تعرف على آخر مستجدات إنشاء المحطة النووية بالضبعة    نتنياهو: نتمسك بهدف القضاء على قدرات حماس العسكرية والحكومية    مصادر بحرية: إطلاق مهمة لإجلاء طاقم سفينة ترفع علم ليبيريا تعرضت لهجوم قبالة اليمن    قمة ريال مدريد وباريس سان جيرمان.. أرقام لا تفوتك في لقاء العيار الثقيل    نتيجة الدبلومات الفنية 2025 جاهزة وإتاحتها إلكترونيا للطلاب    القبض على مستشار سابق قتل طليقته رميًا بالرصاص لزواجها عرفيًا بأكتوبر    حريق يلتهم محتويات مكتب معدات تصوير في العمرانية.. صور    يصل ل25 ألف جنيه.. التفاصيل الكاملة للحصول على قرض حسن من «الأوقاف»    الأرصاد تعلن تغيرات مفاجأة في طقس اليوم وتحذر من ال 48 ساعة القادمة    اكتشاف فوائد غير متوقعة لحليب الإبل في مكافحة مرض يصيب الملايين حول العالم    التفاصيل الكاملة ل حجز شقق الإسكان الاجتماعي 2025 رسميًا.. شروط سكن لكل المصريين 7    كل ما تحتاج معرفته عن اختبارات القدرات 2025 لكليات الفنون التطبيقية (التواريخ الرسمية)    عيار 21 بالمصنعية.. أسعار الذهب اليوم الأربعاء 9-7-2025 في مصر والعالم    الإمارات تنفي صحة تقارير عن منحها الإقامة الذهبية مدى الحياة لبعض الجنسيات    المسرح القومي ينشر فيديو تحية الجمهور في افتتاح «الملك لير»    بصوت لبناني يصل إلى غزة، ماجدة الرومي تفتتح "أعياد بيروت" بعد غياب أكثر من 15 عامًا (فيديو)    روسيا تشن هجمات جوية على أوكرانيا وترامب يهاجم بوتين بعد استئناف تسليح كييف    ليس بوبو.. الزمالك يستهدف ضم نجم جديد من بيراميدز (تفاصيل)    تنسيق الدبلومات الفنية 2025.. مؤشرات القبول لطلاب تجارة 3 سنوات وأهم الكليات والمعاهد المتاحة    مواعيد صرف مرتبات يوليو وأغسطس وسبتمبر 2025.. وقائمة الأجور الجديدة وبدلات المعلمين    بعد تجديد رونالدو.. عرض من النصر السعودي لضم وسام أبو علي (تفاصيل)    لا تضع الجبن أبدا في كيس بلاستيكي لهذا السبب    دعاء الفجر| اللهم ارزقني الرضا وراحة البال    «كانوا في طريقهم للعمل».. إصابة 11 شخصًا بانقلاب سيارة بالبدرشين    الاتحاد المنستيري يرفض استعادة الجفالي.. والزمالك يتحرك لإعارته وتوفير مكان للاعب أجنبي    مدبولي يعود إلى القاهرة بعد تمثيل مصر في قمة بريكس بالبرازيل.. ومباحثات دولية لتعزيز التعاون المشترك    مسن يُنهي حياته قفزًا من شرفة منزله بسبب ضائقة مالية في الفيوم    تخفيض 50% على رسوم الخدمات الإلكترونية بالمدن الجديدة    ولي العهد السعودي يلتقي وزير الخارجية الإيراني    بوصفات الطب الصيني.. نصائح لعلاج السكر في الدم    الأمن يحقق في إصابة طبيب بطعنة في الرقبة داخل مستشفى بني سويف    الخارجية الإيرانية: تلقينا رسائل من واشنطن للعودة إلى المفاوضات    بعد ترميمهما.. وزير السياحة ومحافظ القاهرة يفتتحان قبتين نادرتين بالفسطاط    البدوي: تعافي الاتصالات سريعًا بفضل «عقل الدولة الإلكتروني» بالعاصمة الإدارية    «الطقس× أسبوع».. شديد الحرارة رطب والأرصاد تحذر من نشاط الرياح على بعض الشواطئ والشبورة بالمحافظات    الجبهة الوطنية: قادرون على إحداث نقلة حقيقية في تاريخ الحياة الحزبية    مرشحو «العدل» ينتهون من الكشف الطبي استعدادًا للانتخابات.. والدريني: مفاجأة مرتقبة قريبًا    انطلاق المؤتمر الصحفي لمهرجان المسرح القومي 15 يوليو.. والاحتفاء بأفضل النصوص المسرحية    النيابة العامة تذيع مرافعتها فى قضية حادث الطريق الإقليمي (فيديو)    الفيفا يفتتح مكتبا داخل برج ترامب استعدادا لمونديال 2026    أيمن الرمادي عن اعتزال شيكابالا: قرار خاطئ    مجلس الكنائس العالمي يدعو لحماية حرية الدين في أرمينيا: "الكنيسة الرسولية الأرمينية تمثل إرثًا روحيًا لا يُمس"    محافظ قنا يعتمد تنسيق القبول بالمدارس الثانوية للعام الدراسي 2026/2025    رئيس الوزراء الفلسطيني يأمل في أن تتكلل مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة بالنجاح سريعا    ارتفاع حصيلة احتجاجات كينيا المناهضة للحكومة إلى 31 قتيلاً    الرمادي يكشف أفضل 2 مدافعين في مصر    مدرب الزمالك السابق: يجب أن نمنح جون إدوارد الثقة الكاملة    عقب تداول الفيديو.. «الداخلية» تعلن القبض على طفل يقود سيارة في القليوبية    غالبًا ما تمر دون ملاحظتها.. 7 أعراض خفية لسرطان المعدة    معشوق القراء... سور الأزبكية يتصدر المشهد بمعرض الكتاب الدولي بمكتبة الإسكندرية    مينا رزق لإكسترا نيوز: الدعم العربى والأفريقي سببا فى فوزى برئاسة المجلس التنفيذى لمنظمة الفاو    وراءها رسائل متعددة.. الاحتلال يوسّع استهدافه بلبنان ويصفي مسؤولًا بحماس شمالًا    80 شهيدًا منذ الفجر.. قصف إسرائيلي عنيف يضرب غزة وأوامر إخلاء شاملة لخان يونس    مستقبل وطن: القائمة الوطنية الخيار الانتخابي الأفضل لتوحيد القوى السياسية    أمين الفتوى يحذر من الزواج العرفي: خطر جسيم على المرأة    الخميس.. الأوقاف تنظم 2963 مجلسا دعويا حول آداب دخول المسجد والخروج منه    أمينة الفتوى: «النار عدو لكم فلا تتركوا وسائل التدفئة مشتعلة أثناء النوم»    ندوة بالجامع الأزهر تُبرز أثر المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار في ترسيخ الوَحدة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تغريد خارج السرب / فهمي هويدي
نشر في محيط يوم 26 - 08 - 2008


تغريد خارج السرب
فهمي هويدي
لأ اعرف إلي أي مدي يحتل المزاج العربي دعوة لإحداث نقلة نوعية في الوجهة السياسية‏,‏ تستهدف توثيق العرب مع الأتراك والإيرانيين‏,‏ لكني علي يقين من أن ذلك يعد تغريدا خارج السرب‏.‏
(1 ) في حين يحظي مسلسل نور التليفزيوني التركي بمتابعة غير عادية في أنحاء العالم العربي‏,‏ أزعم أنها أحدثت انقلابا في رؤية العرب لتركيا‏,‏ فإن المراصد السياسية باتت مشدودة إلي الدور التركي الصاعد الذي يتحرك بجدية علي مستويات عدة‏,‏ من القمة التركية الإفريقية‏,‏ إلي استقبال الرئيس الإيراني أحمدي نجاد في اسطنبول‏,‏ وقبله استقبال الرئيس السوري بشار الأسد‏,‏ وزيارة أردوغان بغداد‏,‏ ودخوله علي الخط بين روسيا وجورجيا‏,‏ وتحركه لتطبيع العلاقات مع خصومه التاريخيين في أرمينيا واليونان‏,‏ وتوسط حكومته بين سوريا وإسرائيل‏..‏ كل ذلك خلال الأشهر القليلة الماضية‏.‏
