ترجع فكرة إنشاء المتحف القومى للحضارة المصرية إلى عام 1978، عندما أعلنت الحكومة عزمها بناء متحفين جديدين، بالتعاون مع منظمة اليونسكو واحداً بالقاهرة والاخر فى النوبة ، وكان المتحف القومي للحضارة مقره الأول فى دار الأوبرا بالجزيرة، قبل أن يجرى تخصيص الموقع الجديد فى الفسطاط، لصغر مساحة الجزيرة وعدم ملاءمتها لإنشاء المتحف الجديد. ويقع المتحف في مدينة الفسطاط التي أنشأها عمرو بن العاص عام 640م كأول عاصمة في الحقبة الإسلامية المصرية في وسط القاهرة على طريق الأهرام والتى تحتوى صروحاً ومواقع أثرية بارزة بما فيها قلعة صلاح الدين وجامع عمرو بن العاص والكنيسة المعلقة وكنيس بن عزرا ، علي مساحة 25 فدانا لذا يعتبر موقع نموذجيا يعكس تسامح الأديان فى مصر كدولة إستضافت الديانات السماوية الثلاث فى تسامح وحب وسلام. والمتحف يستوعب خمسون ألف قطعة أثرية تحكي مراحل تطور الحضارة المصرية، بالاضافة إلى عرض لإنجازات الإنسان المصري في مجالات الحياة المختلفة منذ فجر التاريخ حتي وقتنا الحاضر ، كما يحتوى المعرض على نماذج وصور فوتوغرافية ومخطوطات ولوحات زيتية وتحف فنية وآثار من العصر الحجري والفرعوني واليوناني الروماني والقبطي والعربي وحضارة السودان والعصر الحديث . والذى سيمثل أهم نقاط التعريف بالحضارة المصرية للمجتمع المصري أولا ثم الزائرين، ويحتوى موقع المتحف على بحيرة طبيعية نادرة هى بحيره عين الصيرة. برنامج العرض بالمتحف تعرض مقتنيات المتحف مراحل تطور الحضارة المصرية من خلال ست صالات عرض محورية هى : بزوغ حضارة النيل الكتابة الدولة والمجتمع الثقافة المادية المعتقدات والتأمل، ويعرض كذلك لأهم الأحداث (التاريخية أو الإجتماعية والتي كانت نقطة تحول في الحضارة المصرية ، وأهم الشخصيات ، الملوك – الفراعنة – الكتاب – العلماء – المخترعين – الرحالة – المستكشفين .... ألخ) . كما ستنظم أحداث ثقافية ومهرجانات منتظمة لمواكبة هذه العروض ويستخدم المتحف أيضاً كمركز تعليم وبحث. أهم القطع الآثرية التى يعرضها المتحف يحتوى المعرض على قطع أثرية من عصور مختلفة والتى مرت بها مصر وهى : العصر الفرعوني العصر اليوناني الروماني العصر القبطي العصر الإسلامي العصر الحديث قال يسرى أحمد، رئيس قسم ترميم وصيانة المخطوطات، " متحف الحضارة المصرية سيهيئ الفرصة أمام الزائر سواء كان مصرياً أو أجنبياً أن يشاهد ويتابع قصة الحضارة المصرية كاملة بداية من عصور ما قبل الأسرات ثم العصر الفرعونى فاليونانى والرومانى والقبطى والبيزنطى فالإسلامى ثم العصر الحديث فى مكان واحد،وأضاف أن المتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط سيكون مقصدًا كبيرًا ليس فقط في السياحة وإنما في الحركة الثقافية والتعليمية، وسيعطي لزائره رسالة كاملة عن الحضارة المصرية وتطورها عبر التاريخ لأنه صُمم على أحدث أساليب العرض المتحفى التى تؤكد الدور الأساسى لمتحف الحضارة، وهو عرض إنجازات الإنسان المصرى فى مختلف مجالات الحياة ما بين معارف وعلوم وإدارة ومهن وفنون ونظم وتقنيات ومعتقدات وعادات وكل ما يلمس النشاط الإنسانى". اسباب تأخر تنفيذ المشروع وأشار"يسري" إلى أن منظمة اليونسكو تقدم لمصر دعماً فنياً فى جوانب مختلفة، من خلال فريقها الضخم من المستشارين والفنيين متعددى التخصصات، بالتعاون مع الخبراء المصريين، متابعاً: " سبب تأخر تنفيذ المشروع هو عدم صرف مستحقات الشركات المنفذة، الأمر الذى أدى لتوقف أعمال البناء فى المشروع ، بالإضافة إلى طلب شركة مياه القاهرة مبلغ 9 ملايين جنيه لتوصيل المياه العكرة إلى حدائق المتحف، وهو مبلغ كبير من الممكن أن يصدر رئيس الوزراء تكليفاً إلى الشركة لبدء التوصيل وتخفيض المبلغ باعتباره مشروعاً قومياً". واضاف مصطفى كمال، مسئول توثيق آثار العصر القبطى لمحيط : يستطيع الزائر خلال زيارته للمتحف القومي للحضارة التعرف على