جاءت الأعمال الفائزة بجائزة ساويرس الثقافية، تحمل مضامين عن ثورة يناير التي ظن البعض أنها قد نُسيت وغابت، حيث فاز بجائزة القصة القصير لكبار الأدباء، مكاوى سعيد عن مجموعته القصصية " البهجة تحزم حقائبها"؛ مناصفة مع منتصر القفاش عن مجموعة قصصية "فى مستوى النظر" ، أما في مجال الرواية؛ فازت منى الشيمي عن رواية "بحجم حبة عنب" مناصفة مع ياسر عبدالحافظ عن رواية "كتاب الأمان". وفازت بجائزة شباب الأدباء دنيا كمال عن رواية "سيجارة سابعة" الصادرة عن دار ميريت، وفاز بالمركز الثاني مناصفة؛ كل من حسين البدري عن رواية "رهانات خاسرة" وسهيلة محمد حسن عن رواية "هارمونيا. نتوقف عند الروايات الفائزة ونبحر في قراءتها.
البهجة تحزم حقائبها في المجموعة القصصية "البهجة تحزم حقائبها"، يتحدث الكاتب مكاوي سعيد عن الموت، ويبدو أن البهجة تغادرنا فعلاً في هذه المجموعة التي كتبها سعيد على مدار سنتين. المجموعة الصادرة عن دار نون، والفائزة بجائزة ساويرس للقصة القصيرة لكبار الأدباء، تشمل إحدى عشرة قصة، أولاها أخذت عنوان "ثلاثة أشكال لأبي"، وبطلها صبي في العاشرة يعاني قسوة أبيه الأمي الذي يطلب منه أن يكتب خطابا لخاله في الكويت ليرد دينا وعد بإرساله "بعد أن يقبض أول راتب" ولكن الخال لا يرد الدين بل يعود بعد أربعة أشهر بسبب موت الكفيل ولا يطالبه الأب بشيء، بل يسعى لتدبير قيمة تذكرة سفر إلى العراق ربما يكون حظه فيها أفضل. والقصة الثانية "أحياناً تعاودنا الدهشة" تسرد حكاية من تلك التي تجري في وسط القاهرة حيث شاب لا مهنة له سوى مراقبة أحوال غريبة قد يكون عليها المشاهير في مطاعم فخمة ليتلقط لهم صوراً ويضعها على صفحتيه على "فيسبوك"، و"تويتر"، وبالتالي يتحول إلى مصدر لتهديدهم، فيكرهونه ويتحاشونه، إلا أنهم لا يلبثوا أن يتعاطفوا معه في النهاية حين يخذله أصدقاؤه ولا يأتون للاحتفال معه بعيد ميلاده في المطعم، فيصبح ضحاياه جميعاً أصحابه. أما في "لم يحدث مطلقاً"، فيتحدث المؤلف عن شاب لديه جوع جارف إلى أن يعيش حالة حب مع فتاة في مثل سنه، فيكابد من أجل هذا ويتعثر ويواجه الخيبات المتلاحقة. وفي "المتحول" تحكي القصة عن شخص مضطرب عقلياً يعتقد أن كائناً خرافياً هو الذي سرق لوحة "زهرة الخشخاش" من أحد متاحف القاهرة، وتحكي القصة الخامسة "الهابطون من السماء" عن صبي صغير يتسبب من دون قصد في وفاة طفل آخر إبراهيم (ثلاث سنوات)، فيحلّ الجفاء بين أسرتين جارتين وتظل أصابع الاتهام تتجه إليه رغم براءته، فيتباعد أصدقاؤه عنه وكذلك زملاؤه في المدرسة لتشاؤمهم منه، حيث يتحول موت إلى فجيعة لأهله الذين يظنون راوي القصة وهو طفل في الثامنة تسبب في موته عن غير قصد حين سقط من أعلى. ويصبح الموت شبحا يطارد الصبي إلى أن ينتقل أهله إلى مسكن بعيد يطمئن فيه إلى "أنه لن تباغتني وتغيظني الأسئلة عن القطط والعفاريت." وفي "لا أحد يقدر على قهرها" تتحدث