في وقت متزامن‏,‏ كانت إيران تطور علاقاتها مع روسيا باتفاق علي التعاون في مجال الفضاء بعدما قطعت شوطا في تعاونها معها في بناء مفاعلها النووي في بوشهر‏.‏ وتمد جسورا مع الجزائر في أثناء زيارة الرئيس بوتفليقة لطهران‏,‏ وتستقبل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي‏.‏ وأثارت الانتباه في هذا السياق‏,‏ الزيارة التي قام بها الرئيس أحمدي نجاد لاسطنبول‏,‏ والتي غادرها متجها إلي دمشق‏,‏ ثم زيارة أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة راعي اتفاق الفصائل اللبنانية في الدوحة لطهران‏.‏
هذا القدر المعلن من الاتصالات دفع بعض المحللين إلي الحديث عن ظهور نظام إقليمي جديد في المنطقة‏,‏ تلعب فيه إيران وتركيا الدور الأساسي‏,‏ كما دفعهم إلي مقارنة هذه التحركات بالسكون المخيم علي العالم العربي‏,‏ واستغراقه إما في الخلافات بين دوله أو في مشاكلها الداخلية‏,‏ التي استصحبت حالة من الانكفاء القطري أذهلت العواصم علي ما يجري في الساحتين الإقليمية والدولية‏.‏

(2)‏ ما هو جديد في هذه التحركات أنها تتم بين دول لها مشاكلها ومرارتها فيما بينها‏,‏ لكنها انطلقت من رؤية استراتيجية تجاوزت بها عقد الحاضر‏,‏ فضلا عن أوزار التاريخ‏..‏ إن شئت فقل إن هذه الدول طوت صفحة التاريخ واستعلت فوق المشاكل الأدني لكي تحقق المصالح العليا‏.‏
فتركيا وإيران علي طرف نقيض علي صعيد التحالفات السياسية‏,‏ فالأولي لها ارتباطاتها مع الولايات المتحدة وإسرائيل‏,‏ وهما الخصمان اللدودان لإيران‏,‏ وممثلو النظام الإسلامي في طهران يرفضون في زياراتهم الرسمية زيارة قبر أتاتورك‏,‏ مؤسس الجمهورية العلمانية في تركيا‏,‏ كما يقضي البروتوكول‏.‏ ولذلك‏,‏ فإن زيارة أحمدي نجاد ولقاءاته تمت في اسطنبول‏,‏ وكان الأتراك هم الذين رتبوا العملية‏,‏ ولم يعتبروا ذلك إهانة لمؤسسة الجمهورية‏,‏ لأن هناك مصالح أكبر من البروتوكول‏.‏ وفي الذاكرة التركية أن إيران أقامت علاقة مع حزب العمال الكردستاني في التسعينيات للضغط علي أنقرة‏,‏ كما أن الصراع المرير بين الدولتين الصفوية والعثمانية لايزال له مكانة في ذاكرة الأتراك‏,‏ وفي الوقت نفسه‏,‏ فإن أنقرة قلقة من التمدد الإيراني في العراق‏,‏ وتعتبره إخلالا بالتوازن المفترض بين قوي الجناح الشرقي للمنطقة‏.‏
وتركيا التي تتمتع الآن بعلاقات ممتازة مع سوريا حتي تجاوز حجم التبادل التجاري بين البلدين‏900‏ مليون دولار سنة‏2007‏ وهو يزيد علي أربعة أضعاف التبادل التجاري بين تركيا ومصر‏(200‏ مليون‏)‏ كانت علي وشك الدخول في حرب مع سوريا وهددت بغزو دمشق عام‏1998,‏ بسبب دعمها حزب العمال الكردستاني وإيواء زعيمه عبدالله أوجلان‏,‏ وبين البلدين تاريخ مسكون بالعداء والتوتر‏,‏ منذ عام‏1939,‏ عشية الحرب العالمية الثانية حين اقتطعت فرنسا لواء الاسكندرونة من سوريا ومنحته لتركيا‏,‏ وبعد ذلك حين أقامت تركيا مجموعة من السدود التي أثرت علي حصة سوريا من المياه‏.‏ ذلك غير اعتراف انقرة بإسرائيل في وقت مبكر‏(‏ عام‏1948),‏ الأمر الذي صنفها ضمن المعسكر المعادي لسوريا‏,‏ وهو ما تغير الآن‏180‏ درجة‏,‏ بحيث أصبحت أنقرة وسيطا في المحادثات بين سوريا وإسرائيل‏.‏

