قال زعيم جبهة النصرة في سوريا، أبو محمد الجولاني، إن الجبهة في الوقت الحالي "تكتفي بقطع أيدي وأرجل إيران في المنطقة، وإذا لم يكفِ هذا، فسننقل المعركة إلى داخلها"، معتبراً أن "مخطط إيران في المنطقة يهدف لإعادة الإمبراطورية الفارسية التي أنهاها الفتح الإسلامي"، على حد تعبيره. وأفاد الجولاني، في الجزء الثاني من لقائه ببرنامج "بلا حدود" في قناة الجزيرة القطرية مساء أمس الأربعاء، أن "إيران تأخذ من التشيع مطية لهم للتوسع في المنطقة، وأمريكا تعمل على جر إيران أيضا إلى المنطقة لتحويلها إلى ساحة اقتتال بين دولها". ووصف الجولاني العلاقة التي تجمع النظام السوري والنظام الإيراني ب"علاقة تحالف"، فالأسد "بنى مملكته بنفسه" ثم جاءت علاقته بطهران، بعكس حزب الله والحوثيين وغيرهم الذين هم في الحقيقة "صنيعة إيران"، حسب قوله. ومضى قائلاً إن "إيران موجودة في سوريا عبر ميليشيات شيعية، وليس قوات نظامية"، لافتاً إلى أن التواجد النظامي الإيراني في سوريا "على مستوى الخبراء"، ومشيراً إلى أن الولاياتالمتحدة "سلمت المنطقة لإيران" حتى يحدث ا"قتتال بين الدول المتجاورة، ومن ثم يتم اللجوء إليها (يعني أمريكا)". وقلل الجولاني من احتمال حدوث عاصفة حزم في سوريا، معللاً ذلك بأن "حكام العرب والخليج، يدافعون عن عروش وكراسي، أما الشعوب فلا قيمة لها عندهم، كما اتهمهم بالتبعية للغرب". وتعرض الجولاني في حديثه لثورات الربيع العربي، مؤكدا أن زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري وجه بدعم هذه الثورات، مرجعاً فشل معظمها إلى أن "الجيوش في المنطقة صرف عليها ملايين الدولارات ليس لحماية الشعوب ولكن للسيطرة عليها إذا ثارت. ولذلك لن تحصل هذه الشعوب على حريتها إلا بتكوين جيوشها الخاصة"، وأضاف "السلمية والمظاهرات لغة لا يفهمها هؤلاء الحكام". وفي هذا السياق انتقد زعيم جبهة النصرة في سوريا ما اعتبره "انحراف" جماعة الإخوان المسلمين و"تماهيها" مع الغرب ب"أكثر مما تطلبه الغرب"، مضيفاً أن عبد الفتاح السيسي، "ليس هو من انقلب على محمد مرسي وإنما أمريكا، فيما كان السيسي مجرد أداة"، داعياً الإخوان المسلمين إلى "التخلي عن السلمية، ورفع السلاح". وفيما يتعلق بالارتباط بتنظيم القاعدة، قال الجولاني إن "التصنيف العالمي ليس له علاقة بالارتباط أو عدمه، فالرئيس العراقي السابق صدام حسين، وحركة حماس وغيرهم لم يكونوا مرتبطين بالقاعدة، إلا أن المسألة متعلقة بالنظام الدولي وهيمنة أمريكا، فكل من يخرج عن هذه الهيمنة يجد التهم مجهزة له". وأوضح أن مقاتلي تنظيم داعش" لم يلتزموا" بأوامر زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري، بعدم تفجير الأسواق والحسينيات، متهماً إياهم ب"تكفير بقية المسلمين واستباحة الدماء"، كما وصفهم ب"الخوارج"، واعتبر خلافتهم "باطلة بإجماع العلماء"، مشددا أنه على الرغم من أنهم يكفرون النصرة، إلا أن الأخيرة لا تكفرهم. واعتبر الجولاني أن "تنظيم داعش يبدي ضراوة في القتال بالعراق، بشكل أكبر منها في سوريا"، وعزا ذلك إلى أن "معظم قيادات داعش عراقيون، ولهم تاريخ طويل في القتال فيه". في المقابل أكد الجولاني أن جبهة النصرة "تقاتل وتبني في آن واحد" في سوريا، مشيراً إلى أنهم يقدمون كافة التسهيلات والاحتياجات للمواطنين من ماء وكهرباء وتيسير للمعاملات، بحسب قوله. وأشاد بما اعتبره "الصمود الأسطوري للشعب السوري، لافتاً إلى أن المسلمين لن يحصلوا على عزهم ومجدهم، إلا بالطريق الذي يسلكه أهل الشام لتحرير دمشق". ولم تكن جبهة النصرة معروفة قبل بدء الاحتجاجات في سوريا في مارس/ آذار 2011، لكنها برزت كقوة قتالية ميدانية مع تبنيها تفجيرات استهدفت مراكز عسكرية وأمنية للنظام في الشهور الأولى للاحتجاجات، واتسع نفوذها تدريجياً حتى باتت تسيطر على مساحات واسعة من شمال وجنوب البلاد.