لا نأمن الاسرائيليين إبراهيم العجلوني نحن لسنا بمأمن من بغتات الاسرائيليين، ومن نقضهم للمواثيق ونبذهم للعهود. ولعلنا ان لا نكون بمأمن مما يبيتون الان لادراك ثاراتهم التي نعلم انهم لا ينامون عليها، وانهم يتربصون بنا الدوائر انتقاماً لقتلاهم في المعارك التي خاضها الجيش العربي رغما عن انف الجنرال كلوب والقادة الانجليز في باب الواد واللطرون وغيرهما من المواقع، فضلا عما كان من قتلاهم في الكرامة وعما منوا به من هزيمة نكراء ذهبت باسطورة الجيش الذي لا يقهر ادراج الرياح. فاذا زدنا على ما تقدم انهم يضيقون ذرعاً بالاخوة الفلسطينية الاردنية وبتكاتف ابناء الشعب الواحد والمصير الواحد في الملمات، لما يرونه من ان ذلك في مقدمة اسباب ثبات العرب والمسلمين في بيت المقدس واكنافها، ثم نظرنا الى ما تقدم في ضوء تخوفهم من ان يكون الى الشرق من كيانهم دولة عربية قوية ذات امان واطمئنان وذات تنمية وازدهار، ولها شوكتها وجانبها المهاب، فإن مما ننتهي اليه، مستيقنين، ان الاسرائيليين يحفرون لنا حفراً بعيداً، وانهم يضعون لنا الخطط او السيناريوهات (بلغة الدراما الدموية الاستعمارية) وانهم يهيئون لتطبيقها ويضربون لذلك المواعيد.. كلام لا نقوله جزافاً، او نخبط به خبط عشواء، بل نقوله ونحن واثقون بجملة من الحقائق اهمها:. اولاً: ان في قوة الاردن وتمتعه بالامان وتماسكه الاجتماعي قوة لفلسطين وتثبيتاً لابنائها في ديارهم، وهذا ما لا يريده الاسرائيليون بحال من الاحوال. ثانياً: ان الاردن القوي قلعة ديموغرافية تحول دون ان تكتسح الرياح الصهيونية المشرق العربي (الجزيرة العربية والخليج تحديداً)، ويقف ابناؤها سداً منيعاً (بما هم نسيج انساني رافض للقيم الصهيونية) دون اطماعها في اختراق المجتمعات العربية الاسلامية فيه. ولذلك فإن الاسرائيليين لا يصبرون الا ريثما تتهيأ لهم الفرصة المناسبة - على مثل هذه القلعة المنيعة.. ثالثا: للاسرائيليين اطماع في سوريا والعراق (فضلا عما سبقت الاشارة اليه من اطماعهم في الجزيرة والخليج) وهم يريدون ان يكون جنوب الجمهورية السورية وغرب العراق مكشوفين لهم، وذلك ما لن يكون بوجود اردن قوي، ولا سبيل إليه فيما سنحبطه باذن الله من تخطيطاتهم الا باضعاف الاردن واشاعة الاضطراب فيه، الا ساء ما يزرون.. من اجل ذلك كله، ومن اجل اننا في الاردن في طليعة ابناء الامة الملتزمين بقضاياها، واننا لا نبيع اهلنا أو نتنكر لقيمنا ومروءاتنا، وان الاسرائيليين يعلمون ذلك منا علم اليقين، فإننا لا نأمن الاسرائيليين ابداً، ولا يفجؤنا بحال ان يغدروا وان ينكثوا، وان يكون لنا نصيب وافر من غدرهم ومن نكثهم للعهود ونقضهم للمواثيق، ومما هو اوغل من ذلك، وامرّ، وأدهى.. ولو نظر اخواننا العرب الى هذا الذي اوجزناه هنا بعين الاعتبار، وعرفوا - حقاً - الاهمية التاريخية والجغرافية والسياسية للاردن، وما يتولاه بحسب ذلك من سد الثغرات، وصد الرياح الخبيثة، وما يبيته له الاسرائيليون مما يتكتمونه ولا يظهرونه لكان لهم مواقف في تأييده ومواقف. وبعد، فإن الاردن وفلسطين توأم لا ينفصلان، وهما معاً (اكناف بيت المقدس)، مع سائر بلاد الشام التي باركها الله. من يأخذ بناصر الاردن فقد اخذ بناصر فلسطين ام المجاهدين الى يوم الدين، وقد استبرأ لدينه وعرضه وكرامته، ان كان لذلك كله من المستبرئين.. عن صحيفة الرأي الاردنية 25/6/2008