القصة عن فنانة تشكيلية بوهيمية تسعى إلى التحقق وتخشى من رفض المجتمع للصورة العارية التي ترسمها ولا تجد نفسها إلا حين تطلب منها أم شهيد أن تعيد رسم صورة ابنها على جدار في "شارع محمد محمود" الذي ارتبط بحركة الجرافيتي النابتة من رحم ثورة يناير، فرغم حاجتها إلى المال فإنها ترفض أن ترسم لوحات حسب الطلب إذ لا تحتمل العمل "بدماغ بائع الروبابيكيا". في قصة "البهجة تحزم حقائبها" نرى طفلين متحابين جمعتهما المدرسة وفرقتهما فتاة، إذ إن الانطوائي الثري ظفر في النهاية بحبيبة البسيط، فسافر معها إلى أمريكا وترك للآخر الألم والوحدة. "صابرين" نتحدث عن واحدة من بنات الشوارع وجدت نفسها في ميدان التحرير وعلى أطرافه وقت الموجة الأولى للثورة. "الزيارة" تحكي عن كيفية رؤية الوليد للدنيا من حوله، وتحكي "آخر لياليّ الصيفية" عن قصة حب عابرة بين طفل وممرضة. والأخيرة عنوانها "لم تترك خلفه وروداً" تحكي عن مراهقين ترابطا بقوة، فأحدهما يسرّي عن الآخر قصص حبه الفاشلة، والثاني يقف إلى جانب صاحبه في موت أبيه، وينتهي الأمر بموت العاشق الذي يروق له دوماً اصطياد الفتيات المفجوعات في الحب من على كورنيش النيل. فجيعة الأم على ابنها في "حبة عنب" ما الذى يمكن لأمٍ أن تفعله حينما تجد ابنها مصابًا بورم بحجم حبة عنب يكون سببًا فى فقدانها له، ربما لا يمكنها إلا الكتابة عن الوجع، وهذا ما فعلته الكاتبة منى الشيمى، فى روايتها "بحجم حبة عنب" الصادرة عن دار الحضارة للنشر، وفازت بجائزة ساويرس الثقافية فرع الرواية. تنتمى رواية "بحجم حبة عنب" إلى أدب الاعتراف، حينما تناولت من خلال شخصية الأم ما أصاب ابنها من ورم خبيث وهو "السرطان" إبان أحداث ثورة الخامس والعشرين من يناير المجيدة، الأمر الذى دفعها إلى استعراض الواقع الاجتماعى والسياسى على مدار أربعين عامًا، من خلال أسرة صعيدية، فما واجه هذه الأسرة لا يختلف كثيرًا عما تواجهه أى أسرة مصرية من أزمات متتالية وفساد وتجريف ثقافى. يذكر أن منى الشيمي، قاصة وروائية من مواليد محافظة قنا، فازت بالعديد من الجوائز المصرية والعربية عن أعمالها، منها جائزة الهيئة العامة لقصور الثقافة عام 2003، وجائزة نادي القصة المصرى، وجائزة دبى الثقافية عن مجموعة "من خرم إبرة"، وجائزة الشارقة عن مجموعة "وإذا انهمر الضوء"، وصدرت لها مجموعة قصصية باسم "رشح الحنين" ومؤخرا رواية "بحجم حبة عنب" . التأمل والسخرية في مستوى النظر! كثيرة هي الأشياء التي تقع "في مستوى النظر" وقليلون هم الكتّاب الذين يلفتوننا إليها. منتصر القفاش واحد من هؤلاء الكتّاب، ومجموعته هذه ينطبق عليها هذا الوصف بجدارة. نقرأ في هذه المجموعة القصصية الجديدة حكايات عن الدور الأرضي الذي يراه منتصر القفاش جزءا من البيت وجزءا من الشارع في الوقت نفسه. سكان الدور الأرضي يؤثرون في حياة العابرين في الشارع إذا قرروا فتح شباكهم بلكونة أو