(3)‏ ليست هذه معلومات مما نطالعه في الصحف ونحن نتثاءب‏,‏ ثم نتحول عنها لنتسلي بأخبار العالم الأخري‏,‏ لأن هذه التحركات تتم في شمال العالم العربي وشرقه‏,‏ وبالتالي فإنها تدخل بامتياز في إطار منظومة الأمن العربي التي أصبح وجودها محل تساؤل وشك‏,‏ في ظل غياب الرؤية الاستراتيجية لمصالح المنطقة‏,‏ علي النحو الذي سبقت الإشارة إليه‏,‏ وللأسف فإن ذلك الغياب سمح بإطلاق العنان لإسرائيل لكي تتمدد وتعبث وتجوب العالم العربي ما بين وادي النيل والبحر الأحمر‏.‏
إن تركيا وإيران مع العالم العربي‏(‏ مصر بوجه خاص‏)‏ يشكلون مثلث القوة في منطقة الشرق الأوسط‏,‏ الذي تحدث عنه الدكتور جمال حمدان‏,‏ عالم الجغرافيا السياسية المرموق‏,‏ في كتابه استراتيجية الاستعمار والتحرير‏.‏ ولأن الأمر كذلك‏,‏ فإننا نخطئ كثيرا حين نعتبر تركيا وإيران مجرد جيران فرضتهما ظروف الجغرافيا‏,‏ وتشاركنا معهما في التاريخ زمنا‏,‏ ثم ذهب كل إلي حال سبيله بعد ذلك‏,‏ ذلك ان الدولة العباسية التي ورثت الخلافة الأموية قامت علي أكتاف العناصر الفارسية‏,‏ وفي زمانها تأسست أعظم المراكز الحضارية الإسلامية علي قاعدة التفاعل بين الفرس والعرب‏,‏ وبعد أقل من قرنين‏,‏ أصبحت العناصر التركية تلعب دورا بارزا في تاريخ المنطقة‏,‏ خصوصا تحت مظلة الدولة العثمانية‏,‏ ولكن دار الإسلام المشرقية انقسمت منذ القرن السادس عشر بين الصفويين في إيران والعثمانيين في تركيا‏.‏ وقدر لذلك الفصام النكد أن يمهد لتجزئة المشرق إلي أقطار شتي عقب الحرب العالمية الأولي‏,‏ حين اتفق المنتصرون في الحرب علي تمزيق المنطقة وتقطيع أوصالها في ظل اتفاقية سايكس بيكو‏(‏ عام‏1916).‏
لم يبق من ذلك التاريخ الذي تراجع في الواقع وحفظته الكتب‏,‏ سوي رابطة العقيدة وبعض آثار التداخل بين الشعوب التي تمثلت في انتشار الحرف العربي في إيران وتركيا‏(‏ كمال أتاتورك استبدله بالحروف اللاتينية في العشرينيات‏)‏ وفي تسرب الكلمات العربية إلي اللغات المحلية باعتبارها مفردات لغة القرآن‏,‏ حتي أصبحت تمثل‏40%‏ علي الأقل من مفردات اللغتين الفارسية والتركية‏,‏ كما انتشرت الكلمات الفارسية والتركية في المجتمعات العربية التي عرفت الكباب والكفتة والمسقعة والكشك والكحك والبقلاوة والخشاف والشوربة والطرشي والبقصمات والسميط‏,‏ وهي كلمات فارسية وتركية‏.‏
وتداولت ألسنة الناس كلمات فارسية أخري مثل البيجامة والدوبارة والفوطة والبرواز والجنزير والدبوس والدورق والشمعدان والكاسة والشاكوش والكباية والكنكة والكوز والدرابزين‏..‏ ولاتزال كثير من الأسماء الشائعة ورتب العساكر محتفظة بأصولها التركية مثل نشأت وعصمت ودولت وعفت وعزت‏,‏ ومثل اومباشي وشاويش ويوزباشي وبكباشي وكراكون وياور وباشا‏.‏
