الثانية عشر ظهر الثلاثاء العاشر من فبراير ، الموافق يوم قدوم الرئيسين عبد الفتاح السيسى وفلاديمير بوتين بالطائرة إلى ملعب مختار التتش بالنادي الأهلي ومنه إلى دار الأوبرا ، لحضور أوركسترا القاهرة السيمفونى "أوبرا وباليه وكورال القاهرة ". الشوارع مكدسة بطوابير طويلة لسيارات متراصة خلف بعضها في مشهد سينمائي يحركه إيقاع بطيء لا يعبأ بمارة منعهم الزحام وإغلاق بوابات مترو الأنفاق في وجوههم لساعات طويلة من الذهاب لأشغالهم وقضاء مصالحهم ، تأمينا لموكب مر عبر شوارع القاهرة من مصر الجديدة وحتى وسط القاهرة على ضفاف النيل، وسط لافتات الترحيب بضيف مصر الكبير وصوره التي ارتفعت في شوارعها وعلى كوبري أكتوبر وقصر النيل حتى دار الأوبرا . لم تستطع محررة شبكة الإعلام العربية " محيط " اللحاق بآخر طائرة متجهة إلى مدينة شرم الشيخ من مطار القاهرة الدولي، الزحام منعنا من الوصول في الموعد المحدد لإقلاعها وقد أبلغنا موظفو المطار بتوقف رحلات الطيران - مؤقتا ولأجل غير معلوم - لحين تحسن الأحوال الجوية التي ضربت مصر بعواصف أمشيرية محملة برياح وأتربة أدت لانعدام الرؤية وتوقف حركة الطيران . حملنا أمتعتنا واتجهنا نحو موقف السوبر جيت بمنطقة ألماظه ، ساعة يدي تشير للثامنة مساء ، شوارع صلاح سالم مغلقة وقد تعطلت حركة أتوبيسات النقل السياحي القادمة من وإلى القاهرة حجزنا تذكرة وانتظرنا قدوم أحدها ، الثانية عشر والنصف بعد منتصف الليل اتجهنا نحو عروس المؤتمرات . ساعات طويلة لم نستشعر ثقلها وعددها لولا صوت آتي من مقدمة الأتوبيس أفاقنا من سبات عميق : " كمين عيون موسى يا محترمين بطايقكو واللى معاه شنطة ينزل للتفتيش " لاحظنا استعدادات أمنية لم نشهد لها مثيل من قبل ، جميع السيارات يتم تفتيش جميع السيارات دون استثناء، كما يتم الكشف عن هوية جميع الركاب وسؤالهم عن سبب سفرهم إن كان بغرض العمل أو السياحة . - أمين شرطة يتفحص هويتي الشخصية يقلب فيها عن اليمين وعن اليسار ويسألني : " صحفية ؟ أهز رأسي بالإيجاب ، فيرد معاكي بطاقة بحث ؟ يعنى إيه مش فاهمة ! تأتيني الإجابة شافية : جميع الزائرين لمدينة شرم الشيخ لأسباب مهنية عمل وما شابه يقومون باستخراج بطاقة بحث جنائي لمساعدتهم في التحرك بحرية وتسهيل مهامهم ، لحين انتهاء مؤتمر القمة الاقتصادي منصف مارس المقبل كما يتم إيقاف من لا يحمل بطاقة البحث الجنائي وإعادته إلى محافظته مرة أخرى، ولا يسمح له بعبور الكمين . استجبنا لطلب أفراد الكمين ونزلنا من العربة وبدأت اتصالات مكثفة بمعارف يعملون بجهات سيادية وآخرين صحفية على أمل إيجاد طريقة تمكننا من الدخول دون مضايقات أو منع من التقاط صورة لمنشأة هنا أو هناك ، خاصة وأن كافة العمالة غير الثابتة بالمدينة قد تم ترحيلها لحين انتهاء المؤتمر والباقي تخشي الحديث للإعلام خوفا من المطاردات الأمنية ، أخيرا أحد مسئولي الأمن أعطي تعليماته بالسماح لنا بالدخول وتوفير وسيلة مواصلات أخرى غير التي أجبرنا على النزول منها ، دخلنا المدينة السياحية الرائعة . - 156 فندق، إضافة إلى شواطئ المدينة الخلابة، أكبر قاعة للمؤتمرات في مصر، كافة أنواع السياحة الشاطئية والرياضية و العلاجية وسياحة المؤتمرات . هي نفسها المدينة التي لاقت من النوازل والنواكب والأحداث التي تبعت ثورتي مصر المجيدتين خلال الثلاث أعوام الماضية ما أثر بالسلب على جميع مناحي الحياة فيها بدءا بقطاع السياحة في مصر وليس انتهاء بتلفيات في شوارعها وقراها وفنادقها ومحالها ، ما أدى إلى تراجع في أعداد السياح بالمدينة التي كانت تحقق