ابو بكر خلاف " توك توك " الفضائيات الدينية لم يصل بعد الى مبتغاه – لأنه يفتقد إلى السخونة المعتاده في قنوات المنوعات وهو ما يفسره البعض بأن كلام المشايخ في السياسة يجعلهم في مهب الريح، وليس ما حدث لقناة "البركة" عن المتابعين ببعيد .
لماذا يغيب البرادعي وأيمن نور وحمدي قنديل وحسن نافعة وعلاء الأسواني و بلال فضل و إبراهيم عيسى ومحمود عزت وعصام العريان وغيرهم من النشطاء علي الساحة السياسية عن الظهور علي الفضائيات الدينية .
ولو في حديث غير السياسة لان الإسلام دين شامل ودستور للحياة بكل مجالاتها بما فيها السياسة ؟ أليس هذا جديرا بالتساؤل ..؟!!
فهل ظهور هؤلاء على الفضائية الدينية سيأخذ بعقول المشاهدين إلى جهنم ، ام أن استبعادهم يقي أصحاب هذه القنوات من رحلة إلى وراء الشمس؟.
من هنا يدرك المتابع سر غياب شخصيات عامة لها جماهيريتها عن الفضائيات الدينية التي تأخذنا إلى الجنة ، ربما لكونهم "شياطين" او"متآمرين" وناكري نعمة في عين النظام وأجهزته الأمنية الساهرة على خدمة الوطن.
في لقائي بالإعلامي محمود سعد رئيس "قناة أزهري" قبل أيام، أثرت هذه النقطة فقال:"ليس هناك داع للإثارة السياسية في قناة دينية طالما لا يوجد لذلك داع أو مبرر ".
إن تقديم رسالة إعلامية ذات هدف وموضوعية ليس بالأمر الهين ، والمشاهد أصبح واعيا ولا يمكن اللعب عليه ولا يقبل الاستغفال، وإذا كنت تكذب أو تداهن بعض الوقت فلن تستطيع ذلك في كل وقت ، لأنك لن تجد من يصدقك ، طالما بقي الريموت في يد المشاهد والأقوى هو الأجدر بالبقاء.
هل يعلم المتشدقون بالحرية الإعلامية ما هي إجراءات التصوير الخارجي أو عمل تقرير تلفزيوني لبرنامج بالشارع حتى لو كانت القناة معروفة من خلال اللوجو " على الميكروفون" أومن حيث الجماهيرية والانتشار، إن هذا كله لا يغني عن تصريح إلى أين وكيف ولماذا ؟عند كل تحرك لتقرير هنا أو تغطية لحدث هناك .
نحن نقر بدور الأمن في حماية امن وسلامة الوطن، ولكن ألا يغني معرفة الأجهزة الرقابية بسياسة القناة ومصادر تمويلها منذ يومها الأول عن بيروقراطية الإجراءات وتعقيدها ؟؟
لماذا يتمسك بعض مشايخنا بفتوى تحرم الخروج بالمظاهرات بكل أشكالها باعتبارها خروجا على الحاكم ويرددون دوما " وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " وينسوا أو يتناسوا قوله صلي الله عليه وسلم أنه "لاطاعة لمخلوق في معصية الخالق ".
أي أن طاعة أولي الأمر مشروطة بالطاعة في المعروف والحلال وليس بحصار المسلمين في غزة او إقامة علاقات مع الصهاينة اوتزوير الانتخابات او التستر علي قتل خالد سعيد علي يد اثنين من المخبرين مثلا .
إن الطاعة الواردة في الآية الكريمة ليست مطلقة بل هي مقيدة ، كما أنهم ينسون أن المسلم مكلف بتغيير المنكر باليد أو اللسان او القلب وذلك اضعف الإيمان كما جاء بحديث النبي العدنان عليه الصلاة والسلام؟.
في الوقفة الاحتجاجية بالإسكندرية الجمعة الماضية تضامنا مع الشهيد خالد سعيد خطب ( المخبر) بمسجد سيدي جابر بالمصلين وقد علم نيتهم في التظاهر بعد الصلاة فذكرهم ما يزيد عن الساعة وحثهم بطاعة أولي الأمر.
وكان المصلون يعرفون ولائه لأولي "الأمن" ولم يرحم وقوفهم خارج المسجد يعانون الشمس الحارقة ، وكأنه نسي وصية نبي الرحمة "من أم منكم المسلمين فليخفف فإن منهم الضعيف والمريض وذا الحاجة".
إننا نرفض أن يتحول الدين الى أداة في يد أولي الأمر لتبرير الأوضاع الخاطئة والظلم أو ليصبح كالأفيون للشعوب، أو أن يصبح التدين لدى شبابنا وسيلة للهروب من مرارة الواقع.
بدلا من أن يكون حافزا للعلم والعمل والتقدم والرقي. وأداة لخلاص وطننا من الظلم والجهل والعبودية والفقر.
بعض المشايخ كغيرهم من نجوم المجتمع لهم جمهورهم ومعجبيهم فهم يحرصون على مواكبة كل جديد من الافكار والاشكال البرامجية ، ولاغرابة أن نجد بعض برامج الحديث الوعظي المباشر لنجوم الفضائيات الدينية تتحول شيئا فشيئا إلى شكل "التوك شو".
ولكن عندما يحل الخوف على الرسالة الإعلامية يتحول "التوك شو" إلى"توك توك" شو فيتدخل الإعداد ممثلا في إدارة القناة لفرض قضايا بعينها وطريقة طرحها وأسماء ضيوفها .
بل قد يتعدى الطبخ إلى اتفاق مع أصحاب المكالمات التليفونية حتى يصل برنامج "التوك توك" إلى بر الأمان، متمسحا في قاعدة " درء المفاسد مقدم على جلب المنافع". بالطبع ليس كل من على الهواء في مصر هو من عالم "التوك توك"، هناك إعلاميون وإعلاميات حقيقيون أصحاب رسالة سامية وينشدون الحق ويقولون الحقيقة حتى ولو كانت علي غير هوي أولي الأمر وهناك برامج تعتبر ناجحة بالفعل وأثبتت وجودها لكنها للأسف قليلة.
أيها القائمون على الفضائيات إن الرسالة الإعلامية الهادفة ليست تفصيلا لمزايا الحلل والبطاطين، ولا تحليلا عميقا للمباريات بالساعات عبر الاستوديوهات واللقاءات بعشرات الخبراء والمحللين.
وإنما الرسالة الاعلامية الجادة هي حق للمشاهدين في معرفة أفضل بالحياة وتعاليم الدين وقول كلمة "حق "عند سلطان جائر كما أوصانا بذلك نبي الرحمة محمد صلي الله عليه وسلم .