الأبنودي يهدي أحمد دومة قصيدة "صيادين النجوم" ويناشد رئيس الجمهورية الإفراج عنه المسلماني ل"محيط": الأبنودي ليس شاهداً على العصر لكنه أحد صانعيه جمال الشاعر في تصريح خاص: قصائد الأبنودي لا تزال طازجة إلى الآن! بهاء طاهر: الأبنودي كتب قصيدة المديح الوحيدة في حياته ل"عم جمعة"! الأستاذ محمد حسنين هيكل يلتزم الصمت في حضرة الأبنودي! وسط محبيه وأصدقائه احتفل رموز الوسط الثقافي والفني والسياسي، بعيد ميلاد الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودي ال76، وتوقيع ديوانه "مربعات" الصادر عن هيئة الكتاب مؤخراً، بمقدمة للأستاذ محمد حسنين هيكل، مساء أمس الأربعاء بالمبنى الجديد لمؤسسة الأهرام. حضر الحفل الأستاذ صاحب مقدمة الديوان محمد حسنين هيكل، ووزير الثقافة د.محمد صابر عرب، د.أحمد مجاهد رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، د.مصطفى حجازي المستشار السياسي لرئيس الجمهورية، وأحمد المسلماني المستشار الإعلامي لرئيس الجمهورية، والكتاب الكبار بهاء طاهر، جمال الغيطاني، والمخرج مجدي أحمد علي، والصحفي والكاتب إبراهيم عيسى، وفنان الكاريكاتير مصطفى حسين، وغيرهم. جمع حفل الأبنودي الأزهر والكنيسة، فترى بين أرجائه الشيخ المعمم، وممثلي الكنيسة، وقد كتب الأب ميلاد شحاتة الراهب الكاثوليكي في دفتر التهاني لعبدالرحمن الأبنودي قائلاً: "حفظتُ لك جوابات حراجي وتمنيت مقابلتك". على أنغام أغنية "يا أسمراني اللون" استقبل مسرح الأهرام، قاعة نجيب محفوظ الخال عبدالرحمن الأبنودي وأسرته المكونة من المذيعة نهال كمال، وابنتيه آية ونور، وتشكلت منصة الاحتفال من الخال صاحب الحفل، والأستاذ حسنين هيكل، ووزير الثقافة د.صابر عرب، ورئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام أحمد السيد النجار، ورئيس التحرير محمد عبدالهادي علام، والروائيان الكبيران بهاء طاهر وجمال الغيطاني، وزوجة الشاعر عبدالرحمن الأبنودي نهال كمال، الذي ناداها الشاعر من مصاف الحضور قائلاً لها في ود: "شاركيني المنصة.. أكون وحيداً وخائفاً من دونك"، وهكذا نادى على جمال الغيطاني ليشاركه المنصة واصفه بأنه "عشرة عُمر". قال صاحب الاحتفال الشاعر عبدالرحمن الأبنودي، أنه سعيد بكتابة الأستاذ هيكل لمقدمة ديوانه "المربعات"، فقد أخبره هيكل أنه كان يقرأها وهو خارج مصر ليعرف عن أحوالها الكثير، يقول: هذا ما شجعني أن "ابتزه" واطلب منه كتابة المقدمة، وهكذا فعل. ولفت الأبنودي إلى أن هيكل يحفظ كثيراً من الشعر العربي، فهو ليس سياسي فقط كما يقول، فقد كان يسرب لنا هذه الأبيات في المناسبات المختلفة، وإن لم يتذوق الشعر لما أمكنه من التعبير عن العالم بمثل هذه السلاسة التي يقول بها كلماته. ووجه الشكر له لحضوره هذا الاحتفال قائلاً: جاء إلى هذه الليلة بتواضع وإنسانية فأضاءها. ووجه الشكر إلى جمال الغيطاني قائلاً: أعرفه منذ أوائل الستينيات، "اتحبسنا مع بعض، وأكلنا مع بعض، وصاحبنا الدنيا سوياً" فهو رجل نادر. وعن أحمد سيد النجار قال الأبنودي أنه لم يلتق به سوى اليوم، لكنه عرف مصر جيداً، وخبر أحوالها ووضع يده في جيبها وأحصى نفقاتها، ويعرف الكثير عن محفظة مصر، ولولا حبه لها لما عرفها وعرفته هكذا. وهو رجل يستحق أكثر مما هو فيه. وعن وزير الثقافة د.صابر عرب، قال الأبنودي أنه يعامله كصديق لا كوزير، فقد لجأ إليه الأبنودي كما يقول حين كان يحتاج إلى مادة علمية أثناء رئاسة د.