بيروت: صدر مؤخرا عن دار الآداب البيروتية رواية "القوقعة يوميات متلصص" للروائي السوري مصطفي خليفة. ووفقا لصحيفة "البديل" المصرية تحكي الرواية عن قصة ذلك المواطن العربي المسيحي، الذي عاد إلي بلاده بعد غياب ست سنوات بسبب الدراسة في فرنسا، ليجد نفسه مقبوضا عليه في مطار بلده بتهمة الانتماء للإخوان المسلمين!. وهكذا يمضي الراوي اثني عشر عاماً في السجون والمعتقلات "القومية" بسبب تهمة مستحيلة. والمؤلف هو أيضا بقي قيد الاعتقال ثلاثة عشر عاما، وهو متزوج من شقيقة المعارض السوري أكرم البني الذي قضي بدوره ستة عشر عاماً رهين المعتقلات. يصر الراوي في "القوقعة" علي القيام بمحاولة إبلاغ السلطات بماهيته الدينية والسياسية، ولكنه يقابل بصمم سجانيه، فيعاني من اضطهاد مزدوج، اضطهاد السجان من ناحية واضطهاد المسجونين من الجماعات الاسلامية من ناحية أخري، يتمثل هذا الاضطهاد الأخير في فرض جدران العزلة عليه، فيظل صامتا طوال أعوام اعتقاله. وتأتي المصادفة التي تمنح الراوي ثقباً في جدار الغرفة بجوار مكان رأسه، فيتلصص منه بعد أن يحكم الغطاء علي نفسه مقرفصا. يتلصص علي باحة السجن حيث التعذيب وتنفيذ الإعدامات سواء بأحكام صورية أو من غير أحكام. في الصفحات الأخيرة من الرواية، وبالأحري بعد الخروج من المعتقل، تتحول لغة السرد إلي مونولوج داخلي غني، تكتسب اللغة أبعاداً مختلفة بفعل خواطر المعتقل السابق عندما يصطدم بجدران سجن كبير هو الوطن. يرسم الكاتب صورة كاريكاتورية سوداء للحظات العفو عن مجموعة من السجناء بمناسبة مبايعة "الرئيس" وكيف جلبوا أربعمائة سجين ومعهم مايقارب من مائتي سجين مشلول إلي أهم وأكبر ساحة بالمدينة ليهتفوا بحياة السجان. مرضي، مشلولون، شيوخ عجزة، كلهم وقفوا تحت لافتة ضخمة مكتوب عليها "مبايعة مكتوبة بالدم". أجواء مأساوية تحيط بانتحار صديق الراوي والسجين السابق "نسيم"، بينما يعود البطل إلي قوقعة أكثر سماكة وقتامة، وصوته يردد "الآن قد مضي عام كامل (علي الإفراج). لا رغبة لدي في عمل شيء مطلقاً.. أري أن كل ما يحيط بي هو فقط: الوضاعة والخسة.. والغثاثة. تزداد سماكة وقتامة قوقعتي الثانية التي أجلس فيها الآن.. لا يتملكني أي فضول للتلصص علي آي كان!. أحاول أن أغلق أصغر ثقب فيها. لا أريد النظر إلي الخارج. أغلق ثقوبها لأحول نظري بالكامل إلي الداخل.. إلي أنا.. إلي ذاتي!.. وأتلصص".