النواحى التفصيلية لقيام الحضارة المصرية فى عصورها المبكرة والتحول الكبير الذى طرأ على مظاهر الحياة من خلال المتحف والتعرف على الإنسان المصري منذ أن عرف الاستقرار وتعلم الزراعة والرعى وتكونت الأقاليم والمدن حتى بداية تكوين ملامح الدولة المصرية. النيل ويتناول بالتحليل والعرض قصة نشأة نهر النيل فى مصر وكيف كان ومازال العمود الفقرى للحضارة المصرية ووفَّر لها نعمة الاستقرار والاستمرار وحول الإنسان المصرى إلى منتج للطعام. واستخدم المصريون النيل فى الزراعة والصيد والنقل. وقامت على جانبيه ودلتاه أعظم حضارات العالم وأقدمها التى مازالت مستمرة إلى الآن. ويتعرض لقصة تحول النيل من آن لآخر وفروعه -التى أصبحت فرعين بعد أن كانت سبعة أفرع- بداية من إنشاء الخزانات والسدود للإفادة من فيضان النيل وصولا للسد العالى. الكتابة ويعرض أحدث الاكتشافات الأثرية ويوضح المزاعم القائلة بأن الكتابة المسمارية أقدم الكتابات؛ إذ أثبتت الاكتشافات الأثرية فى أبيدوس فى صعيد مصر أن المصريين توصلوا للكتابة المصرية قبل المسمارية بأكثر من ثلاثمائة عام. ويتناول براعة المصريين وتفوقهم فى العلوم. ويؤكد على ريادة مصر فى ذلك. ويلقى الضوء على مجالات كان الفضل والبراعة والسبق والتفوق فيها للمصريين كالطب والفلك والرياضيات وعلوم التحنيط. الثقافة المادية ويعرض الشواهد المادية الممثلة للحضارة المصرية كالعمارة وتطورها منذ عصور ما قبل التاريخ إلى عصرنا الحديث على اختلاف أنواعها كالعمارة المدنية والحربية والدينية والجنائزية. كما يتناول قصة الفنون المصرية من نحت وتصوير وحلى وأدوات زينة والأدوات الموسيقية والتعبيرية منذ أقدم العصور إلى الآن. الدولة والمجتمع ويتناول نظام الحكم المصرى وتعايشه مع المجتمع؛ إذ أثبتت الشواهد أن أقدم حكومة مركزية فى العالم نشأت فى مصر. وقامت العلاقة بين الحكومة والمجتمع على العدل والمساواة. وساهم المجتمع المصرى فى نهضة ورقى حضارته من خلال منظومة متكاملة من القيم سادت المجتمع منذ الأزل إلى الآن وأثرت بشكل كبير فى صنع الشخصية المصرية. وكان ومازال دور المرأة عظيما فى مجتمع وحضارة مصر، وكان للحضارة المصرية السبق فى إدراك أهمية دور المرأة فى تحقيق التقدم الحضارى؛ إذ شاركت المرأة جنباً إلى جنب مع الرجل فى بناء تلك الحضارة العظيمة. ويوضح أهم العادات الاجتماعية كالأعياد والمناسبات والتعليم والقضاء والضرائب والجيش والشرطة والتنظيمات عبر العصور. العقائد والفكر ويعرض أهم المعتقدات المصرية التى تؤكد أن المصريين من أكثر شعوب الأرض إيمانا وتسامحا مع العقائد الأخرى. ويؤكد أن المصريين أبدا لم يكونوا عبدة تماثيل أوأفراد بل كانوا على إيمان قوى بقوة الإله وقدرته التى تصوروها فى أشكال عدة. وجاءت فلسفة المصريين وتفسيرهم لنشأة الأرض متقاربة إلى حد ما مع ما ورد فى الكتب السماوية. وتمسك المصريون لسنوات طوال بعقائدهم وإيمانهم فى مواجهة الغزو الأجبنى للأرض المصرية. وصارت مصر مأوى للمسيحية التى انتشرت فيها وتعايشت بسلام مع معتقدات المصريين، بل وجد المصريون فيها قدرا كبيرا من معتقداتهم. وكانت تلك نفس السمات التى انتقل بها المصريون إلى الإسلام. ويتناول هذا القسم العادات والفنون الشعبية المصرية منذ أقدم العصور إلى الآن بأسلوب يجعل المصرى يعيد اكتشاف نفسه من جديد ويجد نفسه فى تواصل كامل مع أجداده الذين صنعوا مجد هذه الحضارة، ويجعله يعى جيدا ضرورة مواصلة هذا المشوار الحضارى الطويل بالحفاظ عليه والارتقاء به. المومياوات الملكية وتمثل هذه المنطقة محور الجذب الأساسى فى المتحف؛ حيث يستطيع الزائر أن يرى ملوك وملكات مصر الذين طالما ترددت أسماؤهم على مسامعه. وتتلخص فكرة العرض فى تقديمهم بما يليق بمكانتهم الكبيرة بعيدا عن عرضهم كمومياوات فقط. وصالات العرض مجهزة ومصممة لتأهيل الزائر للعيش فى رحاب الملوك الفراعنة العظام.