صابر لدار الكتب. يضيف الأبنودي: كنت أرغب في جمع الزجل منذ عام 1932 وحتى 1954، وقد فعلت بعد أن سهل لي "عرب" الأمر وأعطاني كنوزاً. يتابع الأبنودي: وجدت نوادر وأرخت لبيرم التونسي، وفكري النجار، والكمشوشي الذي قال حينما ضاق به الحال: البلاوي حوطتني/ والهموم سدت طريقي/ والديون جت موتتني/ ياريته كان موت حقيقي. ويروي كذلك عن أحد الزجالين الذي كان حلاقاً، وله ديوان بعنوان "يوميات حلاق"، ووصف الأبنودي هذه الإبداعات بأنها عبقريات شعبية، حرام أن تندثر أو تضيع. ولم يقرأ الأبنودي من ديوانه "مربعات" قائلاً أن الديوان للقراءة وليس للأداء، حتى رباعيات صلاح جاهين كما يقول يجب أن تختلي بها من أجل الاستمتاع بنظرة كاتبها للحياة. وقرأ قصيدة عمرها 50 سنة كما يقول بعنوان "صيادين النجوم"، والتي أهداها إلى الناشط السياسي أحمد دومة، والذي حكم عليه مؤخراً بالسجن ثلاث سنوات بتهمة خرق قانون التظاهر مناشداً رئيس الجمهورية الإفراج عنه، قائلاً لمستشارين الرئيس الجالسين أمام الأبنودي في الصف الأول: "قولوا لرئيس الجمهورية يفرج عن دومة فهو لا علاقة له بالآخرين، وأيضاً مريض"، ووجه تحيته إلى الرئيس عدلي منصور الرجل الطيب كما يصفه، قائلاً: "تحياتي إليه أكثر حين يفرج عن أحمد دومة"، وأضاف الأبنودي: "من الذي أوصى بعدم التعليق على أحكام القضاء، خرب بيتنا من فعل هذا"!. يقول في مطلع القصيدة التي يؤكد أنها قديمة جديدة: لو يسمح القمر يطوف حوالين حيطان بيت الخراب يسمع يشوف لو تسمح الظروف يمد سلمه الخيوط ويسند ع الجدار ده انا ليا عين غنوة وعين فارشها الانتظار في كلمته أوضح وزير الثقافة د.صابر عرب أن الأبنودي أرّخ للأغنية الشعبية بلغته العذبة، واستطاع إيصالها لأذن المستمع ببساطة، وهو أجمل من عبر عن حياة المصريين، رغم ابتعاده منذ عدة سنوت إلى خارج القاهرة، لكن قلوب المصريين كانت تهفو إليه. ووصف كلمات الأبنودي بأنها تسري مثل النار في الهشيم لتحرك السواكن كلها، قائلاُ: عندما جاء إلى القاهرة استعادت المدينة روحها من جديد، معرباً عن أمنياته بدوام إقامة الشاعر الكبير بالقاهرة لنتواصل معه، متمنياً له دوام الصحة ليظل معبراً بصدق عن ضمير ووجدان ومحبة المصريين فناً وغناء. وقال أحمد السيد النجار، أن الأبنودي يعبّر عن أحلام البسطاء، وشعره سفير للجمال، وصنع فجر الإنسانية بكلماته البديعة ومعانيها الرائعة . من جانبه كشف الروائي الكبير بهاء طاهر أن الأبنودي كتب قصيدة المديح الوحيدة في حياته ل"عم جمعة"، الذي يعمل بالمقهى الذي كان يجلس عليه الأبنودي وطاهر، ويطلبوا مشروبات "شكك"، وروى طاهر عن نجيب محفوظ ما قاله مرة عن الأستاذ هيكل، "الحمد لله انه لا يكتب روايات، وإلا كنا قعدنا في البيت كلنا!" دلالة على مهارة هيكل، هنا تدخل الأبنودي معلقاً: "الحمد لله أن محفوظ لم يكن شاعراً، فقد كتب ملاحم عظيمة مثل الحرافيش وأولاد حارتنا، والحمد لله أنه كتب عليهم "رواية" علشان نأكل عيش"!. ولفت طاهر إلى أن حسنين هيكل هو من نشر أعمال نجيب محفوظ، فهيكل متعدد المواهب، ولم يكن لأحد غيره أن يكتب مقدمة ديوان "مربعات" الأبنودي، على حد قوله. وبعد إطفاء الأبنودي لشموع عيد ميلاده، وتقطيع التورتة، قدم رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام أحمد سيد النجار هدية إلى الأبنودي عبارة عن الأعمال التي كتبها الأبنودي في صحيفة "الأهرام" طوال مسيرته. في كلمته، أكد الروائي الكبير جمال الغيطاني أن المصريين أطلقوا على الأبنودي لقب "الخال" لأن الخال عادة لا ينافس على الميراث، فمن يحبونه يطلقون عليه