مفاجأة لأوباما في الشرق الأوسط فريدة جيتس حتى الآن يمكن أن نتخيل ان العالم العربي في حالة من الإثارة والسخونة بالنسبة للانتخابات الاميركية، هذا بالتأكيد من كنت أتوقعه لدى نزولي هناك. بشكل عام فإن أحد المرشحين وهو باراك اوباما يمثل انحرافا حادا عن الرؤوساء الاميركيين التقليديين. حيث ان لديه اسم يمكن كتابته باللغة العربية بدون التفكير في صحة حروفه. وكان من الصعب للمرء ان يتخيل اي شيء عدا توقع قوي وجرعة كبيرة من التفاؤل بشأن فوز اوباما المرشح ذي الاصول الاسلامية وتقلده الامور في البيت الابيض. تخيل مفاجأتي عندما سألت أول شخص التقيته عن الانتخابات الأميركية فأخبرني أنه يعتقد ان اوباما غير متمرس بشكل كاف ويعتقد ان جون ماكين يمكن ان يكون هو الرئيس الافضل. بصعوبة شديدة كنت أصدق ما تسمعه أذني. وسرعان ما قرأ الذهول على وجهي وطلب مني عدم الكشف عن هويته. بشكل ظاهر فإن آراء هذا الشخص المتعلم من الطبقة الوسطى هي آراء أقلية، حيث ان المرشح محل التفضيل هنا في ان يصبح الرئيس الاميركي المقبل هو بالتأكيد اوباما وليس ماكين. ومع ذلك فإني اعتقد ان الحماس المؤيد لاوباما الذي كنت اعتقد اني سأجده في الشرق الاوسط العربي لم يكن بذلك القدر من الحماس الكبير الذي كنت اتوقعه. بعد هذه المحادثة الاولى، تخيلت بأنه حتى لو كان تفضيل المرشح غير مجمع فعلى الأقل فإن الاهتمام بالانتخابات الاميركية يمكن ان يكون كبيرا جدا. في كل منطقة اخرى زرتها تعرض الصحف المحلية فيها صور متكررة وبارزة للمرشحين مع مقالات مكثفة عن الحملة. فأوروبا على سبيل المثال تعوم في بحر من التوقعات. ومع عدم وجود سوى ايام قليلة على فتح صناديق الاقتراع في الولاياتالمتحدة بالتأكيد فإن الصحف الأردنية لن تكون مختلفة عن الحال في اوروبا. خطأ مرة اخرى، حيث دائما ما تحمل الصحف فيها صور الملك عبد الله الثاني وهو يقوم بعمله لصالح الشعب. ولا يتم رؤية المرشحين الاميركيين في اي مكان في الصفحات الاولى للصحف المحلية الناطقة باللغة العربية. وتظهر قليل من الصور عن الحملة في الصحف الناطقة بالانجليزية وعادة ما تكون مدفونة في الصفحات الداخلية. اعتقدت ان انطباعاتي يمكن ان تكون غير عادية وربما مقصورة على بلد واحد غير ان استطلاع رأي جديد في العالم الاسلامي يؤكد ما رأيته. ففي استطلاع رأي اجراه معهد جالوب في ست بلدان اسلامية وجد ان تأييد اوباما اقوى من تأييد ماكين لكن ليس بشكل كبير. في الحقيقة فإن الاستطلاع أظهر مستوى اهتمام منخفض بشكل لافت بالانتخابات الاميركية. في باكستان اعلن 90% انهم لا يعرفون من يفضلون او رفضوا الاجابة. وكانت البقية منقسمة بشكل متساو بين المرشحين. وجاء أعلى تأييد لاوباما في المملكة العربية السعودية لتصل نسبة التأييد له الى 50%. واعلن 33% فقط من الفلسطينيين و32% من الكويتيين انهم يفضلون اوباما غير ان ذلك كان يزيد ثلاث اضعاف تأييدهم لماكين. ومن المفارقات ان اوباما يحقق نجاحا افضل بين اليهود في الولاياتالمتحدة بشكل اكبر مما هو حاله بين المسلمين في منطقة الشرق الاوسط. وقد اظهر استطلاع رأي تم مؤخرا لمعهد جالوب ان 75% من اليهود الاميركيين عازمين على التصويت لصالح اوباما. بغض النظر عن دقة الارقام، يبدو ان كلتا المجموعتين تتفقان على ان اوباما يمكن ان يعمل رئيسا بشكل افضل. وربما يأتي الحماس الفاتر بين المسلمين من المغازلة الكبيرة لاوباما وتودده الكبير من اجل كسب اصوات الناخبين اليهود مثل تصريحاته القوية في دعم اسرائيل وخطابه السياسي المتشدد عن امور مثل الغارات عبر الحدود من قبل الولاياتالمتحدة في باكستان. وربما ينبع ذلك ايضا من الاتجاه الخفي لعدم الثقة في العالم العربي التي يتم عزو الكثير منه الى القوى الشريرة لليهود. وتنتشر الاشارات والتلميحات القائمة على نظرية المؤامرة بأن اليهود سوف يختارون ويسيطرون على الرئيس الاميركي المقبل بشكل كبير في وسائل الاعلام العربية. يتابع الاردنيون الذين تحدثت معهم الانتخابات الأميركية وكلهم تقريبا يفضلون اوباما. ومع ذلك فمن بين مؤيديه قليل منهم لديهم اوهام كبيرة بانه سوف يحدث قدر كبير من التغيير في هذه المنطقة- وهذه هي الاخبار الجيدة بالنسبة لاوباما. ويتوقعون انه ايما كان من سيتم انتخابه سوف ينظر الى مصالح الولاياتالمتحدة. والناس هناك على وعي بالازمة الاقتصادية ويعتقدون ان الرئيس الاميركي المقبل سوف يركز على ذلك وليس على مشاكل الشرق الاوسط. وقال جمال صاحب محل" اعتقد انه سيكون جيدا مثل بيل كلينتون". فسألته:"جيد للشرق الاوسط؟" فأجاب": جيد لاميركا". لقد انتهت الموجة الاولية من الشعور بالنشوة التي استقبلت ترشح اوباما في هذه المنطقة للتحول على عادة التشكك بشأن ما يحدث في الغرب ولاسيما في الولاياتالمتحدة. الاخبار الجيدة بالنسبة لاوباما هي انه في العالم العربي لن يواجه شرك التوقعات العالية بشكل مبالغ فيه. والاخبار السيئة هي ان انتخاب اوباما يمكن الا يصلح بشكل تلقائي الاتجاهات السيئة عن الولاياتالمتحدة كما كان يتوقع الكثيرون. صحيفة " الوطن " العمانية 5/11/2008