روسيا تتخلص من أسلحتها الكيماوية د. جانا بوريسوفنا عقب إعلان رئيس الهيئة الفيدرالية لشؤون التخزين والأمن للأسلحة والتخلص من الأسلحة الكيميائية الروسي فاليري كاباشين أن موسكو تخلصت في إطار التزاماتها الدولية من 5. 10 آلاف طن من مجموع 40 ألف طن من الأسلحة الكيميائية التي تملكها.
وأكد أن روسيا ستتمكن من التخلص من كل مخزون الأسلحة الكيميائية في حال توفر التمويل اللازم لذلك. جاء رد فعل الفعل الأوروبي في دعوة وزير الدفاع البلجيكي بيتر دي كريم لنظيره الروسي اناتولي سيرديوكوف إلى زيارة المركز البلجيكي لتصفية مخزون الأسلحة الكيميائية، وذلك خلال لقاءات مجلس «روسيا-الناتو» التي عقدت في بروكسل.
وقد جاء إتلاف أكثر من ربع مخزون روسيا من الأسلحة الكيميائية والذي تأخر إنجازه عدة شهور، في إطار تنفيذ معاهدة حظر الأسلحة الكيماوية التي وقعت عام 1993. وتمتلك روسيا أكبر مخزون من الأسلحة الكيماوية في العالم 40 ألف طن مقابل 36 ألف طن هو مخزون الولاياتالمتحدة من غازات الحرب.
ووفق الاتفاقية الموقعة في الدورة السابعة لمؤتمر الدول المشاركة في معاهدة حظر الأسلحة الكيميائية الذي عقد عام 2002، تمت المصادقة على قرار اقتراح تأجيل موعد تنفيذ الميثاق الخاص بحظر الأسلحة الكيميائية من منتصف عام 2007 إلى عام 2012، كان على روسيا أن تقوم بإتلاف ما يزيد على 8 آلاف طن من الأسلحة الكيماوية حتى منتصف 2007.
وبالرغم من التأخير في ذلك إلا أن روسيا أنهت بنجاح إتلاف أكثر من 10 آلاف طن في منتصف هذا العام. ومن المفروض أن تكمل روسيا المرحلة الثالثة وهي مرحلة تدمير 45% من مخزونها من الأسلحة الكيماوية، قبل عام 2009 عندما تكون قد دشنت مزيداً من المنشآت المخصصة لتدمير الأسلحة الكيماوية. ويجب أن تتخلص روسيا من كل مخزونها من الأسلحة الكيماوية قبل عام 2012.
وقامت الحكومة الروسية بتشييد عدد من المنشآت الخاصة لإتلاف هذه الأسلحة في مواقع تخزينها، باعتبار أنه لا يمكن نقل هذه الأسلحة لما قد ينجم من مخاطر عن نقلها. وتقع المنشأة الأولى المخصصة لتدمير الأسلحة الكيماوية في (مقاطعة ساراتوف). أما المنشأة الثانية فهي مخصصة لتدمير الأسلحة الكيماوية في (مقاطعة كيروف). وتم فيها إبطال مفعول ما تحويه القذائف المدفعية ورؤوس الصواريخ التكتيكية من مواد كيماوية سامة.
وكانت روسيا قد تخلصت من كل الأسلحة الكيماوية من الدرجة الثالثة وهي الذخائر الكيماوية غير المعبأة وأيضا الأسلحة الكيماوية من الفئة الثانية مثل الفوسجين، وتمت تصفية 7 من 24 منشأة مخصصة لصنع الأسلحة الكيميائية خلال العهد السوفييتي.
ويبدو واضحاً أن تعثر تنفيذ هذا البرنامج يعود لمشاكل تناقص التمويل، وبالرغم من أن موسكو أعلنت منذ العام 1993 عن عدم توفر التمويل اللازم لديها لتنفيذ هذا البرنامج، إلا أنها اضطرت لتحمل كافة التكاليف لأتلاف هذه الأسلحة، حيث تصل تكاليف تنفيذ برنامج إتلاف المواد العسكرية السامة في روسيا إلى حوالي 6 مليارات دولار.
وقد قدمت ألمانيا دعماً لا يزيد على 55 مليون دولار لبناء مصنع متخصص بإتلاف مادتي الايبريت والليوزيت في منطقة ساراتوف. أما المساعدة التي قدمها الاتحاد الأوروبي فكانت 5 ملايين يورو لتمويل تصنيع وتركيب المعدات، بالإضافة إلى هولندا التي قدمت لإيصال الطاقة الكهربائية إلى المصنع مبلغ مليوني يورو وفنلندا التي جهزته بمعدات للمراقبة بقيمة 6. 3 ملايين مارك فنلندي.
أما واشنطن فخصصت تمويلاً يزيد على 800 مليون دولار لهذا البرنامج، ولكن رفض الكونغرس الأميركي تقديم هذه المساعدة إلى روسيا. وبالرغم من حرص روسيا على تنفيذ التزاماتها الدولية، إلا أن الشركاء الغربيين يلمحون أحياناً إلى أن التأخير في إتلاف أسلحتها الكيميائية يعود لدوافع سياسية، بهدف التأثير على الصراعات الدولية، في ظل بداية سباق تسلح جديد.
وقد لا ننفي هذه التلميحات، ولكن لابد من الإشارة إلى أنه قبل الحديث عن سوء نية الآخرين، لابد من محاسبة الذات حول الالتزام بتنفيذ الالتزامات التي تقع على عاتق الغرب لإنجاز هذا البرنامج والتي لم تنفذ حتى الآن، وإذا كانت روسيا أبدت حسن نيتها واستعدادها للتنفيذ فعلى الغرب أن يفي بالتزاماته ويكف عن توجيه الانتقادات لروسيا. عن صحيفة البيان الاماراتية 17/6/2008