تقفيل بلكونتهم شباكا، ويتعارضون مع أطفال الشارع الذين يصفقون الكرة في جدرانهم فتنشأ خلافات وأحيانا تواصل اجتماعي نادر، ويعطون بموقعهم أو موقعهنّ في الأسفل فرصة لخيال مراهق يسكن في دور علوي مقابل أن ينمو بالتلصص على مساحات راحتهن. ليس عن هذا فقط يحكي منتصر القفاش وإنما هؤلاء الذين كانوا يومًا في الأدوار العليا وبإقامة إحدى الكباري العشوائية نزلوا إلى "مستوى النظر" فأصبحوا يقيمون علاقات بأعينهم مع عابري الكوبري، وهؤلاء الذين يمرون بنا فنصطدم بهم ونعجب كيف أننا لم نرهم مع وجودهم بالضبط "في مستوى نظرنا". هنا بالضبط تضع هذه المجموعة القصصية نفسها في اكتشاف المعتاد – أو ما يبدو بالتكرار معتادًا – وتخرج منه كل طاقات السخرية والتأمل فيبدو أمامنا مدهشا وكأننا نراه للمرة الأولى، نندهش مرة أخرى كقرّاء أن كل هذا كان "في مستوى نظرنا" وجاءت هذه المجموعة القصصية لتجعلنا نراه. فتتكون المجموعة الفائزة بجائزة ساويرس الثقافية، من 21 نصاً يمثل متوالية قصصية تستمد مادتها من العمارة التى يسكنها الراوى "كريم"، ويسردها بضمير المتكلم غالباً، متنقلاً بين أطوار عمره من الطفولة إلى مطلع الشباب، كما تميزت المتتالية بالوصف البصرى وامتزاج الخيال بالواقع وتنوع النماذج المشاركة فى تشكيل هذه اللوحة السردية، حيث الأطفال المفتونون باللعب ومشاكسة الكبار الواعظين، والرجال الذين أحيلوا على المعاش ويبحثون عن تزجية أوقاتهم المستطيلة، والنساء ربات البيوت المتنبهات لكل ما يحدث فى الشقق والعمارة، المتضامنات عند حلول الملمات. يقول القفاش عن مجموعته: القصة الأولى "اللعب" في هذا الكتاب نبهتني إلى عالم هذا القصص أو كلمة السر التي فتحت باب مغارة عالم الدور الأرضي، استمتعت بإحساس انكشاف عالم لم أنتبه إليه بالرغم من أنه كان في مستوى نظري حيث كان مكتبي لسنوات عدة يشغل الدور الأرضي في البيت الذي أسكن فيه . بدأت أتعرف إليه مع ظهور كل قصة، وأعادت القصص تشكيل ذكرياتي عن ساكني الأدوار الأرضية وعلاقاتهم مع الأدوار الأخرى والشارع، وظهرت روابط مفاجئة بين ذكريات تفصل بينها سنوات طويلة . يواصل: الفواصل بين شقة في الدور الأرضي والشارع تكاد لا تذكر، فالداخل والخارج منفتحان على بعضهما بعضاً، أنت في هذا الدور في اشتباك وانشغال مستمر مع ما يحدث في الخارج حتى إن راوي إحدى القصص يظن أن الشارع غرفة كبيرة ملحقة بشقة الدور الأرضي، وفي الوقت نفسه علاقة هذا الدور ببقية أدوار البيت كاشفة عن أبعاد كثيرة في العلاقات والصراعات الإنسانية، ورغم أن الدور الأرضي محور رئيسي في الكتاب، لكنه يتضمن أيضاً أن ما في مستوى النظر من أماكن وشخصيات يختبر ويكشف مدى قدرتنا على رؤية ما يطويه في مظاهره المتاحة والمألوفة . وعن عنوان مجموعته يقول: تتضمن عبارة "في مستوى النظر" جانبين: الأول ما يقع في مستوى نظرك، والثاني كأنه تساؤل عن مدى قدرة واستطاعة