السيسي يشهد اختبارات قبول الأكاديمية العسكرية المصرية والكليات العسكرية    "الإحصاء": 100% من سكان المملكة يحصلون على خدمات مياه الشرب والصرف الصحي    أخبار البورصة اليوم الأربعاء 26-11-2025    هيئة المجتمعات العمرانية توقع عقد أرض مشروع تجاري فندقي بقيمة 15 مليار جنيه    غارات إسرائلية بطائرات مروحية على منازل طوباس بالضفة الغربية    دبلوماسي إيراني سابق: فرنسا شريك تفاوضي مهم ودورها كوسيط مؤثر    لوكاشينكو يؤكد لبوتين استعداد مينسك لاستضافة أي منصة للمفاوضات حول أوكرانيا    عُمان والبحرين يكملان عقد المتأهلين لكأس العرب 2025 في قطر    أبطال آسيا 2 - في غياب معتاد ل رونالدو.. النصر يكتسح استقلال دوشنبه برباعية    منتخب مصر للكرة النسائية تحت 20 عاما يفوز على تونس في بطولة شمال أفريقيا    الإدارية العليا تمد أجل الحكم فى 187 طعنا على انتخابات النواب لجلسة السبت    وفاة شخص إثر انقلاب دراجة بخارية بصحراوي المنيا    ضبط سائق استغل سيارته الملاكى فى نقل الركاب وطلب أجرة زائدة بأسيوط    وزير الثقافة ينعى الناقد الدكتور محمد عبد المطلب    نجوم وخبراء البيئة يجتمعون في ندوة كبرى بمهرجان الفيوم: دعوات لصناعة سينما صديقة للبيئة    جهاد حسام الدين: تجربتي في «كارثة طبيعية» صعبة.. ومستحيل أخلف 7 أطفال في الواقع | خاص    خالد الجندي: ثلاثة أرباع من في القبور بسبب الحسد    الحكومة: وزارة التعليم تتشارك مع خبرات دولية متخصصة.. والتطوير لا يستهدف الطلاب فحسب    صدمة في الكرة المصرية..رمضان صبحي موقوف 4 سنوات بسبب المنشطات    منتخب البحرين يطيح بجيبوتي ويتأهل لدور المجموعات ل كأس العرب    في الجول يكشف تطورات موقف صلاح ومرموش من المشاركة في ودية نيجيريا    انخفاض الذرة الصفراء، أسعار الأعلاف والحبوب اليوم في الأسواق    مؤشرات أولية تكشف خريطة انتخابية أكثر تنوعًا.. وتقدم مرشحين معارضين يعيد تشكيل توازنات البرلمان المقبل    وزارة التعليم العالي تترقب حكم المحكمة لإلغاء الشهادات المهنية بالجامعات المصرية    القبض على 3 متهمين اعتدوا على طالب بسلاح أبيض في الجيزة بقصد السرقة بالهرم    القبض على سائق تشاجر مع سيدة في أسيوط    قطاع أمن المنافذ يضبط قضايا تهريب ومخالفات جمركية متعددة خلال 24 ساعة    جامعة المنيا تخصص 10 ملايين جنيه لدعم الطلاب عبر صندوق التكافل المركزي    فوز مدرسة الشهيد أحمد فوزى زيد الثانوية بنات بأبو حمص بلقب أفضل بالبحيرة    مدبولى: الشركات المصرية فى الجزائر أثبتت قدرتها على تنفيذ مشروعات كبرى    خالد جلال: "كاستنج" يسوّق المواهب الشابة بعرضها على الملايين    هل تكون هنا الزاهد عروس الوسط في 2026؟.. الفنانة تجيب    مجلس جامعة سوهاج يوافق على التعاون مع جامعة آدمسون بالفلبين    ارتفاع أسعار الذهب في مصر مع توقعات وصول عيار 21 إلى 5600 جنيه    رئيس هيئة الرعاية الصحية: استدامة التمويل الصحى ركيزة لجودة الخدمات    جامعة بنها تطلق مسابقة "فنون ضد العنف"    وصول بعثة منتخب الطائرة إلى الأردن للمشاركة في بطولة التحدي العربية    جامعة عين شمس تشارك في اجتماعات معاهد كونفوشيوس وتعزز تعاونها مع الجامعات الصينية    مؤشرات الفرز الأولية والحصر العددى لدائرة السنبلاوين وتمى الأمديد بالدقهلية.. فيديو    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : استرح فى واحة الانس !?    