هذا اللقب. ووجه التحية للأبنودي الذي يعد ضمير مصر والإنسانية، واصفاً الديوان بأنه "من أعمال المقاومة بامتياز". ووجه الغيطاني التحية أيضاً إلى هيكل، الذي يعد أول من أرسى تقليد الاحتفال بالكبار، حين أقام حفل ميلاد لنجيب محفوظ عام 1961 وطلب منه أن يختار من يرغب أن يراه، فوقع اختيار محفوظ على أم كلثوم، وبالفعل أحضرها هيكل إلى الحفل، وهو اللقاء الوحيد الذي جمع بين محفوظ و"الست"، وظل نجيب محفوظ إلى آخر أيامه يتذكر هذا الحفل بكافة تفاصيله. قبل بداية كلمتها طلب منها زوجها الشاعر عبدالرحمن الأبنودي أن تمدحه، مداعباً إياها بقوله: "إن لم تمدحينني أنتِ فمن سواكِ يفعل"، وصفت الإعلامية نهال كمال يوم الاحتفال بأنه يوم تاريخي في حياة الأبنودي وأسرته. وأعربت عن سعادتها بصدور "المربعات" بمقدمة هيكل، مؤكدة أن هذا الديوان يعد مفاجأة من مفاجآت زوجها الذي لديه الجديد دوماً، كذلك يعد الديون برأيها تأريخ للثورة بشكل لا يتشابه مع أحد، داعية له بالصحة ودوام العطاء، مختتمة بقولها: "يارب العام القادم نحتفل بديوان جديد بمقدمة الأستاذ هيكل أيضاً"، وهي الأمنية التي شاركها فيها د.مصطفى حجازي. من جانبه اعتبر المخرج مجدي أحمد علي أن كل من على المنصة رموز في الصلابة والصمود، والتجدد، واصفاً الأبنودي بأنه إنسان ثوري ومناضل وفنان حقيقي. وقال الفنان حمدي أحمد أنه سعيد بوجوده في عصر الأبنودي الذي شكل عقل ووجدان امة. وتمنى بناته "آية ونور" له دوام الصحة وأن يفرح بهما، وقالت آية: أتمنى لك الصحة لتمتعنا بأعمالك التي تظن أنت أني لا أهتم بقراءتها وهذا ليس صحيحاً". وقال أحمد المسلماني في كلمته أنه رأى الإكبار في عيني نجيب محفوظ وأحمد زويل تجاه الأبنودي، وإذا كان هذا هو حال حائزي نوبل، فما بال الآخرين على حد قوله. وفي تصريحات خاصة ل"محيط" قال أحمد المسلماني أن الحفل امتاز بتنوع النكهات المصرية، متمنياً للأبنودي صحة جيدة، ليظل يبدع، مؤكداً أن الأبنودي ليس شاهداً على العصر ولكنه أحد صانعيه، وهو مصدر بهجة للمحيطين به، متمنياً له أن يظل أحد ركائز العصر وأحد دعائم القوة الناعمة المصرية. وقال الكاتب الكبير جمال الغيطاني ل"محيط" أن الأبنودي يعد رمزاً من رموز الوطن، ومعبراً عن الناس والانتصارات التي عاشها الوطن، وبعد نكسة يونيو 67 استطاع الأبنودي أن يرد رداً روحياً عظيماً على الهزيمة في "عدى النهار"، كما عاش حرب الاستنزاف في مرمى أسلحة العدو، قائلاً: نحن جيل مرت به ظروف غريبة لكنه قاومها في شجاعة. قال الإعلامي جمال الشاعر ل"محيط" أن حضور الأبنودي لا يزال متوهجاً، وقصائده لا تزال طازجة، وخفة الدم عنده في أعلى حالاتها، واصفاً ليلة الاحتفاء بأنها "مؤثرة"، وأن هذا الحفل برأيه مؤشراً على انتهاء أيام الثورة الصعبة وما بعدها، لتعود مصر من جديد قوة الثقافة والفكر والعقل وليس النقل، وهذا الاحتفال بالأبنودي يثبت خطأ مقولة "لا كرامة لنبي في وطنه". من جانبه قال الفنان مصطفى حسين ل"محيط" أن الأبنودي صديق حميم، لذلك حرصت على مقابلته اليوم، واصفاً الأبنودي بالبساطة والتواضع، والتلقائية فهو باختصار كما يقول "حسين" مصري حقيقي، متمنياً له دوام الصحة ودوام العطاء. هنأ الكاتب والروائي عزت القمحاوي في تصريحات خاصة ل"محيط" الشاعر عبدالرحمن الأبنودي بصدور "المربعات"، متمنياً له عمراً مديداً مليئاً بالإبداع، قائلاً أن عيد ميلاد الأبنودي بعد يومين وبالتحديد في 11 إبريل، لذلك جاءت مناسبة الاحتفال بديوانه "المربعات" في وقتها.