نظرك، ما نألف رؤيته والتعامل معه دائما يتضمن مستويات أو أبعادا تحجبها أو تبعدها عنا تلك الألفة، فالأشياء المألوفة دائما تكون خادعة، والحدود التي اعتدنا أن نرى من خلالها الأشياء والشخصيات تضعف أو تقلل من قدرتنا على النظر فيها، والكتابة تساعد على التحرر من النظرة المعتادة لكل ما نعيشه، تساعد على اللعب مع المألوف لكشف إمكاناته وما نغفل عنه في حياتنا اليومية، وهذا شغلني دائما بأشكال مختلفة فالغرابة تسكن في أشياء متاحة أمامنا وفي مستوى نظرنا، والكتابة قادرة على إظهارها، وعلى الكشف عن أن الغرابة والأحاسيس العجيبة تسكننا وتشغلنا دائما في تفاصيل حياتنا اليومية حتى لو لم نتحدث عن هذا أو تصرفنا بشكل معتاد. صدرت لمنتصر القفاش من قبل ثلاث مجموعات قصصية هي "نسيج الأسماء" (1989)، و"السرائر" (1993)، و"شخص غير مقصود" (1999). كما صدرت له ثلاث روايات هي "تصريح بالغياب" (1996)، وأن ترى الآن" (2002)، و"مسألة وقت" (2008) والتي نال عنها جائزة ساويرس للأدب فرع كبار الكتّاب عام (2009) الأسطورة تتخلق في "كتاب الأمان" يبحث "خالد مأمون" مدون التحقيقات في رواية "كتاب الأمان" عن حقيقة "مصطفى إسماعيل" الأستاذ الجامعي السابق في مجال القانون، والحائز على لقب أمهر لص في عقد التسعينات. فهو لص مثقف كان يعمل أستاذاً فى الجامعة ويوظف معارفه فى مغامراته، وعندما تتصاعد مستويات الشخصيات التى يسرق بيوتها حتى تصل إلى رئيس الفريق الذى يضع حراسة رئيس الجمهورية يقع مصطفى إسماعيل فى قبضة الأمن، الطريف أنه على وعى بتشابه اسمه مع اسم المقرئ الشهير، ويخضع للاستجواب فى قصر الاعترافات، ويقول له المحقق واسمه نبيل العدل، "نحن استنتجنا أنك كنت تحاول إحياء أسطورة روبن هود" الذى يسرق الأغنياء لصالح الفقراء. ففى مطلع رواية "كتاب الأمان" لياسر عبدالحافظ الفائزة بجائزة "ساويرس"، يصف الراوى المسابقة التى تقدم إليها للعمل موظفاً فى "قصر الاعترافات" الخاص بإحدى الجهات السيادية، فيشرح كيف طلبوا من المتقدمين للوظيفة أن يكتب كل منهم قصة حياته بإيجاز، فيقول الراوى "خالد مأمون": "أول مرة بكيت فيها شخصاً كانت عندما مات فهمى ابن السيد أحمد عبدالجواد، أول مرة انتابنى الفزع عندما قرأت عن تحول جريجورى ساما، تستيقظ من النوم فتجد نفسك حشرة، وعليك التعامل مع العالم على هذا النحو، ولأنك تعرف أن الدنيا لا منطق لها، وأن الحكايات أصدق من الواقع إذن فكل شىء وارد، حتى لو كان كابوسيا إلى هذا الحد، لكن فى فترة لاحقة أدركت من خلال (ثلاثية نيويورك) أن المعانى مختلطة بدرجة غير عادية، وأنه غالباً لا قيمة لشىء، هكذا يمكننى أن أصف حياتى.. القدرة على التنفس والكلام والتزاوج لا تكفى لتسرد حكايتك". ياسر عبدالحافظ، نائب رئيس تحرير "أخبار الأدب"، لفت الانتباه بقوة، بعد روايته الأولى، إلى الجانب الأدبى، بعد سنوات من تميزه كمحرر أدبى، ليعود بعد 8 سنوات