طلعت جادالله حل العنف محل الممارسة الديمقراطية، والسباب محل الدعاية، فبدأت المعركة فجأة تحولت ساحة جامعة عين شمس إلي مكان استعداد لمعركة كبري! وظهرت من حيث لا يدري أحد ميكروفونات تحث الطلاب علي التجمع لمواجهة ظلم الجامعة في انتخابات اتحادات الطلاب، وبدأ هؤلاء بالعصي والشوم والجنازير كأنهم جاهزون لساحة قتال يعلنون أن العون قادم من بقية طلاب الجامعة كالطب والصيدلة والتجارة، واصطفت تجمعات شبان وفتيات المحظورة يدبون الأرض ويهتفون بتكفير رئيس الجامعة الدكتور أحمد زكي بدر، هكذا كان المشهد الذي شاهده وعايشه طلاب جامعة عين شمس، يوم الأربعاء الماضي بسيناريو طلاب المحظورة لإخراج ما يسمي باتحاد الطلاب الموازي لاتحاد الطلاب الرسمي للعلن من جوف معركة علنية كبري قصد بها إعلام القاصي والداني، بأن الاتحاد الموازي أعلن يا قوم!!. وعاش محرر تحت التدريب وطالب بإحدي الكليات النظرية بهذه الجامعة التجربة، قائلاً: كان ظننا أن القصة مظاهرات وهتافات وينتهي الأمر، ولكن تطور الأمر لمحاولة الهجوم علي قصر الزعفران الذي يقع فيه مكتب رئيس الجامعة الدكتور أحمد زكي بدر،وكانت المفاجأة أن خرج رئيس الجامعة من شرفة مكتبه وتحدث لمن يهتفون بسباب غير لائق ضده محاولاً إقناعهم بشكل عقلاني جداً بالالتزام بالشرعية وروح الأسرة والأخلاق، وأن الديمقراطية في احترام إرادة الطلاب، والذين تابعوا حديثه من طلاب الجامعة كانوا مبهورين به وبجرأته وأنه كان يحاول جاهداً أن يدير معهم نقاشاً مباشراً علي مرأي ومسمع كل طلاب الجامعة، ولكن المحرر فوجئ بمن يخرج من الصفوف يسبه ويتهمه بالكفر ويحاول الاعتداء عليه بشكل لا يليق، ورغم ذلك ظل كيساً قوياً. للأسف تطور المشهد إذا حاول بعض طلاب المحظورة اقتحام قصر الزعفران وهو مقر رئيس الجامعة ونوابه وكأنهم يحاولون تحرير قصر مغتصب من عدو، أو أن أعداء الوطن قابعون في هذا المبني وليس مصريين يحملون أعلي الدرجات العلمية يرفعون شأن مصر والعلم فيها فيكون هذا جزاءهم!!. الأدهي والأمر أن يأخذ المهاجمون المغاوير في طريقهم باباً حديدياً كبيراً يقف خلفه ضابط شرطة شاب فيسقط صريعاً بإصابة في المخ جعلته يصارع بين الحياة والموت، وهكذا عدد من العاملين في مبني رئيس الجامعة، ولولا سرعة التدخل الأمني لكان هذا المبني في أسوأ حالاته الآن بما فيه من مكاتب تخدم الطلاب وكليات الجامعة، أليس هذا شيئاً مفزعاً وموجعاً أن يكون هذا هو لغة الصراع علي انتخابات طلابية؟!. أما المساكين أهالي الطلبة الذين احتجزتهم الأحداث رهائن لساعة متأخرة من الليل، فقد انتشرت جموع أهاليهم في الميادين المحيطة بالجامعة وقلوبهم ترتعش علي سلامة أبنائهم الذين لا دخل لهم بهذا أو بذاك وجاءوا للجامعة لتلقي العلم فقط!!. بقدر ما كان أحمد زكي بدر جريئاً قوياً وعاقلاً، كان الطلاب متعاطفين معه وحريصين عليه، فقد أراد أن يجنب طلاب المحظورة صداماً مع الجامعة، فنتائج الانتخابات لا يمكن أن تكون وسيلة لعنف، ولا يمكن أن تفرض جماعة إرادتها علي الغالبية العظمي للطلبة! وحتي إن كان هناك إقصاء لهم أو تزوير قد تم في عملية انتخاب اتحاد الطلبة بالجامعة! أليس بهذا البلد قضاء وقانون، أم أن السنجة والمولوتوف والشوم والتكفير هي الحل، وإسالة دماء الأبرياء هو الأسهل؟! كان يجب علي من وجوههم إلي هذه المعارك أن يعلموهم أن القضاء هو الفيصل وأن الجامعات لا تكسر ولا يعتدي علي مسئوليها والعاملين فيها. ربما يكون خطأ أحمد زكي بدر أنه خرج علي المألوف ونزل إلي الطلاب يحاول محاورتهم وهو يعلم أنهم مسيرون لمعركة دموية، ولكن يكفيه أنه حاول ولم يهرب من باب خلفي أو في حراسة الأمن كما يفعل رؤساء الجامعات في مثل هذه المواقف التي أصبحت معتادة من طلاب المحظورة. ويبقي أن نسأل أهل المحظورة هل كان يمانعكم أحد في إعلان أسماء اتحادكم الموازي دون عنف ودماء وتكسير؟! هل كان سيقصيكم أحد أو يزور ضدكم أحد، أنتم تريدون دولة موازية في مصر في كل شيء فما الغضاضة في اتحاد مواز دون دموية؟! قد يكون إدماناً للمعارك؟!. السؤال الذي يحتاج لإجابة من رئيس الجامعة وأجهزتها، كيف سرب طلاب المحظورة معدات الصوت الكبيرة والأسلحة اليدوية والمولوتوف والشوم واللافتات التي تهين رئيس الجامعة وتسب الدنيا كلها؟! بل وكيف دخلوا بصناديق التصويت الكبيرة لإكمال مشهدهم التمثيلي عن الاتحاد الموازي المنتخب؟!. قد يكون هناك نجاح لطلاب المحظورة هو إسقاط هيبة الجامعة والممارسة السياسية المحدودة فيها، وتحويلها إلي حلبة مصارعة وضرب، وهي خسارة سيدفع ثمنها الجميع، طالما غاب القانون والشرعية، وحلت محلهما القوة والغشم والعنف، وهذا لا ولن ينجو منه أحد. عن صحيفة الوفد المصرية 27/10/2007