الغرب لم يستوعب درس التاريخ في أفغانستان بيتر تيو بولد أفغانستان أرض أساطير وإحدى هذه الأساطير تقول إن البريطانيين هزموا في حروبهم التي خاضوها هناك ولكن التاريخ يخبرنا شيئا آخر وهو أنهم وبعد أن خسروا أحد جيوشهم في عام 1842، أرسلوا جيشا آخر للتنكيل بالأفغان فأحرق القرى ودمر وسط كابول وشنق الكثير من المدنيين. الحرب الأفغانية الثانية انتهت في عام 1881 عندما أرسلت بريطانيا جيشا جديدا استولى على كابول وشنق المزيد من المدنيين وأحرق المزيد من القرى، كان البريطانيون يحاولون تحويل أفغانستان إلى محمية يحكمها أحد عملائهم مع وجود مستشارين بريطانيين حوله وهو نظام نجح في الهند. بعد كل هذه الحروب أدرك الانجليز أنه من المستحيل عليهم تحقيق أهدافهم في هذا البلد الفقير، واكتفوا في النهاية فقط بالسيطرة على سياسته الخارجية وهذا ما تم لهم لمدة 80 عاما. أسطورة اخرى هي ان الروس يقولون إنهم لم يهزموا في أفغانستان بالمفهوم العسكري قد يكون ذلك صحيحا، فالروس لم يحققوا أي واحد من الأهداف التي سعوا إلى تحقيقها وهو إقامة حكم مستقر ونشر الاستقرار وتدريب قوات الجيش والشرطة والمغادرة خلال ستة أشهر، وحال الروس هذا يشبه حال الاميركيين في فيتنام الذين يقولون ايضا انهم لم يهزموا بل فشلوا في تحقيق أهدافهم السياسية. هناك أسطورة جديدة بدأت تتبلور مؤخرا وهي أن الغرب جاء إلى أفغانستان من اجل نشر السلام فيها وإعادة تعميرها، الأفغان يحتقرون الرئيس حامد قرضاي ويشبهونه بصالح سوجا ذلك العميل الذي عينته بريطانيا حاكما عقب الحرب الأولى. الكثير من الأفغان يفضلون محمد نجيب الله آخر رئيس شيوعي وقد تصالح مع الإسلاميين ولكن انقضت عليه طالبان في 1996 وأنهت حكمه. يقول بعض الأفغان ان الأوضاع كانت افضل خلال فترة الاحتلال الروسي حيث كانت كابول آمنة وسمح للنساء بالعمل وبنى الروس مصانع وأقاموا طرقا وشيدوا مدارس ومستشفيات. الجنود الروس حاربوا بشجاعة على الأرض ولم يقدموا على قتل النساء والأطفال من الجو كما يفعل الناتو حاليا. وحتى حكم طالبان لم يكن سيئا في المطلق، ويقول عنهم بعض الأفغان انهم كانوا مسلمين ملتزمين حافظوا على النظام، وكانوا يحترمون المرأة. الأفغان عموما فاقدون للثقة في الناتو والغرب وسياساته، والغرب يتحدث عن ضرورة تحقيق نصر لأن الفشل لا يعني مجرد هزيمة في أفغانستان بل أيضا خسارة الحرب على «الإرهاب» في العالم كله. ان النصر الذي يسعى الغرب لتحقيقه هو أيضا أسطورة إذ كيف يمكن تحقيق النصر بعدد قليل من الجنود الأميركيين. البريطانيون استوعبوا الدرس في أيرلندا جيدا، وكانت خلاصته انه ليس بالامكان تحقيق النصر على الثوار. يقول احد الجنرالات الروس: حاولنا تعليم الافغان كيف يبنون مجتمعا جديدا وكنا نعلم في قرارة أنفسنا اننا فشلنا نحن في بلادنا في تحقيق ذلك. لقد أوكلت للجيش الروسي مهام كان من المستحيل عليه القيام بها وانجازها. فالجيش النظامي مهما كانت قوته غير قادر على انهاء تمرد في اي بلد. على الغرب ان يسعى وراء هدف قابل للتحقيق وهو اقامة نظام افغاني قوي تحت قيادة زعيم قوي قادر على فرض نفسه على حكام الاقاليم وامراء الحرب ويستخدم العصا والجزرة وهي نفس السياسة التي سبق ان اتبعها القادة الافغان، كل ما يهمنا في الغرب هو عدم السماح للقاعدة باتخاذ افغانستان قاعدة لها لشن الهجمات علينا في اوطاننا وعدم تمكينها من تهديد مصالحنا حول العالم. الاميركيون يتحدثون عن هزائم البريطانيين السابقة في افغانستان ولكنهم يصكون اسنانهم غيظا عندما يواجهون الحقائق القائمة على الارض والتي تؤكد انه لا خيار امامهم سوى الحل السياسي. لقد سبق ان تحدث الروس في السابق عن المغادرة في 1982 ولكنهم اضطروا للمغادرة بعد هذا التاريخ بسبع سنوات بعد ان خسروا الكثير من المال والارواح، الكثير من الناس ماتوا ايضا خلال سعي الاميركيين للعثور على مخرج مشرف لهم من فيتنام. البريطانيون هم من يدفعنا للاستغراب فقد عانوا الأمرين في القرن التاسع عشر ثم عادوا لنفس المنطقة وتورطوا في افغانستان من جديد ولا شك ان الامور كانت أسهل وأبسط بكثير في القرن التاسع عشر مما هي عليه الآن. عن صحيفة الوطن القطرية 20/10/2008