قدم مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي ايه"، جون برينان، لأول مرة، لمحة عامة عن تقييمات الاستخبارات الأمريكية لأسباب موافقة القيادة الإيرانية على اتفاق نووي مبدئي الأسبوع الماضي، قائلا إن الرئيس الإيراني حسن روحاني اقنع المرشد الاعلى علي خامنئي، بأن اقتصاد البلاد "مقدر له أن يدمر" ما لم يتوصل إلى تفاهم مع الغرب. وأوضح برينان، في تصريحات أوردتها صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، اليوم الخميس، متحدثا في كلية كينيدي للإدارة الحكومية في جامعة هارفارد الاسبوع الجاري، أن مفتاح الصفقة كانت انتخاب الرئيس الإيراني حسن روحاني، الذي كان بالكاد الخيار الأول للمرشد الأعلى. ووفقا للصحيفة، أشار برينان إلى أن الأمر استغرق أكثر من عامين للرئيس الجديد، وهو نفسه مفاوض نووي سابق، لإقناع خامنئي بأن "ست سنوات من العقوبات قد اضرت بهم حقا"، وأن المستقبل الاقتصادي يهدد قيادة البلاد. وخلال هذا الوقت، ظل خامنئي يشير علنا إلى "اقتصاد المقاومة" الايراني، وهي العبارة التي نالت صيتا بين المتشددين الذين يحبون تصوير البلاد بأنها مزدهرة من خلال مواجهة الولاياتالمتحدة وحلفائها. وأشار برينان أيضا إلى أن خامنئي، الذي لم يتحدث علنا عن الاتفاق ولم يسمح أيضا للمعارضين بالتحدث ضده، قد نفذ عملية حسابية سياسية دقيقة، وهي انه إذا انهارت الجهود للتوصل إلى اتفاق، أو بدا الثمن مرتفعا جدا، فيمكن حينها القاء اللوم على أعضاء بارزين في حكومة روحاني، ابتداء من كبير المفاوضين وزير الخارجية محمد جواد ظريف. وقال مدير السي آي ايه "اعتقد أن خامنئي كان في موقف مكنه من أن يقول لروحاني وظريف: حسنا أروني إن استطعتم أن تحصلوا على صفقة"، مضيفا انه في حال الحصول على صفقة بالفعل فسيصبح خامنئي قادرا على استخلاص الفوائد من ذلك، اما في حال الفشل فروحاني سيكون لديه ظريف لإلقاء اللوم عليه. وأشار برينان إلى أن عملية احضار ايران للتفاوض أخذت وقتا، من خلال جهود مبعوثين سريين من إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما نائب وزير الخارجية السابق، وليام بيرنز، ومستشار مقرب سابق لهيلاري رودهام كلينتون هو جيك سوليفان، قادا الجهود الأولى لاحضار حكومة روحاني الى مائدة المفاوضات. وأضاف "اعتقد أن روحاني كان قادرا على ان يشرح لخامنئي مدى صعوبة البيئة الاقتصادية في إيران في الوقت الراهن، وأنها في طريقها إلى الانهيار، وأن الطريقة الوحيدة لمعالجته هي رفع العقوبات". وأشارت الصحيفة الأمريكية إلى أن كلمات برينان تتناقض بشكل حاد مع التقييمات التي تحدث عنها مسؤولون في المخابرات الأمريكية في عام 2009، عندما فشلت صفقة أصغر بكثير مع إيران بعد مفاوضات في جنيف وفيينا، وقال مسؤولون في إدارة أوباما حينذاك ان قرار التخلي عن الصفقة جاء من خامنئي نفسه. ورفض برينان أيضا مزاعم رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو حول أن اتفاق الإطار الذي تم التوصل إليه يوم الخميس الماضي في لوزان، سويسرا، من شأنه أن يمهد لإيران الطريق امام صنع قنبلة نووية، ووصف هذه المزاعم بأنها "مضللة تماما". وقال برينان بأنها "مفاجأة سارة" أن الإيرانيين قد تخلوا بقدر ما استطاعوا، وايد أيضا تقييم إدارة أوباما بأن الاتفاق من شأنه أن يمدد كثيرا المدة التي قد تستغرقها إيران لصنع القنبلة، سواء من البلوتونيوم أو اليورانيوم. وألمح برينان إلى أنه لا يأمل كثيرا في أن يساعد الاتفاق النووي في تغيير السلوك الإيراني في المنطقة، بما في ذلك "رعايتها للإرهاب"، واعترف بأن تزايد العائدات التي ستحصل عليها ايران بعد رفع العقوبات قد تعزز هذه الجهود. ونوهت "نيويورك تايمز" إلى أنه بينما تنتاب أوباما في العادة شكوك عميقة حول التقارير الاستخباراتية، فإن علاقته مع برينان كانت قريبة للغاية وذات طبع خاصة منذ حملة عام 2008، وفي ولاية أوباما الأولى، كان برينان مستشاره الاستخباراتي الأول. وأشارت إلى أن برينان، والذي يعمل مثل مسؤولي مخابرات آخرين لحماية "مصادرهم وأساليبهم"، لم يكشف كيف عرفت وكالة المخابرات الأمريكية مثل هذه التفاصيل حول المرشد الأعلى من خلال جواسيس او اعتراضات إلكترونية أو تحليل لمعلومات الاستخبارات الأخرى. وحتى مع ذلك، تعتبر وجهات نظر برينان ذات أهمية، لأن الرئيس الأمريكي باراك أوباما قال في الأيام الأخيرة أنه طلب إجراء تقييم لنوايا خامنئي من الاستخبارات، وقال توماس فريدمان، وهو كاتب عمود في صحيفة "نيويورك تايمز"، السبت الماضي، ان قراءة نوايا خامنئي "صعبة للغاية وليس لدي أي فكرة كبيرة تتجاوز ما قد أحصل عليه من مخابراتنا".