أبجديات الانتخابات الأميركية علي بن طلال الجهني يرمز الحمار بمعنى المغفل Jackass وليس بمعنى إحدى فصائل ذات الحافر Donkey الى الحزب الديموقراطي، الذي أسسه الرئيسان الأميركيان الثالث توماس جيفرسون والرابع جيمز ماديسون في أوائل القرن التاسع عشر. أما رمز الحزب الجمهوري الذي أسسه الرئيس الأميركي رقم 16 ابراهام لنكولن في عام 1860 فهو الفيل. وللحمار والفيل قصة. وتتلخص قصة هذين الرمزين في انه خلال انتخابات 1828 لقّب أحد أبرز منافسي المرشح الديموقراطي اندرو جاكسون ب «المغفل» أو ال Jackass. والذي لقب جاكسون ب «الحمار» بمعنى المغفل لم يكن جمهورياً، إذ لم يتم تأسيس الحزب الجمهوري في ذلك الوقت. فما كان من الديموقراطي اندرو جاكسون وصاحب الصورة في بعض فئات العملة الأميركية كفئة الخمسين دولار إلا أن رَحَب بلقب «الحمار»، ووضعه شعاراً لحملته الانتخابية. واستخدام جاكسون رسماً للحمار في حملته الانتخابية كان أداة تسويقية مميزة، في وقت كانت فيه تقنية الاتصال بالناخبين بدائية. ولم يفز صاحب رمز «الحمار» بالانتخابات فحسب، وإنما فاز معظم الديموقراطيين من نواب وشيوخ ومحافظي ولايات في انتخابات عام 1828. ومنذ ذلك الوقت غدا «الحمار» رمزاً للحزب الديموقراطي، مع أنه لم يصدر قرار رسمي من «اللجنة الوطنية للحزب الديموقراطي» بتبني هذا الشعار. وفي عام 1874 رسم أحد أشهر رسامي الكاريكاتور في وقته، حيوانات كثيرة في حديقة حيوانات كان يبدو عليها الذعر، حينما رأت الحمار رمز الحزب الديموقراطي، وقد كتب الرسام تحت صورة الفيل، الذي كان احد الحيوانات الأشد خوفاً من الحمار «جمهوري». ومنذ تاريخه صار الفيل رمزاً للحزب الجمهوري، بعد أن سبقه «الحمار» بنحو خمسين سنة رمزاً للحزب الديموقراطي. تدريجاً صارت الرئاسة الأميركية وقفاً على أحد مرشحي الحزبين. والتأثير الوحيد للمستقلين من أمثال رالف نادر وروس برو هو ترجيح الفوز لأحد المرشحين الرئيسيين ضد الآخر كما كان تأثير برو ضد الرئيس بوش رقم 41 في انتخابات 1992 وبدرجة أقل تأثير نادر ضد المرشح الديموقراطي آل غور في انتخابات 2000. وحتى الرئيس الجمهوري رقم 26 ثيودور روزفلت، والذي يعتبر ثاني أعظم رئيس جمهوري بعد الجمهوري الأول ابراهام لنكولن، لم يستطع الفوز حين رشح نفسه للمرة الثالثة في عام 1908 بصفته مستقلاً، لأن الحزب الجمهوري رشح وليام تافت، الذي فاز ضد منافسه الديموقراطي جيمز شرمان. وتحدد يوم الانتخابات للرئاسة ولأعضاء الكونغرس منذ أربعينات القرن التاسع عشر بيوم الثلثاء الذي يتبع أول يوم اثنين من شهر تشرين الثاني (نوفمبر)، أي لو صادف أن يبدأ شهر تشرين الثاني يوم الثلثاء، فإن الانتخابات لا تعقد إلا بعد أسبوع، أي يوم 8 تشرين الثاني. وفي هذا العام 2008 ستكون الانتخابات يوم الثلثاء 4 تشرين الثاني الذي يتبع الاثنين 3 منه. وسبب تحديد الانتخابات في أوائل تشرين الثاني منذ ما يزيد على قرن أن معظم سكان الولاياتالمتحدة كانوا يعملون بالزراعة. ويأتي هذا الشهر بعد إتمام موسم الحصاد، خصوصاً حصاد الحبوب. ومعظم الولايات اختار النظام الفيديرالي لتحديد اجراء الانتخابات في كل الولايات. غير أنه يوجد عدد قليل من الولايات يختار أياماً أخرى للانتخابات غير الفيديرالية. أما الرئيس المنتخب ومنذ 1933 بعد أن فاز الرئيس الديموقراطي فرانكلين روزفلت بانتخابات الرئاسة للمرة الثانية، فيتولى السلطة في الساعة الثانية عشرة ظهراً بتوقيت العاصمة واشنطن من يوم 20 كانون الثاني (يناير) بعد أداء القسم، وهي فترة كافية بين الانتخابات وبين تسلم الرئيس الجديد إن كان جديداً، ليتم ترتيب نقل السلطات الإدارية من إدارة إلى أخرى، أو لتشكيل أعضاء حكومته إن كان منتخباً للمرة الثانية. وقد تولى السلطة الرئيس الأول للولايات المتحدة جورج واشنطن في 30 نيسان (أبريل) 1789، ثم صار يوم تسلم الرئاسة وحتى عام 1933، كما سبق ذكره في يوم 4 آذار (مارس) لأن الانتخابات التي تنتهي حالياً في يوم واحد، كانت تستغرق نحو أربعة أشهر بسبب بدائية تقنيات الانتخابات وبدائية المواصلات والاتصالات. كيف تتم الانتخابات؟ بالنسبة إلى أعضاء الكونغرس (بمجلسيه النواب والشيوخ) وحكام الولايات ومن في حكمهم، يحدد عدد أصوات الناخبين أسماء الفائزين. أما بالنسبة إلى الرئيس، فإن الذي يختار المرشح الفائز هو «هيئة المنتخبين» التي يسمونها Electroral College والتي تعني حرفياً «ندوة المنتخبين». وعلى أي أساس يتم تحديد أعضاء «هيئة المنتخبين أو الانتخابات» التي بموجب غالبية أصواتها يتم اختيار الرئيس؟ عدد أعضاء «هيئة المنتخبين» عن كل ولاية يساوي تماماً عدد ممثليها في مجلس النواب، إضافة إلى ممثليها في مجلس الشيوخ، الذي يكون دائماً اثنين لكل ولاية سواء كان عدد سكانها أقل من مليون كولايات مونتانا وديلاوار وألاسكا وشمال داكوتا وجنوب داكوتا وفيرمونت، أو ما يقارب 40 مليوناً كولاية كاليفورنيا. ولذلك نجد أن عدد ممثلي هذه الولايات الصغيرة التي ذكرنا ثلاثة أعضاء، منهم اثنان يمثلان كل ولاية في مجلس الشيوخ، ونائب واحد فقط يمثل كل الولاية في مجلس النواب. كما نجد في المقابل 53 عضواً يمثلون كاليفورنيا في «هيئة المنتخبين» منهم اثنان مقابل عضوي مجلس الشيوخ، و51 مقابل عدد النواب الذين يمثلون ولاية كاليفورنيا في مجلس النواب. ومجموع عدد «هيئة المنتخبين» لكل الولايات الأميركية المتحدة في وقتنا الحالي 538 عضواً لكل منهم صوت واحد. ويمثل هذا العدد أعضاء مجلس الشيوخ المئة، وعدد أعضاء مجلس النواب الذي وصل حالياً إلى 435 نائباً، إضافة إلى منطقة العاصمة واشنطن التي يمثلها ثلاثة أعضاء فقط، لأنها ليست ولاية وإنما منطقة تم اختيارها لتكون محايدة بين الولايات ال13 في الأصل وال50 حالياً. وقد سبق أن فاز بالرئاسة في ثلاث مرات مختلفة رؤساء لم يحصلوا على أصوات غالبية الناخبين، كما حدث في عام 2000 حين فاز الرئيس الحالي بوش بعدد أكبر من أصوات أعضاء «هيئة الناخبين»، في الوقت الذي زاد عليه آل غور بنحو نصف مليون من عدد الناخبين العاديين، وكما حدث أيضاً في انتخابات عامي 1876 و1888. كيف يحدث ذلك؟ يحدث حين يفوز المرشح للرئاسة بنسبة ضئيلة جداً من عدد الناخبين ضد منافسه في ولايات كبيرة، فيحصل بذلك على جميع أصوات «هيئة الناخبين» الذين يمثلون كل ولاية فاز بها ولو بنسبة ضئيلة جداً. بينما قد يفوز منافسه بولايات أخرى أصغر ولكن بنسبة أكبر من عدد الناخبين. وهذا لأن الفائز بولاية كبيرة أو صغيرة في العادة يحصل على جميع أصوات ممثليها في «هيئة الانتخابات». ومع أن ولايتي نبراسكا ومين تحددان عدد أصوات ممثليهما في هيئة الانتخابات وفقاً لعدد اصوات الناخبين التي يحصل عليها كل مرشح في كل منطقة انتخابية، غير أنه لم يسبق قط أن أثرت إحدى هاتين الولايتين على نتائج الانتخابات الرئاسية. ولو حصل احد المرشحين للرئاسة هذا العام بأصوات ممثلي أكبر 11 ولاية من الولايات الخمسين في «هيئة الانتخاب» لفاز بالرئاسة سواء حصل على غالبية عدد الناخبين الأميركيين أو لم يحصل عليها. وهي في انتخابات هذا العام 270 أو نصف العدد الكلي ال538 زائدا واحداً، أي (269+1). والسؤال الأخير، لماذا لا يتم تحديد الفائز بالرئاسة وفقاً لعدد الناخبين فقط؟ لسبب بسيط يتلخص في أن المرشحين للرئاسة قبل وبعد الانتخابات سيهتمون فقط بالعدد القليل من الولايات ذات العدد الأكبر من أصوات «هيئة الانتخابات» ويهملون غالبية بقية الولايات. والله من وراء القصد. عن صحيفة الحياة 21/10/2008