ؟ بإمكان أي شاب الذهاب إلى أفريقيا بأقل التكاليف، فيها فرص عمل متوفرة، ومن السهل إثبات الذات فيها، للمستوى العلمي المنخفض هناك بعكس أوروبا، أما عن السفر فأود أن أقول: "العالم كتاب، اللي مسافرش لم يقرأ فيه غير صفحة واحدة".