تدرس إسرائيل الآن كل خياراتها الممكنة، من أجل مواجهة مسألة "الأنفاق العسكرية"التابعة لحركة حماس في قطاع غزة، وتعتزم في وقت قريب تجريب مجسات جديدة لكشف الأنفاق، قبل أن تقرر إذا ما كانت ستبني جداراً إليكترونياً فاصلاً في باطن الأرض بين غزة وإسرائيل. وخلال ثلاثة حروب سابقة على غزة كانت الأنفاق هي التحدي الأبرز للجيش الإسرائيلي، وما زالت كذلك. ووفقًا لما نشرته صحيفة "الشرق الأوسط"، اليوم الثلاثاء، كلفت حملة لهدم 32 نفقًا في الحرب الأخيرة على غزة، الجيش الإسرائيلي خسارة 63 جنديًا، وخطف اثنين، دون أن يعني ذلك أن الجيش نجح في الحد من خطورتها، ولا يوجد أحد في إسرائيل يعرف عدد الأنفاق العسكرية في قطاع غزة. وتحاول إسرائيل منذ سنوات طويلة إيجاد حلول مختلفة للأنفاق الهجومية، واستخدمت أفضل العلماء لتطوير تقنيات متقدمة تساعدها على إيجاد الأنفاق وتدميرها، وتركز على حلول تكنولوجية في ذلك، لكنها كانت محل جدل كبير. وقال مصدر إسرائيلي كبير: "نريد إيجاد مانع للأنفاق، إضافة إلى إيجاد طريقة لتحديد وجودها". وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن أحد أكثر الحلول المطروحة إقامة جدار تحت الأرض على عمق عشرات الأمتار، وعلى طول الحدود مع غزة (65 كيلومترا)، لاعتراض الأنفاق، وأن أفكاراً جديدة تُطرح الآن تتعلق بزرع مجسات بدل الجدران. وبينما كان الجيش الإسرائيلي يعترض على فكرة إقامة جدران قبل الحرب الحالية، لأنها قد لا تكون حاسمة، وستكلف نحو ثمانية مليارات شيكل (نحو ملياري دولار)، عاد يفكر في ذلك من بين أمور أخرى وسط جدل كبير. وقال المحلل الإسرائيلي المتخصص في الشئون الأمنية، رونين برغمان، أمس، إن إسرائيل تتجه لبناء «جدار إليكتروني» تحت الأرض على طول الحدود مع غزة، بهدف مواجهة الأنفاق. وأضاف: "سيجري تخصيص ميزانيات لوزارة الدفاع من أجل تمويل إنشاء جدار إليكتروني تحت الأرض على طول الحدود مع غزة.. سيعمل بتكنولوجيا شبيهة بتكنولوجيا التنقيب عن النفط والغاز". لكن قائد المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال، سامي ترجمان، شكك فى ذلك، وقال إن الجيش ليس لديه أي حلول تقنية لأنفاق غزة حتى الآن. وأوضح في تصريحات، نقلتها صحيفة "يديعوت أحرونوت": "بدأنا عملية الجرف الصامد، ودخلنا أطراف غزة لتدمير الأنفاق، لأنه ليس لدينا حلول، وكل مرة نكتشف نفقًا كنا ندخل إليه من أجل تدميره". ومن المقرر أن يقوم الجيش الإسرائيلي قريبًا بإجراء تجربة جديدة على جهاز «مجسات» لتحديد وجود أنفاق أو لا. وعملت إسرائيل على تطوير هذه التكنولوجيا منذ عام ونصف العام، وأجريت تجارب عليها في المناطق التي تحوي أنفاقًا لمياه الصرف الصحي في تل أبيب. وقال ضابط في الجيش الإسرائيلي: إن الجهاز يعمل بواسطة مجموعة «مجسات» قادرة على التقاط عمليات الحفر تحت الأرض، أو تحديد وجود فراغات في باطن الأرض. وبحسبه، فإن تكلفة الجهاز تتراوح ما بين مليار ونصف المليار حتى ملياري شيكل، وإدخال الجهاز إلى العمل، في حال نجحت التجربة، سيستغرق نحو عام، منذ لحظة اتخاذ القرار. وتقدر المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن حماس تستثمر نحو 140 مليون دولار في السنة لحفر الأنفاق تحت الأرض، سواء تلك التي تستعمل لتهريب السلاح من جهة سيناء، أو لتنفيذ عمليات في الجانب الإسرائيلي. وتعتقد أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية أن المسافة العامة للأنفاق تمتد إلى كيلومترات كثيرة. وكانت إسرائيل قد اكتشفت أنفاقًا تصل إلى كيلومترين ونصف الكيلومتر وعمق 25 مترًا، مشيدة بمئات الأطنان من الإسمنت. وأصاب هوس الأنفاق المنظومة الأمنية الإسرائيلية، التي تعتقد بوجود أنفاق شبيهة في الشمال، عن طريق «حزب الله». وقال قائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي يائير جولان: "الجيش يستعد للتعامل مع سيناريو وجود أنفاق في الجبهة الشمالية من جهة لبنان، رغم عدم وجود تهديد استراتيجي لهذه الأنفاق حتى الآن". وأضاف: «لا توجد أي معلومات لدى الجيش الإسرائيلي عن وجود أنفاق من الأراضي اللبنانية نحو إسرائيل، لكن الجيش يستعد للتعامل مع هذا السيناريو». واستخدمت حماس الأنفاق أول مرة عام 2006. حينها فوجئ الجنود الإسرائيليون عند معبر كرم أبو سالم، نحو الساعة الخامسة قبل الفجر، بهجوم قوي بقاذفات الهاون، ودخول سبعة من مقاتلي حماس إلى إسرائيل، تمكنوا من قتل جنديين وخطفوا آخر، وهو جلعاد شاليط، وكانت هذه العملية الأكثر شهرة ونجاحًا، وأثبتت لحماس وإسرائيل على حد سواء نجاعة وخطورة الأنفاق، وثبت بعد ذلك أن حماس بنت مدينة أنفاق كاملة تحت الأرض.