بروايته "كتاب الأمان". "سيجارة سابعة" وال18 يوم! "الاعتصامات والإضرابات والتظاهرات تفرحنى، القصص غير المكتملة تلهمنى، الجلسات العائلية المرتبة السعيدة تربكنى والأمطار والنوات العاصفة تبعثنى من جديد"، هكذا تصف بطلة رواية "سيجارة سابعة" نفسها، نادية الشابة التى تقترب من الثلاثين عاما تحكى عن طموحاتها وعن انهزاماتها وانكساراتها وعن لحظات سعادتها ومراراتها وشخوصها من خلال احداث الثمانية عشر يوما الأولى فى الثورة، ثورة "الجيل الذى لا يجيد تقفيل النهايات" على حد تعبيرها. الثورة لم تمثل فى الرواية سوى امتداد للطموح الواسع والإصرار لجيل حالم من ناحية، واستمرار للقصص غير المكتملة والآمال المتحطمة من ناحية أخرى، تحكى نادية عن الدماء التى سالت بجوارها، تحكى عن طاقة الميدان الخاصة خارج مقاييس الجغرافيا والتاريخ على الرغم من كونه مصدر التأثير، تحكى عن الإحباطات والانتصارات وحس الفكاهة وتحكى عن رفاق الميدان، كل ذلك يدور خلال الأيام الأولى للثورة خاصة يوما 28 يناير ويوم موقعة الجمل. الرواية تحكي عن حياة فتاة مصرية، تجاربها، علاقاتها وكيف تتغير حياتها مع ما يحدث حولها من تغييرات. "سيجارة سابعة" رواية فازت بجائزة ساويرس لشباب الأدباء، لصاحبتها دنيا كمال. الرواية الصادرة عن دار ميريت، تحكي عن نادية فتاة مصرية، تحكي عن طفولتها وعن تفاصيل علاقتها بأبيها منذ الطفولة. يتحرك الوقت بين الماضي والحاضر وهي تحكي عن مراحل مختلفة من حياتها، تكشف من خلال القصص المختلفة عن بعض الظروف الإجتماعية والسياسية لمصر حتى بداية الثورة المصرية وإعتصام الثمانية عشر يوم بميدان التحرير. تقوم نادية بالحكي عن بعض أيام الإعتصام من خلال وجهة نظر شخصية. المؤلفة دنيا كمال تخرجت من كلية الآداب قسم الللغة الإنجليزية - جامعة عين شمس 2004تعمل في مجال الإعلام والإنتاج التليفزيوني والأفلام الوثائقية، صدرت روايتها الأولى - حكايتان: هي وضحى عن دار ميريت للنشر أكتوبر 2009. البدري والرهانات الخاسرة! فازت رواية "رهانات خاسرة" للأديب الشاب حسين البدري بجائزة ساويرس فرع شباب الأدباء، ووأهدى «البدري» هذ الرواية التي جاءت في 100 صفحة ، إلى "أبناء الأرض والوطن والإنسان"، وهم مينا دانيال ورامي الشرقاوي وهيثم منير والحسيني أبوضيف، مؤكدًا أن "الثوريين لا يموتون أبدًا". من روايته نقرأ: "تجتاحني رغبة عارمة في البكاء عندما أتذكر رهاناتي الخاسرة، ما حصلت عليه من هذه الحياة في ثلاثيني الأولى، نشأت في بيئة خشنة تعتبر الدموع ملك أعين "الحريم" فقط، لو أنني أبكي قليلاً...". يبدأ البدري روايته قائلاً: "صباحات كثيرة مرّت عليّ ولا شيء سوى التين والزيتون والرمل، شمس الصحراء قاسية تؤنس وحدتي، أشجار التين منتصبة تلوح للسماء، يثقلها حمل من الثمار، وأنا أقطف ثمرات التين يسيل ذلك السائل الأبيض من الشجر، حتى الأشجار تبكي الفراق يا عبدالكريم...".