الهروب من جوانتانامو عاطف عبد الجواد جوانتانامو لم يعد مجرد قاعدة بحرية اميركية في جزيرة كوبا، ولم يعد مجرد معتقل في أرض بعيدة عن طائلة القانون الأميركي، بل أصبح جوانتانامو فكرة ورمزا على الشر في ذهن العالم. عشرات الأفلام والمسرحيات والكتب، بل والعروض الكوميدية، تتناول جوانتانامو، أحدثها فيلم سوف يعرض في شهر ابريل المقبل بعنوان " الهروب من جوانتانامو"، ترسم صورة مفزعة ومضحكة ومحزنة في آن واحد لمعتقل جوانتانامو. لكن الكوميديان الإيرلندي آبي فيلبين بومان دفع بالفكرة الشريرة الى ذروتها عندما افترض انه لو ظهر المسيح عليه السلام امام مسئولي الهجرة الأميركيين بلحيته الداكنة وسحنته الشرق الأوسطية وبدون وظيفة حقيقية او عنوان مستديم ، لأرسل على الفور الى جوانتانامو. يقول بومان وهو طالب دراسات عليا إن ارسال عيسى الى جوانتانامو يصور ذروة الرمز. اللحية والشعر والرداء برتقالي اللون والأسلاك الشائكة حول المعسكر. هذه العناصر معا تعطي الناس صورة معينة عن غوانتانامو. هذا الكوميديان الإيرلندي عرض مسرحيته في لندن ولاهور في باكستان ، بل وفي ولاية ماساتشوستس الأميركية قبل ان يعرضها اخيرا في مهرجان ادنبرة السنوي في سكوتلندا. الأدميرال مارك بظبي،المسئول عن معتقل جوانتانامو يعترف بأن الأعمال الفنية والثقافية التي تناولت جوانتانامو جعلت مهمته اكثر صعوبة لأنها رسخت افكارا غير حقيقية عن المعتقل سوف يكون من الصعب محوها من أذهان الرأي العام الأميركي والعالمي. بعض الكتاب يقولون: إن الأوان ربما يكون قد فات أمام أي شخص لمحاولة تغيير الانطباع لدى الناس عن جوانتانامو. لقد اصبحت كلمة واحدة هي: جوانتانامو، رمزا على اشياء كثيرة، كما تقول الكاتبة ميشيل شيبرد، في صحيفة تورونتو ستار الكندية. هذه الصحفية نشرت كتابا بعنوان: طفل جوانتانامو، تروي فيه قصة عمر خضر، الصبي الذي كان في الخامسة عشرة من عمره عندما القي القبض عليه اورسل الى جوانتانامو. الكتاب سيظهر الشهر المقبل. البعض يقول إن موقع غوانتاناموبحد ذاته،ربما يكون قد اسهم في تغذية خيال الكتاب ومخرجي الأفلام، وهو رأي تعبر عنه المؤلفة الألمانية دوروثي ديكمان، التي نشرت رواية بالانجليزية في العام الماضي عنوانها: جوانتانامو. تقول المؤلفة: لديك مكان غريب وسيريالي يقع في قلب دولة معادية (كوبا) ولكنه يطل ايضا على البحر الكاريبي البديع، وهذه العناصر مجتمعة تحفز الخيال. إنها بيئة شبه خيالية، وشبه مفزعة. صوت المعتقلين يبدو انه يحمل اثرا خاصا لأنهم اناس قطعوا عن اسرهم وعن العالم لفترة طويلة. ولأن وزارة الدفاع هي التي تتحكم بالمعلومات المتوفرة عما يفعل هؤلاء الناس في المعتقل كيف يعيشون، ولماذا حيئ بهم الى جوانتانامو، فإن بقية المعلومات تتسرب لإكمال الصورة عن طريق ما يقوله بعض المعتقلين بعد الإفراج عنهم. مؤرخ اميركي هو بروس فرانكلين بتخصص في ادب السجون الأميركية،ويسجل الاتجاهات الأدبية للمسجونين وكتاباتهم. وهو يشرح كيف ان ما يقوله المعتقلون، صدقا او كذبا، يمكن ان يقوض مصداقية السلطات التي تحتجزهم لسبب بسيط. سنواصل المناقشة. عن صحيفة الوطن العمانية 23/2/2008