الحبس 5 سنوات للمتهم بالتعدى على طفل من ذوى الهمم فى الإسكندرية    مجلس جامعة الأزهر يوجه الكليات بالاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية    مران بدنى خفيف للاعبى الزمالك عقب الوصول لجنوب إفريقيا    إيران: التهديدات الأمريكية لفنزويلا انتهاك للقانون الدولي    إجراءات حاسمة تجاه المقصرين في الوحدات الصحية بقنا    محافظ المنوفية يتفقد أعمال تطوير ورفع كفاءة نفق البساتين بشبين الكوم    صوتك هو سلاحك.. نداء من نواب جولة الإعادة: لا مكان لشراء الأصوات    رئيس الوزراء ونظيره الجزائرى يشهدان توقيع عدد من وثائق التعاون بين البلدين    حريق يحاصر أشخاصا في مبنى شاهق في هونج كونج وإصابة شخص بحروق خطيرة    انطلاق أعمال اجتماع مجلس وزراء الإعلام العرب بالجامعة العربية    دوري أبطال إفريقيا.. قائمة بيراميدز في رحلة زامبيا لمواجهة باور ديناموز    وزير الصحة يزور مستشفى «أنقرة جازيلر» المتخصصة في تأهيل إصابات الحبل الشوكي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 26-10-2025 في محافظة الأقصر    قافلة من أسنان القاهرة للكشف على طلاب كليات القطاع الصحى بالجامعة الأهلية    دار الإفتاء تكشف.. ما يجوز وما يحرم في ملابس المتوفى    ريهام عبد الحكيم تتألق في «صدى الأهرامات» بأغنية «بتسأل يا حبيبي» لعمار الشريعي    تقدم مرشح حزب النور ومستقبل وطن.. المؤشرات الأولية للدائرة الأولى بكفر الشيخ    دعاء جوف الليل| اللهم يا شافي القلوب والأبدان أنزل شفاءك على كل مريض    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مواجهات البصرة بين دوافعها الإيرانية وحساباتها العراقية / سامي شورش
نشر في محيط يوم 03 - 04 - 2008

مواجهات البصرة بين دوافعها الإيرانية وحساباتها العراقية
سامي شورش
الأرجح أن انتقال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي من مربّع التحالف مع الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، الى مربّع مواجهات عسكرية فائقة السخونة معه، يتّصل في جزء أساسي منه بخطأ مزدوج ارتكبه المالكي قبل أكثر من عام.
وتمثّل الخطأ في أنه أقنع الأميركيين خلال رسم الملامح الأساسية لخطة فرض القانون بنقطتين أساسيتين: الأولى، غضّ النظر عن مواجهة الصدر وملاحقة ميليشياته المعروفة ب «جيش المهدي».
وكانت ذريعته في هذا المنحى أن هذه الميليشيات لا تشكّل مصدراً لخطر داهم وأنه يتكفل بإقناع الصدر بحلّها في أقرب وقت ممكن. والثانية، تأكيد المالكي للأميركيين أنه سيتولى إقناع الصدر لا بحل جيشه فحسب، بل بالإبتعاد عن النفوذ الإيراني، أو على الأقل بالتخلي عن أي تعاون عسكري سرّي مع إيران هدفه عرقلة العملية السياسية في العراق.
في تلك الفترة كان المالكي مترعاً بقناعة أساسية مفادها أن علاقاته التحالفية الطيّبة والوثيقة مع الصدر ستوفّر أمامه هامشاً كبيراً لممارسة الضغوط في إتجاه ضمان تأييد الأخير للخطة. يشار الى أن حزب «الدعوة» الذي يرأسه المالكي، تمتع بالفعل في ذلك المقطع الزمني بتحالف سياسي قوي مع الصدر. ومعروف أن هذا التحالف كان له دور حاسم في فوزه بمنصب رئيس الوزراء في مقابل منافسه الدكتور عادل عبدالمهدي، نائب رئيس الجمهورية الحالي، وأحد قادة «المجلس الإسلامي الأعلى» في العراق.
