ملك أقوى دولة نفطية فى العالم ، و الذى يقدر ثروته ب 20 مليار دولار ، لم تكن جنازته كباقى الملوك تشيع فيها مظاهر الثراء و الفخامة ، و برغم أن حتى القبور أصبحت طبقات ، فعلى عكس مقابر الملوك و الرؤساء و التى عرفت بفخامتها و تفنن الحكام و علية القوم فى بنائها ، دفن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله فى مقبرة " العود " بحى الفقراء فى جنوبالرياض . مظاهر البساطة التى طغت على تشييع ملك أكثر مدينتين مقدستين فى العالم " مكةالمكرمة " و " المدينة " ، أثارت استغراب العالم ، فلم يعهدوا فى جنازات الملوك بمثلها ، و خاصة أن دول النفط مفرطة الثراء تميل للتفاخر ، و لكن بدلا عن ذلك ، وجدوا الملك يشيع فى كفن أصفر على حامل ، دون تابوت و الذى يتفنن حتى الملوك فى تصميمه من أجود أنوع الخشب . و تم تشييع الجنازة من مسجد الإمام التركى بن عبد الله ، الذى يعد الجامع الكبير فى الرياض ، و يعد من أكبر و أهم المساجد فى منطقة نجد ، وواحد من أقدم المساجد فى المدينة ، حيث يعود تاريخه إلى الإمام تركى بن عبدالله، الذى اتخذ من الرياض قاعدة لحكمه، عندما انتقل إليها فى منتصف عام 1825 ، و يقع المسجد بالقرب من مقبرة العود، وارتبط اسمه بالصلاة على الملوك والأمراء الراحلين . و دفن جسد خادم الحرمين الشريفين فى مقبرة "العود " فى حفرة بلا شاهد قبر ، تماشيا مع التقاليد الوهابية، التي تحرص على البساطة في تشييع الجنازة، مهما كانت مكانة الميت الاجتماعية. رغم أن المقبرة وارت جسد 6 من ملوك السعودية حتى سميت ب " مقبرة الملوك " ، و لكن كما دفن فيها علية القوم ، كان يدفن فيها أيضا البسطاء ، و برغم أنها من أكبر المقابر فى السعودية و تصل مساحتها ل 100 ألف متر مربع ، و لكنها تقبع فى حى البسطاء ، و ليس بها أى من مظاهر الآبهة أو الفخامة التى تليق بمقابر الملوك ، بل تظهر من صورها أنها غاية فى البساطة . كل ملوك السعودية الذين توفوا دفنوا فى تلك المقبرة ، بداية من الملك عبد العزيز (1932 - 1953)، مؤسس السعودية وأول ملوكها، مرورا بالملوك: سعود (1953 -1964) وفيصل (1964-1975)، وخالد (1975-1982) وفهد (1982-2005)، وآخرهم، اليوم، الملك عبدالله (2005 -2015) . كما تضم جثامين عدد من أفراد الأسرة المالكة والأمراء والأعيان، وتذكر بعض المصادر التاريخية أن فاطمة بنت الشيخ محمد بن عبد الوهاب، دفنت في ذات المقبرة واختلفت سبب تسمية المقبرة ب"العود"، إلا أن الرأي الغالب فإنه يأتي كناية لدفن العود الملك عبد العزيز بين آل سعود مؤسس المملكة العربية السعودي" بها، ومسمى "العود" في اللهجة السعودية، يشير إلى "الأب كبير السن"، وبالتحديد إلى الملك عبد العزيز ، و المقبرة تعد من أشهر وأكبر وأقدم المقابر في العاصمة السعودية . و برغم أن العديد من الدول العربية و الأجنبية نكست أعلامها ، و قامت الكثير من الدول العربية بإعلان الحداد ثلاثة أيام ، و فى مصر 7 أيام ، لم تعلن السعودية الحداد ، و لم تنكس العلم ، و رغم شعبية الملك الراحل ، و لكن لم يخرج الملايين فى الشوارع لتشييعه ، و ذلك لأن التقاليد السائدة فى البلاد ترفض الحداد على الموتى، وتعتبر إخفاء مظاهر الحزن تسليما كاملا بقضاء الله.