تسعون عاما على الثورة الاشتراكية الروسية د.هاني شادي احتفل الشيوعيون الروس والشيوعيون في جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق يوم الأربعاء السابع من نوفمبر بالذكرى التسعين للثورة الاشتراكية أو الثورة البلشفية كما ُيطلق عليها في أحيان كثيرة. تسعون عاما مرت علي هذا الحدث الكبير الذي غير وجه العالم آنذاك وزرع الأمل في قلوب الملايين من شعوب العالم من أجل التحرر من عبودية رأس المال والرأسمالية حسبما كتب وقال زعماء هذه الثورة وعلى رأسهم فلاديمير لينين. لقد زلزلت هذه الثورة العالم في عام 1917 ووصف هذا الزلزال بدقة جون ريد في كتابه الشهير عشرة أيام هزت العالم. ودخلت الثورة الاشتراكية في عام 1918 في أتون الحرب الأهلية والتدخل الأجنبي الغربي من أجل القضاء عليها. ولكنها صمدت وشرعت في عام 1922 في بناء الدولة السوفيتية. ولكن الخسائر البشرية كانت فادحة، كما بدأت الثورة تأكل أبنائها. وكانت حقبة ستالين مثالا ساطعا على العنف وتحويل مسار الثورة، ولكن هذه الحقبة كانت أيضا حقبة بناء الدولة القوية العظمى التي شرعت في مناطحة المعسكر الرأسمالي بزعامة الولاياتالمتحدة. ومن أجل بناء الدولة القوية دفع الشعب الروسي وغيره من شعوب الاتحاد السوفيتي ثمنا غاليا وسالت الدماء في معسكرات العمل الإجباري (الكولاك). وكانت النهاية في ديسمبر 1991 بتفكك الاتحاد السوفيتي وانهياره لأسباب كثيرة ومتعددة. وبالرغم من مرور تسعين عاما على الثورة البلشفية لا يزال الشيوعيون الروس يحتفلون بذكراها ، وتبين استطلاعات الرأي في روسيا أن الكثيرين مازالوا متمسكين بدرجة أو بأخرى بأفكارها. وعلى الرغم من إلغاء يوم السابع من نوفمبر في عام 2005 كعيد رسمي للدولة وكعطلة رسمية ، يدل استطلاع الرأي الذي أجراه صندوق "الرأي العام" في روسيا على أنه لا يزال يحتفل بعيد ثورة أكتوبر الاشتراكية 11 بالمائة من سكان روسيا. وفيما يخص الثورة نفسها فإن التقييم الحديث لها يدل على أن 40 بالمائة من مواطني روسيا يرون أنه كان لها نتائج إيجابية بالنسبة لروسيا ، بينما يري 29% أن نتائجها كانت سلبية على روسيا. وأشار 55 بالمائة من الذين شملهم الاستطلاع إلى أن هذه الثورة فتحت صفحة جديدة في تاريخ شعوب روسيا وأكسبت تطورها الاجتماعي والاقتصادي زخما جديدا ، في حين رأى 26% بالمائة فقط أنها كبحت تطور هذه الشعوب وشكلت كارثة بالنسبة لهم. أما موقف الروس من زعيم هذه الثورة فلاديمير لينين، فقد جاء إيجابيا بشكل عام. فقد أعرب 58% من الذين شملهم الاستطلاع عن الثقة في أن لينين لعب دورا إيجابيا في تاريخ روسيا. ولم تشكل نسبة المعارضين لهذا الرأي سوى ثلث هذا المؤشر. ويرى مراقبون أن الحنين إلى الأفكار الاشتراكية لا يزال قويا في روسيا حيث ينظر 46 بالمائة من الذين تم استطلاع آراؤهم إيجابيا إلى افتراض بناء الاشتراكية في روسيا علما بأنه لا يصدق بإمكانية تحقيق هذا فعليا إلا عشرة بالمائة من هؤلاء. ومع ذلك يفضل الراغبون في الاشتراكية في روسيا النموذج السويدي على النموذج السوفيتي أو الصيني. الكثير من المراقبين الروس من التيار الليبرالي يرى أن هذا الحنين إلى الاشتراكية في روسيا يعد أحد الأسباب الرئيسية التي تعوق التحول نحو الديمقراطية والرأسمالية. ولكن أنصار الأفكار الاشتراكية الروس يردون على هذه الفكرة بالإشارة إلى عهد يلتسين الذي أسفر عن كارثة كبرى بالنسبة للشعب الروسي بسبب إتباع السياسات الليبرالية الراديكالية. ويعتقد المراقبون أن الجدل بين أنصار وخصوم الثورة الاشتراكية الروسية سيستمر في السنوات القادمة أيضا. عن صحيفة الوطن العمانية 8/11/2007