منفردة ما يساوي ال40% من دخل السياحة المصرية. - حزمنا أمتعتنا واتجهنا نحو الفندق وخلال الرحلة ما بين موقف السوبر جيت وفندق ضيافتنا شاهدنا " النصب التذكاري " وهو عمل معماري من ابدع ما يكون ، تم بناؤه خصيصا ليكون واجهة المدينة قبيل انعقاد المؤتمر ، لا شك سيدهشك بديع صنعه وجماله عند مدخل المدينة ، هو يرمز إلى مدينة السلام، كما قال لنا اللواء محمود سوالية رئيس مجلس المدينة حيث تم تنفيذه على ارتفاع 30 مترا، وبه مجسم للكرة الأرضية، تحيط به أجنحة السلام. استمرت رحلنا في طريقنا إلي الفندق.. الطريق تزينه أعلاما لجميع الدولة والوفود المشاركة في مؤتمر القمة ، أمام قرية جولدن بالاس ، وقد لاحظنا إنه تمت إزالة جميع المباني سواء كانت بنايات عشوائية أو مبان حكومية ، كانت تعترض خطط التجميل بطريق السلام، وعند سؤالنا لأحد العاملين برصف وإنشاء وتجميل الطرق المؤدية إلى مقر قاعة المؤتمرات الكبري قال لنا إنه تقرر نقلها إلى أماكن بديلة مثل مبني المطافئ والمرور ، وشمل قرار الإزالة أيضا المباني المخالفة الموجودة خلف الفنادق والقرى السياحية في خليج نعمة. - استمر سيرنا باتجاه لفندق لنلاحظ أعمال التجميل والرصف ودهان الأرضيات بالأحمر والأصفر والبرتقالي ، كما لاحظنا رصف طريق السلام وإنشاء بلدورات جديدة، و تفقدنا أعمال إنارة الطريق بطول 7 كم بالطاقة الشمسية بعدد 450 عامود . - وصلنا إلى ميدان السلام ، النافورة الضخمة التي تزين وتضئ الميدان والتي تكلفت 20 مليونا ملايين - بحسب العاملين بمجلس المدينة - كلها عن طريق الجهود الذاتية من أحد مستثمري شرم الشيخ، كما تم تخصيص أرض لإنشاء مسجد أيضًا ، لإعطاء مظهرا حضاريا رائعا لاستقبال المؤتمر. - الجداريات بطريق السلام، من أمام قاعة المؤتمرات، وحتى مطار شرم الشيخ، تزين الشوارع ، كما لاحظنا تطوير مطار شرم الشيخ وإنشاء بوابات جديدة، ووضع تماثيل وأعمال فنية خاصة لإظهار مصر بلدا جاذبة للسياحة ، علمنا أيضا أن تكلفة الجداريات والأعمال الفنية جميعها تبرعات من رجل أعمال آخر ، علاوة على تشجر وإضاءة الحديقة التابعة لمسجد السلام عن طريق رجال الأعمال ذاته . - مدخل "نعمة فيو" و"الماريوت"، و"نوفوتال" في خليج نعمة قد زين بالدهانات و الرسومات الأرضية، واحتل الأحمر مداخل ومخارج "مشاية البحر" بالخليج . - ليس هذا فحسب بل ستفاجئك سياسة الانتشار الأمني في كافة شوارع المدينة الداخلية والخارجية، وتركيزات التواجد الأمني غير الظاهر للمارة من المصريين أو السائحين الأجانب ، الأمر الذي يحد من وقوع الجريمة، وفي الوقت نفسه يساعد في القبض على اي شخص يخالف القانون خلال ساعات . كاميرات المراقبة في كل مكان تربطها وحدة تحكم ومراقبة عمومية بمقر مديرية الأمن وبالقرب من قاعة المؤتمرات التي من المقرر أن تستقبل وفود القمة الاقتصادية الكبرى منصف مارس المقبل . اطمأننا بشكل كبير على الترتيبات التي وضعهتا وزارة الداخلية المصرية لتطبيق منظومة أمنية متكاملة لتأمين شرم الشيخ ومدن سيناء، تعتمد على تسخير التقنيات الحديثة ومنع وقوع الحوادث والجرائم ، وشاهدنا بأعيننا ورصد كاميراتنا صورا لافتتاح عدة منشئات أمنية بشرم الشيخ منها مبني إدارة المرور الجديد بشرم الشيخ، وكمين شرم الشيخ- دهب، وكمين نبق ونقطة شرطة نبق . اقرأ فى الملف "شرم الشيخ" .. عروس المؤتمرات جاهزة لحفلها منتصف مارس " * شبح الكساد السياحي يخيم على شوارع "عروس السلام" .. ونسب الإشغال لا تتعدى 20 % * نكشف بالأرقام والأسماء تبرعات رجال الأعمال لمجلس المدنية قبيل المؤتمر ** بداية الملف