روسيا والعراق ومرحلة جديدة د. هاني شادي من المعروف أن العلاقات الروسية العراقية اتسمت بالبرود منذ احتلال العراق في عام 2003 ، ولم تتمكن موسكو من تسوية هذه العلاقات مع الحكومات العراقية المتعاقبة منذ انهيار نظام صدام حسين. فروسيا خسرت الكثير من العقود بسبب الاحتلال، وكانت تطالب على الدوام بضرورة تحسين الوضع الأمني والمصالحة الوطنية في العراق كشرط ضروري لإقامة علاقات ناجحة مع بغداد. وكانت مشكلة المديونية العراقية المستحقة لروسيا والموروثة من زمن الاتحاد السوفيتي إحدى المشاكل على طريق تحسين العلاقات بين البلدين. كما أن مشكلة عقود الشركات النفطية الروسية التي وقعت في السابق مع نظام صدام من المشكلات المعيقة أيضا لتطور هذه العلاقات. غير أن زيارة وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري إلى موسكو في الفترة 11 و12 من فبراير الجاري بدأت مرحلة جديدة ، على ما يبدو، في العلاقات بين روسيا العراق. فموسكو وافقت نهائيا التنازل عن 93% من ديون العراق لها. وتم التوقيع على اتفاقية بهذا الشأن بين زيباري ونائب رئيس الوزراء الروسي ، وزير المالية الكسي كودرين. وبهذا الصدد أعلن كودرين أن موسكو وافقت على شطب 93 بالمائة من ديون روسيا المستحقة على العراق والبالغة 9ر12 مليار دولار. وبهذا الشكل تكون روسيا قد أعفت العراق من حوالي 13 مليار دولار من تلك الديون. وسيجري إلغاء هذه الديون على عدة مراحل حيث تتضمن المرحلة الأولى منها شطب 65 % من المديونية. أما المبلغ المتبقي ( حوالي 4.5 مليار دولار ) فسوف يشطب على مرحلتين في إطار محادثات يجريها الطرفان فيما بعد وذلك حسب المصادر الروسية. ويتعين على الحكومة العراقية من أجل تنفيذ اتفاقية شطب الديون الالتزام بالبرنامج الخاص لصندوق النقد الدولي الذي يتضمن رفع إنتاج النفط في العراق إلى 2ر2 مليون برميل يوميا، وخفض معدل التضخم إلى 12 بالمائة، وزيادة الناتج المحلي الإجمالي إلى 7 بالمائة سنويا. في نفس الوقت وقع زيباري مع نظيره الروسي سيرجي لافروف مذكرة للتعاون التجاري والاقتصادي تفتح الباب لمشاركة الشركات الروسية في إعادة إعمار العراق. وقررت موسكو استثمار أكثر من 4 مليارات دولار في الاقتصاد العراقي خلال الفترة القادمة في مشاريع متنوعة وخاصة في مجال الطاقة والمياه والكهرباء والطرق . وبالرغم من توقعات المراقبين بتحسن العلاقات بين موسكو وبغداد بعد زيارة زيباري لروسيا ، إلا أن مشكلة العقود السابقة للشركات النفطية الروسية مازالت عالقة. وأكد زيباري في موسكو أن العراق يدعو الشركات الروسية للعمل في العراق وفق نفس الشروط التي تعمل بها الشركات الأجنبية الأخرى، أي أن أبواب العراق ستفتح أمام الشركات الروسية ولكن دون شروط تفضيلية. وهذا يوحي بأن روسيا وافقت على شطب القسم الأعظم من ديون العراق دون الحصول على مقابل ، وربما بموافقة مستترة على نسيان العقود النفطية الكبيرة التي وقعتها شركاتها مع النظام السابق. عن صحيفة الوطن العمانية 14/2/2008