لكن النتائج التي تمخضت عنها خطة فرض القانون بعد أكثر من عام على تطبيقاتها، أوضحت بشكل جلّي أن المالكي أخفق في تحقيق أي من الوعدين اللذين قطعهما للأميركيين: فلا جيش المهدي تخلّى عن روحه الميليشياوية وسلاحه وعملياته المسلحة غير المعلنة لتقويض الأمن في العراق بما فيها عمليات قتل المدنيين وخطفهم، إضافة الى قصف المنطقة الخضراء بالقذائف والمدافع والذخائر الإيرانية. ولا توقّف تعاونه العسكري السري مع إيران وتسهيل عمليات نقل الأسلحة والمعدات العسكرية من إيران الى داخل الأراضي العراقية.
إستطراداً، حينما شرع المالكي في إعداد خطة فرض القانون حاول التركيز على محاربة المجموعات السنيّة المتطرفة والمسلحة وتنظيم «القاعدة» الإرهابي في بغداد وغرب العراق. أما بالنسبة الى المجموعات الشيعية، التيار الصدري و «جيش المهدي» الذي ظل الأميركيون يرتابون من علاقاته الوطيدة مع الأجهزة الإستخباراتية الإيرانية، فإن المالكي ظل يشدد على ضرورة إستثناء هذا التيار من العمليات الأمنية والعسكرية في إطار الخطة.
الأرجح أن الأميركيين وافقوا في ذلك المقطع الزمني، ولو على مضض، بقناعات المالكي رغم أنهم احتفظوا بريبتهم إزاء قدرته على إقناع التيار الصدري بالتخلي عن تحالفه السري مع طهران. فواشنطن لم تخف يوماً قناعتها أن «جيش المهدي» لا يعدو كونه ركيزة إيرانية وأن الهدف الاساسي من بنائه هو عرقلة الوجود الأميركي في العراق. لكن إعلان الصدر تجميد جيشه في المراحل الأولى من تطبيقات خطة فرض القانون، اعطى الأميركيين جرعة كبيرة من الأمل المتعلق بإمكان نجاح المالكي في مسعاه.
غير أن واشنطن ظلت تتحسب لإحتمالات المواجهة في مراحل لاحقة مع التيار الصدري، خصوصاً انها كانت تلحظ الإتساع الكبير لنفوذ الصدر في مدن البصرة والناصرية والكوت. بل ان هذا النفوذ الذي ظل حريصاً على تمييز نفسه عن بقية التكوينات الشيعية السياسية في العراق عن طريق مقاطعة حكومة المالكي والإنسحاب منها، أخذ ينافس نفوذ «المجلس الأعلى» ومرجعية آية الله علي السيستاني في المدينتين الشيعيتين المقدّستين النجف وكربلاء.
لهذا، سارعت الولايات المتحدة الى فتح قنوات حوار وتعاون مع رؤساء عشائر عربية ومجموعات سنيّة مسلحة في غرب العراق خصوصاً في الأنبار والفلوجة وتكريت، بهدف جذبها الى جبهة الحرب ضد تنظيم «القاعدة» والإندماج في العملية السياسية في إطار المصالحة الوطنية التي علّقت عليها واشنطن آمالاً غير قليلة.
وكان أمل الأميركيين أن تلقى المصالحة الوطنية التي قادها المالكي نجاحاً لا على صعيد فصم العلاقات بين سكان الغرب العراقي وتنظيم «القاعدة» فحسب، بل على صعيد فصم التعاون والتنسيق، أيضاً، بين «جيش المهدي» وإيران.
في الواقع، نجح الأميركيون في تحقيق الجزء الأكبر من الأهداف التي رسموها لأنفسهم في إطار المصالحة الوطنية العراقية، بينها جذب مجموعات عشائرية ومسلحة في غرب العراق الى الإندماج في الحكم. لكن المالكي من ناحيته أخفق في تحقيق أي من الهدفين المتعلّقين به، أي جذب الصدر الى تعاون واضح مع العملية السياسية، ووضع حد لتعاونه مع الإيرانيين.
