برميل بارود كردي في تركيا وإيران إيد بلانش أدى سماح أكراد العراق للجماعات الكردية الانفصالية في كل من تركيا وايران باتخاذ جبال قنديل كمأوى وملاذ آمن الى اثارة غضب الدولتين الذي تمثل في شن عمليات عسكرية محدودة في المنطقة خلال الاشهر القليلة الماضية اضافة الى قيام جيشي البلدين بقصف معسكرات الانفصاليين المقامة على سفوح الجبال. شهدت انقرة مؤخرا نشاطا متزايدا في هجمات حزب العمال الكردستاني داخل تركيا مما دفعها للتهديد بغزو شمال العراق من أجل القضاء على حوالي ثلاثة آلاف مقاتل من حزب العمال الذين اقاموا ما لا يقل عن سبعة معسكرات في شمال العراق في ظل حكومة عراقية شبه معطلة يترأسها نوري المالكي غير قادرة على فعل أي شيء لاخراجهم من هناك. يقاتل حزب العمال الكردستاني من أجل اقامة دولة كردية في الاناضول وذلك منذ عام 1984. وقد غزا الاتراك شمال العراق اربع مرات في التسعينيات دون ان يتمكنوا من تحطيم الحزب هناك. وقعت كل من تركيا والعراق اتفاقية معادية للارهاب في 28 سبتمبر 2007 استهدفت التخلص من قواعد الحزب في منطقة قنديل واتفق الطرفان على الاستمرار في مناقشة هذه القضية. ومن غير المتوقع ان يقبل الجنرالات الاتراك الذين يتمتعون بنفوذ واسع النطاق بأي اتفاقية يمكن ان تقيد ايديهم وتمنع نجاح جهودهم لتحطيم الحزب الكردي. رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان يرفض استبعاد قضية التدخل العسكري في شمال العراق وقال «انه ليس هناك دولة يمكن ان تقبل بالعيش في ظل تهديد الارهاب». يعتمد نوري المالكي على الاكراد من أجل الاحتفاظ ببقاء ائتلافه الحاكم قائما وبالتالي فإنه يتجنب استعداءهم عن طريق أي عمل عسكري داخل اقليمهم الذي يتمتع بالحكم الذاتي. وأي تحرك عراقي قد يتسبب في تفكيك العراق الى ثلاث دويلات كردية وسُنية وشيعية. طبيعة جبال قنديل بقممها العالية وغاباتها الطبيعية توفر ملاذا آمنا لرجال حرب العصابات الاكراد التابعين لحزب العمال الكردستاني في تركيا ولحزب «الحياة الحرة» الكردستاني في ايران. وقد تعرض الحزب الثاني الى هجمات متكررة من الحرس الثوري الايراني. وهناك مخاوف من ان يؤدي التصعيد ضد حزب «الحياة الحرة» الى اثارة الاعمال العدائية على نطاق واسع. تتوقع طهران حدوث نزاع أوسع مع الولاياتالمتحدة مما دفعها لاقامة تحصينات قوية على طول حدودها مع العراق. القتال في الجبال مستمر منذ ما يقارب العام ومعظمه داخل الاراضي الايرانية. في البداية كانت مجرد مناوشات ثم تصاعدت الى مستويات اعلى في فبراير الماضي بعد مقتل القائد الاقليمي للحرس الثوري في تحطم طائرة مروحية داخل الجانب الايراني من الحدود. الايرانيون اعادوا سبب تحطم الطائرة الى عطل فني ولكن يعتقد على نطاق واسع ان حزب «الحياة الحرة» هو الذي اسقط الطائرة. وتحطمت طائرة مروحية ايرانية اخرى في اغسطس قرب الحدود خلال عمليات ضد الحزب الكردي وكما في السابق نسب سبب السقوط الى عطل فني بينما يؤكد الكثيرون ان الطائرة اسقطت. تصاعد القصف الايراني في منتصف اغسطس واستخدمت صواريخ الكاتيوشا اضافة لعمليات كوماندوز داخل جبال قنديل. ويقول محللون ان عمليات القصف لا تستهدف فقط قواعد حزب «الحياة الحرة» بل تهدف ايضا الى اضعاف كامل البنية التحتية الكردية. وقد هددت طهران بأنها ستشن هجمات ضد كردستان العراق اذا لم تتحرك بغداد ضد حزب «الحياة الحرة». ونشر الحرس الثوري الايراني فرقة من الجنود اضافة لقوة محمولة جوا في قواعده في الاقاليم الاربعة المجاورة للعراق واقام مركزا خاصا للقيادة في منطقة حمزة. والجيش الايراني يحتفظ بفرقتين من المشاة وفرقتين آليتين نشرها على طول الحدود وهناك قاعدتان جويتان في المنطقة. تم تأسيس حزب «الحياة الحرة» عام 2004 وهو مرتبط ايديولوجياً بحزب العمال الكردستاني. زعيم الحزب هو رحمان حاج اجمادي الذي يعيش في المنفى بألمانيا. وقد سافر مؤخرا الى واشنطن سعيا للحصول على دعم مالي وأسلحة. تقول طهران ان قوات حاج اجمادي تتسلح من قبل الولاياتالمتحدة ولكن واشنطن تنفي ذلك. تدفق السلاح من داخل العراق لحزب العمال الكردستاني ساعد الحزب على شن المزيد من الهجمات ضد الاهداف التركية. وهناك حوالي 190 ألف قطعة سلاح سلمتها أميركا للحكومة العراقية وفقدت لاحقا ويقول البعض ان بعضها أخذ طريقه لحزب العمال الكردستاني. من أجل ارضاء حليفتها تركيا صنفت الولاياتالمتحدة حزب العمال الكردستاني على انه منظمة ارهابية ونفس هذا الوصف يطلق على حزب «الحياة الحرة». ومن الجدير بالملاحظة ان قادة هذا الحزب ليسوا من الاكراد الايرانيين بل من الاكراد الاتراك الذين يعيشون في المنفى. ينشغل الاميركيون بمحاربة المقاومة والميليشيات والجهاديين في وسط وجنوب العراق وهم يواجهون فعلا معضلة حقيقية. فهم لا يملكون ما يكفي من الجنود للتحرك ضد الاكراد العراقيين الذين يصنفون على انهم أوثق حليف لأميركا في العراق كما انهم غير راغبين في زعزعة اقليم يعد الاكثر هدوءا واستقرارا في العراق منذ الغزو الذي جرى عام 2003. وأية عملية عسكرية كبرى تحمل في طياتها حددت حالات هرب كثيرة من الجنود الاكراد العاملين في الجيش العراقي مما سيساهم في اضعاف الحكومة. في نفس الوقت لا ترغب اميركا في استعداء تركيا التي تعتبر حليفا استراتيجيا للولايات المتحدة منذ اكثر من 60 عاما. يتحدث الكثير من المحللين الايرانيين عن سعي حثيث تقوم به الولاياتالمتحدة لتغيير النظام في طهران من خلال دعم الاقليات العراقية في ايران مثل الاكراد والاذرين والبلوش والعرب. ويقول سيمون هيرش الصحفي الاميركي المعروف: ان هناك اكثر من 1200 عميل اسرائيلي في شمال العراق. ويقول احد الخبراء الاسرائيليين ان اسرائيل تستخدم كردستان العراق من أجل تقويض النفوذ الايراني والحكومة الايرانية نفسها. عن صحيفة الوطن القطرية 2/2/2008