الرابطة العربية للديمقراطية د. علي الدين هلال إن ملاحظة الحالة السياسية والديمقراطية في بلادنا العربية, لابد أن توصلنا الي استنتاجين أساسيين: أولهما: أن المنطقة العربية مازالت من أقل مناطق العالم تأثرا بالتطور الديمقراطي الذي يشهده العالم من بداية حقبة التسعينيات من القرن الماضي, والذي يتضمن انتقال نظم الحكم نحو أشكال أكثر تعددية وتنافسية واحتراما لمنظومة حقوق الإنسان. وثانيهما: أنه في أغلب البلاد العربية توجد تجاذبات ومواجهات وصدامات في داخل المجتمع من ناحية وبين المجتمع والحكومة من ناحية أخري, حول منهج وأسلوب تعزيز التطور الديمقراطي وغايته. وقد دفع هذا الوضع عدد من المثقفين والمفكرين العرب أشرف أن أكون أحدهم الي إنشاء الرابطة العربية للديمقراطية وإعلان وثيقة العهد العربي للديمقراطية, الذي يشير الي أن هدف الرابطة هو العمل من أجل نشر الوعي الديمقراطي وتعميقه وتهيئة المستلزمات الضرورية لإيجاد ثقافة ديمقراطية وللنهوض بالتحول الديمقراطي المنشود لتحقيق دولة المواطنة وحكم القانون. ودارت حوارات واسعة بين المجموعة التي التقت لإنشاء هذه الرابطة والتي ضمت مثقفين من15 بلدا عربيا حول أهداف الرابطة وأساليبها, والي المفاهيم والتحديات الرئيسية المتعلقة بالتطور الديمقراطي, والتي أريد أن أركز في هذا المقال علي عدد منها: إن الديمقراطية هي نظام الحكم الذي يضمن إيجاد الصلة الوثيقة بين الدولة والمجتمع ويكون من شأن ذلك دعم الاثنين, أما وجود هوة أو فجوة بين الدولة والمجتمع, فإنه يؤدي الي إضعاف قدرات الدولة ومؤسساتها من ناحية, ويضع بذور تفكك المجتمع وبروز انقسامات وهويات فرعية من ناحية أخري, كما يؤدي الي اضعاف شعور الإنسان بقيمة المواطنة والمساواة, الأمر الذي يدفعه الي ممارسات اللامبالاة وعدم المشاركة في الشئون العامة. إن الدعوة الي الديمقراطية لها جذور ممتدة في تاريخنا العربي الحديث نعتز بها وهي أحد التيارات الفكرية الرئيسية في تطور الفكر السياسي العربي, ولكن تلك الدعوة أصبحت اليوم أداة للاختراق الأجنبي, وستارا لسياسات تريد فرض الهيمنة والاستتباع بحجة نشر الديمقراطية, ومن ثم ينبغي تأكيد أن الدعوة الي الديمقراطية هي دعوة وطنية لها أسانيدها ومتطلباتها الاجتماعية في داخل كل بلد, يرتبط بذلك أن هذه الدعوة تنطلق من الخصوصية الثقافية لبلادنا, ولكن بشرط ألا تتحول تلك الخصوصية الي ذريعة للتنصل من المعايير العامة للانتقال الي الديمقراطية. * اعتماد المواطنة أساسا للعقد الاجتماعي بين الحكومة والفرد باعتبار أن المواطنة توفر الأساس الدستوري والأخلاقي للمساواة في الحقوق والواجبات بين الجميع دون تمييز, واحترام حق الاختلاف الذي هو حق أصيل في إطار مجتمع تعددي متنوع حر ويفضي الي احترام خيارات الناس بانتخابات دورية نزيهة تؤدي الي التداول السلمي للسلطة. وينطلق هذا المفهوم من اعتبار الديمقراطية هي عملية وليس منتهي.. هي مسار وليس قرار, لذلك, تؤمن الرابطة بالتطور التراكمي التدرجي وبثقافة الحوار لإحداث التغيير الديمقراطي المنشود, واستنادا علي ذلك تسعي الرابطة للوصول الي أهدافها بالوسائل السلمية والدستورية وتنبذ أي شكل من أشكال العنف يهدد السلم الاجتماعي والوحدة الوطنية. تأكيد ارتباط التطور الديمقراطي بقضايا التنمية الاقتصادية والعدل الاجتماعي وبتوفير الظروف الاجتماعية التي تضمن لأغلبية المواطنين ممارسة حقوقهم السياسية, ويترتب علي ذلك تأكيد ارتباط الحقوق المدنية والسياسية بتلك الاجتماعية والاقتصادية, ففي بلاد تشهد فجوات اجتماعية كبيرة بين الطبقات والفئات, فإن اهمال الاشارة الي الحقوق الاقتصادية والاجتماعية يكون ستارا لتبرير عدم العدالة الاجتماعية, فيشير العهد العربي للديمقراطية الي أن التنمية حق جماعي وحق فردي للإنسان, ولايمكن الوصول إليها دون تعزيز الديمقراطية بوصفها حقلا للشفافية ومكافحة الفساد وطريقا للحكم الصالح. هذه الأفكار هي بعض من كل ويمكن أن تتنوع الآراء بشأنها وبخصوص العلاقة بين مفرداتها, وهذا أمر طبيعي لأن الديمقراطية تنمو وتزدهر بالحوار وتنوع الآراء. عن صحيفة الاهرام المصرية 19/1/2008