يشار الى أن الأميركيين أعلنوا قبل أشهر أن إيران ضاعفت من تدخلاتها في الشأن الداخلي العراقي عن طريق إرسال مزيد من الأسلحة والعبوات الناسفة الخارقة للدروع الى داخل العراق. بل أن مسؤولين عسكريين أميركيين أكدوا إمتلاكهم معلومات تشير الى أن القذائف التي تطلق على المنطقة الخضراء هي قذائف إيرانية المنشأ تنطلق من مدينة الصدر شرق بغداد ويتولى تحريكها وإطلاقها مقاتلون تابعون ل «جيش المهدي».
على صعيد ذي صلة، عبّرت مصادر قريبة من الحكومة العراقية، لم تشأ كشف هويتها، عن شكوك في بغداد مفادها أن الهدف من زيارة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الى العراق قبل أكثر من شهر، لم يكن سوى للتغطية على قرار إيراني سري تعلّق بمضاعفة طهران لجهودها على طريق تقويض التحسّن الأمني في العراق. فالإيرانيون، بحسب المصادر ذاتها، منزعجون من النجاحات التي حققتها خطة فرض القانون في مرحلتها البغدادية.
كما أن التكوين الشيعي الرئيس في العراق، «المجلس الإسلامي» العراقي بزعامة عبدالعزيز الحكيم، أخذ يضع ثقله الأساسي، السياسي منه والعسكري، الى جانب الخطة، ما يشير، في قناعة الإيرانيين، الى نزوع شيعي عراقي نحو تعاون عسكري وسياسي وطيد مع الولايات المتحدة في العراق.
وكان أكثر ما أصاب الإيرانيين بالمرارة أن المالكي الذي يعتبر أحد أبرز الوجوه الشيعية في العراق بدا خلال الأشهر القليلة الماضية كأنه يعمل لا من أجل إعادة الأمن فحسب، بل من أجل تطويق النفوذ الإيراني أيضاً.
والأرجح أن محاولات رئيس الوزراء العراقي تطويق العنف الطائفي ودمج مجالس الصحوة (السنيّة العربية) في الأجهزة الأمنية العراقية، إضافة الى جهوده على صعيد دفع الصدر نحو تجميد جيشه وحلّه في المراحل المستقبلية لخطة فرض القانون، هي إشارات الى قرار شيعي عراقي مؤداه وضع حدّ لنفوذ إيران في العراق، أو على الأقل، تغليب المصلحة الوطنية العراقية على مصالح إيران في ميدان صراعاتها مع الولايات المتحدة.
المصادر العراقية ذاتها رجّحت أن المالكي الذي يحوز على ثقة غير قليلة لدى إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش، أصبح يرى أن طهران شرعت في استخدم «جيش المهدي» لا لمناوأة الأميركيين، إنما لتنفيذ قرارها الخاص بتقويض التحسن الأمني في العراق ومناوأته شخصياً والقضاء على مستقبله السياسي.
لهذا، لم يتردد في قبول إقتراح أميركي خاص بتأجيل عمليات تطهير محافظة نينوى من المجموعات المسلحة الإرهابية بغية التفرّغ لتنفيذ عملية أوسع في محافظة البصرة هدفها تحجيم «جيش المهدي» وإجباره على وقف تعاونه مع إيران.
بعض المراقبين العراقيين يؤكد أن رغبة المالكي في تولي قيادة العمل الميداني في البصرة لها علاقة مباشرة بقراره استخدام الإنشغال بقيادة العمليات كذريعة لعدم حضور قمة دمشق.
لكن المصادر الحكومية ذاتها تؤكد أن ما دفع المالكي الى تولي قيادة العمليات العسكرية في البصرة شخصياً هو شعوره أن الأميركيين أخذوا يلقون على عاتقه تبعات التدهور الأمني الحاصل في العراق، إن بسبب غضّه النظر عن مخاطر «جيش المهدي» ومن ورائه النفوذ الإيراني في العراق، أو تباطؤه غير المبرر في دفع العملية السياسية نحو الأمام.
عن صحيفة الحياة
3/4/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.