اعتبر خمسة خبراء سياسيون عرب من تيارات سياسية مختلفة أن قرار السعودية بإدراج جماعة الإخوان المسلمين وجماعات أخرى في قائمتها لما تعتبرها "تنظيمات إرهابية" وراءه ثلاثة أسباب رئيسية، في مقدمتها استياء المملكة من نشاط إخوان مصر في مواجهة السلطة الحالية، وهو ما يهدد المنطقة بالعودة إلى ما يسمى بثورات الربيع العربي، وفقا لهؤلاء الخبراء. أما بقية الأسباب، بحسب هؤلاء الخبراء في أحاديث منفصلة لوكالة الأناضول عبر الهاتف، فتتضمن الضغط على قطر بشأن دعمها للإخوان، ومحاولة السيطرة على الأصوات المعارضة للنظام السعودي داخل المملكة، والتي باتت تتصاعد خلال الفترة الأخيرة. وأدرجت السعودية، أمس الجمعة، جماعة الإخوان المسلمين وثماني جماعات أخرى، على قائمة "التنظيمات الإرهابية"، بحسب وزارة الداخلية في بيان. وبحسب البيان، فإن هذه الجماعات تشمل (تنظيم القاعدة، وتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وتنظيم القاعدة في اليمن، وتنظيم القاعدة في العراق، و(الدولة الإسلامية بالعراق والشام) "داعش"، وجبهة النصرة ، وحزب الله السعودي، وجماعة الإخوان المسلمين، وجماعة الحوثي". واعتبر حامد العلي الأمين العام الأسبق للحركة السلفية في الكويت، الخبير في الحركات الإسلامية بالمنطقة القرار السعودي متشنج ومتخبط بُني على ردة فعل غير مدروسة على فشل "الانقلاب" الذي رعته السعودية والإمارات في مصر ويهدف هذا القرار إلى ممارسة مزيد من الضغوط على قطر للتخلي عن دورها في دعم انتفاضة الشعب المصري للتحرر من طغيان العسكر وقد أعلنت الدوحة أنها لن تسمح لأحد بأن يملي عليها سياستها الخارجية. وقال العلي أن القرار السعودي يندرج ضمن جهود إنهاء سيطرة (حركة المقاومة الإسلامية) "حماس"، التي تدعمها جماعة الإخوان، على قطاع غزة؛ لتصفية القضية الفلسطينية، وهو هدف يستحيل تحقيقه، مؤكداً أن هذا القرار سيعود بالضرر على من أصدره، ولن يوقف حراك الشعوب العربية من أجل نيل حقوقها. أما عبد الخالق عبد الله، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الإمارات، مدير وحدة الدراسات بدار الخليج قال أنه كان ملفتا للنظر أن تضم السعودية جماعة الإخوان إلى لائحة المنظمات الإرهابية، وهو ما يعني أن هذا القرار له الكثير من الدلالات، جزء منها يعبر عن استياء المملكة من نشاط الإخوان في مصر، الذين يناهضون السلطة الحالية ويعتبرون الإطاحة بالرئيس السابق (المنتمي للجماعة) محمد مرسي في يوليو الماضي "انقلابا عسكريا"، حيث أصبح دورهم يقتصر على زعزعة استقرار وأمن مصر بالتالي فإن التقييم السعودي للأوضاع وصل إلى نتيجة مفادها أن طور العنف الذي تنتهجه الإخوان غير مقبول. وأضاف أن القرار أيضاً بمثابة رسالة موجهة إلى قطر، التي تصر على استضافة قيادات الإخوان، وهي حاليا الداعم المالي والسياسي والإعلامي لهم، وكأن السعودية تريد مخاطبة الدوحة قائلة "أنتم حالياً تصرون على دعم جماعة إرهابية"، ويهدف القرار السعودي أيضا إلى تحذير قائمة من الدعاة والمؤيدين السعوديين لإخوان مصر بأن يتوقفوا عن دعم الجماعة سواء على مواقع التواصل الاجتماعي أو في خطبهم. من جهته.. أوضح أنور ماجد عشقي، رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية والقانونية (مستقل) ومقره الرياض أن السعودية تخشى من نهج جماعة الإخوان المسلمين، ولاسيما في مصر، بعد العديد من الأحداث الميدانية التي استهدفت مؤسسات مدنية وعسكرية، فبدأت المملكة تنظر إلى الإخوان على أنهم إرهابيين وتخشى من تضامنهم مع الحركات الإصلاحية في السعودية. وتوقع "عشقي" أنه في حال تبرأ الإخوان من الإرهاب وأعمال العنف، وتصحيح مسارهم، ستقوم الرياض بحذف الجماعة من قائمة المنظمات الإرهابية، ويبقى سؤال "هل ثبت لدى السعودية بأن جماعة الإخوان وراء أي أعمال إرهابية تمت في المملكة خلال السنوات الماضية". وقال جواد الحمد، مدير مركز دراسات الشرق الأوسط في الأردن "غير حكومي" أرى أن السعودية تعاني من ارتباك داخلي وخارجي على الصعيد الإستراتيجي والسياسي، فهي لم تستطع استيعاب موجة الربيع العربي في المنطقة، فضلاً عن أنها تدخلت في الشؤن الداخلية لبلدان أخرى بشكل مباشر، بينها سوريا واليمن ومصر. وأكد أن لدى السعودية تخوف من أن يرى البعض في جماعة الإخوان بديلا للنظام الإسلامي في المملكة.. وهذه تخوفات لا أصل لها، خاصة أن الإخوان لا يتبنوا نهج إسقاط النظام السعودي، فعلى سبيل المثال إخوان الأردن لم يطرحوا تغيير النظام، لكنهم فقط يتبنون بعض الإصلاحات، وكذلك الحال بالنسبة للمغرب، فالتيار الذي يمثل الإخوان دخل في نوع من التحالف مع النظام الملكي. وأعتبر طلال العتريسي، مدير مركز الدراسات الإستراتيجية ب"لبنان" أن القرار غير معزول عن جميع التطورات التي حدثت منذ سنتين الى اليوم، خصوصا فيما يخص الربيع العربي، فهناك مخاوف لدى السعودية من أي تغيير محتمل في الخليج أو التأثر بما يجري في مصر. وأشار إلى أن القرار ربما يتضمن أيضاً رسالة قوية إلى قطر بشأن ضرورة الخضوع لرؤية المملكة، وهو ما أستبعد حدوثه خاصة أن قطر دولة مستقلة وذات سيادة، ولا يمكن أن ترضخ لأي طلب سعودي في هذا الشأن