البرلمانيون العرب في كردستان العراق حازم مبيضين يؤشر انعقاد دورة الإتحاد البرلماني العربي على الأرض العراقية إلى بداية الفهم العربي الشعبي للتحولات الضخمة التي مرت ببلاد الرافدين خلال السنوات الأخيرة، وإلى ضرورة التعاطي مع تلك المتغيرات التي ارتضتها غالبية الشعب العراقي، ورفضتها كما هو متوقع تلك الفئات التي كانت تحكم العراقيين باسم الهم القومي، تارة، وبالعنف والإرهاب الحكومي المنظم حزبياً تارات أخرى، ومن خلال زج المواطنين في دوامات متلاحقة من الأزمات المعيشية اليومية التي لم تكن تترك للواحد منهم فرصة للتفكير بالواقع الشديد المرارة الذي كان يخيم على حياتهم ومستقبلهم. كما يؤشر قبول عقد هذه الدورة في أربيل، عاصمة إقليم كوردستان العراق، إلى بدايات تفهم القضية الكوردية في العراق، باعتبارها قضية مطالبة بحقوق لا ينكرها إلا متعصب يغمض عينيه عمداً وعن سابق تصور وتصميم عن الحقيقة التي وجد صدام حسين نفسه ذات يوم مجبراً على التعاطي معها، ليس بهدف منح هذه الفئة من أبناء الشعب العراقي حقوقها المشروعة،وإنما بهدف انتظار الفرصة المناسبة لوأد أية أفكار تخالج أبناء هذه القومية، عن حقهم في تعلم لغتهم والتحدث بها وتدريسها،أو حقهم في التمتع بالثروات التي منحها الله لهذه المنطقة، أو حتى حقهم في التساوي مع بقية أبناء الشعب العراقي في الحقوق والواجبات. وإذا صحت الأنباء عن مقاطعة بعض البرلمانات االعربية لهذه الدورة بحجة أنها تنعقد في الإقليم الكوردي من الأرض العراقية، أو أنها تنعقد في بلد تحت الاحتلال، فان الأجدى كان في المشاركة الفعالة، بهدف التأكيد على أن إقليم كوردستان جزء أصيل من الدولة العراقية، وتشجيع القيادة الكوردية على المضي قدماً في سياساتها المؤكدة لعدم رغبتها في الانفصال عن الوطن الأم، وأيضاً للتأكيد على التضامن العربي الشعبي مع طموحات العراقيين المشروعة في انسحاب قوات الاحتلال بمجرد وصول القوات العراقية إلى مرحلة من الإعداد والتدريب، تكون قادرة فيها على ضبط الأوضاع الأمنية التي تعصف بالبلاد والعباد. ويبدو مناسباً انعقاد الدورة في الإقليم الذي تعرضت أراضيه لاجتياح القوات التركية قبل أيام بحثاً عن متمردي حزب العمال الكوردستاني، وفي ذلك رسالة عربية لأنقره بأنها اجتاحت أرضاً هي في واقعها جزء من دولة عربية، وأن الحلول الممكنة لازمة الحكومات التركية مع مواطنيها الذين يحملون الهوية الكوردية، لاتكمن في مطاردتهم بالحديد والنار، وإنما في استيعابهم في الدولة المحكومة من حزب إسلامي، يعتنق الديمقراطية ويدافع عنها، كما أنها رسالة للمتمردين الكرد الأتراك بأن تحركاتهم في جبال قنديل لن تمنحهم حقوقهم بقدر ما تؤثر على التجربة الناشئة لأخوتهم من الكرد العراقيين. عن صحيفة الرأي الاردنية 10/3/2008