أكدت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين، أن عدد اللاجئين السوريين تجاوز حاجز ثلاثة ملايين، مع اشتداد الأزمة السورية. وقال المفوض السامي للأمم المتحدة لشئون اللاجئين أنطونيو غوتيريس في بيان صحفي أصدرته المفوضية أمس: "لقد أصبحت الأزمة السورية أكبر حالة طوارئ إنسانية في عصرنا الراهن، ورغم ذلك، فإن العالم يخفق في تلبية احتياجات اللاجئين والدول المضيفة لهم". وأضاف "لقد اتسمت الاستجابة للأزمة السورية بالسخاء، ولكن الحقيقة المرة هي أن هذه الاستجابة أقل بكثير مما هو مطلوب". وأشارت المفوضية في بيانها امس، إلى أن ارتفاع عدد اللاجئين السوريين يأتي وسط تقارير تفيد "عن ظروف مروعة على نحو متزايد داخل سورية حيث يتعرض السكان في بعض المدن للحصار والجوع فيما يجري استهداف المدنيين أو قتلهم دون تمييز". وقالت المفوضية في بيانها: "إن حوالي نصف السوريين اضطروا حتى الآن إلى مغادرة ديارهم والفرار للنجاة بحياتهم"، مشيرة إلى أن واحدا من بين ثمانية سوريين فر عبر الحدود منذ أكثر من عام، وهو ما يعادل تماماً مليون شخص، أكثر من نصفهم من الأطفال، إضافة إلى وجود 6.5 مليون نازح داخل سورية نفسها. ولفتت المفوضية حسبما ورد بجريدة "الغد" الأردنية إلى أن أعداداً متزايدة من الأسر السورية يصل أفرادها وقد بدت عليهم الصدمة، مرهقين وخائفين ونضبت مدخراتهم، موضحة أن معظم هؤلاء واصلوا الهرب على مدى عام أو أكثر، يفرون من قرية إلى أخرى قبل اتخاذ القرار النهائي بمغادرة البلاد. وأكدت المفوضية أن هناك علامات تدعو للقلق وهي أن رحلة الخروج من سورية باتت أكثر مشقة، حيث يجبر الكثير من الناس على دفع رشاوى عند نقاط التفتيش المسلحة والمنتشرة على طول الحدود. ويضطر هؤلاء اللاجئون الذين يعبرون الصحراء إلى شرق الأردن إلى دفع مبالغ ضخمة لمهربين" (حوالي 100 دولار للشخص الواحد أو أكثر) لنقلهم إلى بر الأمان، بحسب بيان المنظمة. وتشير المنظمة الى أن الغالبية العظمى من اللاجئين السوريين تتمركز في البلدان المجاورة لسورية، حيث يحتل لبنان الكثافة الأعلى بينهم "1.14 مليون"، فتركيا 815 ألفا فالأردن 608 آلاف، مؤكدة أن ذلك أدى إلى إثقال كاهل اقتصادات هذه البلدان ومواردها وبنيتها التحتية. ويصارع أكثر من أربعة من بين خمسة لاجئين لكسب العيش في البلدات والمدن خارج المخيمات، فيما "يعيش آخرون في مآوٍ دون المستوى"، وفقاً لدراسة حديثة، بحسب المنظمة. ويشكل السوريون الآن أكبر عدد من اللاجئين في العالم ممن ترعاهم المفوضية، ويحتلون المركز الثاني من حيث العدد بعد اللاجئين الفلسطينيين الذين تمتد أزمتهم منذ عقود طويلة، لكن عمليات المفوضية الخاصة بسورية، تعتبر بحسب البيان "الأضخم حتى الآن في تاريخ المفوضية منذ نشأتها قبل 64 عاماً". ويشير البيان إلى أن تصاعد حدة القتال مؤخراً يفاقم تدهور الوضع اليائس أصلاً، فمع تغير جبهات القتال، تفرغ مناطق جديدة من سكانها، وعلى سبيل المثال، يفر الأشخاص القادمون إلى الأردن مؤخراً بفعل زحف الجماعات المتطرفة في كل من الرقة وضواحي حلب. وأبدت المفوضية قلقها العميق حيال وضع عدة مئات من السوريين المحاصرين داخل مخيم العبيدي للاجئين في مدينة القائم في العراق، بعد أن أجبرت وكالات الأممالمتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية على مغادرة مكاتبهم ومخازنهم. وتقول المفوضية: "إن الشركاء الوطنيين يواصلون توفير الإمدادات والصيانة، لكن الوضع متقلب حتى الآن". ويقول كثير من اللاجئين القادمين حديثاً إنهم غادروا سورية كخيار أخير، وقد اضطر عدد متزايد من اللاجئين، بمن فيهم أكثر من نصف القادمين إلى لبنان، الى التحرك مرة واحدة على الأقل قبل الفرار، فيما تحرك واحد من بين عشرة لاجئين أكثر من ثلاث مرات. وقالت إحدى اللاجئات للمفوضية: "إنها انتقلت من مكان إلى آخر ما لا يقل عن 20 مرة قبل عبورها أخيراً إلى لبنان". وبالإضافة إلى تدهور الوضع الأمني ، يفيد اللاجئون مؤخراً عن صعوبة متزايدة في العثور على عمل، وارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية والسلع وانهيار الخدمات، حيث تضاعف سعر ربطة الخبز في إحدى القرى القريبة من مدينة إدلب إلى عشرة أضعاف ما كانت عليه العام الماضي، "وفقاً لأحد القادمين الجدد إلى الأردن"، وبحسب بيان المنظمة. وتعاني شريحة متزايدة من القادمين إلى الأردن مؤخراً "حوالي 15%" من أمراض صحية مزمنة كالسكري وأمراض القلب والسرطان، وهو ما اضطرهم الى المغادرة لغياب الرعاية الصحية الكافية في بلدهم. وتعمل المفوضية مع 150 وكالة ومجموعة مختلفة أخرى، ومع الحكومات المحلية، لمساعدة اللاجئين على سداد إيجارات منازل يستأجرها هؤلاء اللاجئون، وكذلك للحصول على الغذاء والتعليم والرعاية الطبية، وتوفير السلع الأساسية مثل الخيام والفرش والأغطية البلاستيكية. وفي العام الماضي وحده، قدمت المفوضية وشركاؤها مساعدات غذائية ل 1.7 مليون لاجئ، وساعدت 350 ألف طفل على التسجيل في المدارس، ووفرت المأوى في المخيمات لأكثر من 400 ألف لاجئ. ومنذ بداية الأزمة في العام 2011، قامت المفوضية بتسجيل اللاجئين على نحو أسرع من أي وقت مضى في تاريخها. وساهمت الجهات المانحة لغاية الآن بتقديم أكثر من 4.1 مليار دولار لخطط الاستجابة الإقليمية المتعاقبة منذ العام 2012، ومع ذلك، ينبغي توفير أكثر من 2 مليار دولار قبل نهاية هذا العام وحده لتلبية الاحتياجات الملحة للاجئين. ويتوقع أن يكون أكثر من 2.4 مليون شخص بحاجة إلى دعم عاجل في الأسابيع المقبلة استعداداً لفصل الشتاء المقبل، بحسب بيان المفوضية.