كما أننا مازلنا نتداول في بيوتنا كلمات تركية مثل الأودة والسفرة والبطانية والشنطة والشراب والجزمة‏..‏ ونينة وأبيه وأبلة‏(‏ الأخ والأخت الكبيران‏)..‏ ولأساتذة اللغات الشرقية المصريين جهد طيب في هذا المجال استفدت منه‏,‏ خصوصا أبحاث الدكتور حسين مجيب المصري والدكتور محمد نور الدين عبدالمنعم والدكتورة ماجدة مخلوف‏.‏
هذه البصمات الباهتة للتاريخ لا تكاد تقارن بالحضور القوي لحقائق الجغرافيا‏,‏ التي لم تتغير بفعل الزمن‏,‏ وإنما أصبحت أكثر رسوخا وأهمية‏.‏

(4)‏ لايزال العرب والإيرانيون والأتراك يمثلون كتلة جغرافية متماسكة‏,‏ تقع في خاصرة العالم وتمثل شريحة أفقية تمتد من المغرب في أقصي الغرب حتي مشهد في إيران شرقا‏,‏ ومن تركيا في الشمال وحتي اليمن في الجنوب‏..‏ وهي في موقعها المتمدد في إفريقيا وآسيا وجزء من أوروبا‏,‏ تسيطر علي أخطر الممرات البحرية في العالم‏,‏ مضائق هرمز وباب المندب والبسفور والدردنيل وقناة السويس‏,‏ كما أنها تملك أكبر احتياطي عالمي في النفط‏,‏ إلي جانب احتياطات هائلة من الغاز تكاد تحتل المرتبة الأولي في العالم‏,‏ وتمر عبرها شبكة أنابيب النفط والغاز الذي يغذي العالم الصناعي بأسره‏,‏ ولايزال القاسم المشترك الأعظم بين شعوب المنطقة أنها في أغلبيتها الساحقة يشدها رابط العقيدة الإسلامية‏.‏
هذه الخلفية التي توفر فرصة ممتازة لإقامة كتلة بشرية حية تغني حاضر الأمة ومستقبلها لا تبدو حاضرة في الاستراتيجية العربية‏,‏ وفي غياب تلك الاستراتيجية‏,‏ فقد العالم العربي بوصلته الهادية‏,‏ ولم يكن مفاجئا بعد ذلك أن يضل طريقه وتتخبط مسيرته‏,‏ فيتمزق صفه تارة ولا يعرف حلفاءه من أعدائه تارة أخري‏,‏ وأن يستدرج للانخراط في مخططات الآخرين واستراتيجياتهم في حين ثالثة‏,‏ الأمر الذي فرض علي الواقع العربي مجموعة من المفارقات بينها ما يلي‏:‏
إن العلاقات الأمريكية العربية أصبحت أوثق وأمتن من العلاقات العربية العربية‏.‏
إن الولايات المتحدة أصبحت لها كلمة في خرائط المنطقة‏,‏ وفرت لها فرصة تقسيمها إلي معتدلين ومتطرفين‏,‏ بل وفرت لها جرأة التدخل في صياغة أوضاعها الاقتصادية والثقافية‏,‏ إضافة إلي سياساتها الخارجية‏.‏
إن بعض الدول العربية تصالحت مع إسرائيل في حين خاصمت دولا عربية أخري‏,‏ كما خاصمت إيران‏.‏
إن البعض أصبح يري أن إيران هي العدو الأول للعرب وليس إسرائيل‏.‏
إن إسرائيل أصبحت لاعبا مهما في تركيا وإيران‏(‏ قبل الثورة‏)‏ في حين ظل العالم العربي غائبا عن البلدين الجارين‏.‏
إن إسرائيل أصبحت تمثل في بعض الاجتماعات الأمنية المهمة التي تعقدها دول ما سمي بمعسكر الاعتدال العربي‏,‏ في حين استهجن بعض العرب حضور إيران اجتماع مجلس التعاون الخليجي‏,‏ واستنكر آخرون طلب تركيا الانضمام كمراقب إلي الجامعة العربية‏.‏
إن بعض المثقفين المنتسبين إلي التفكير الاستراتيجي أسقطوا تركيا وإيران من دوائر الانتماء الثقافي والحضاري‏,‏ وتحدثوا عن إضافة الدائرة الأمريكية كمجال لحركة العالم العربي‏.‏
عن صحيفة الاهرام المصرية
26/8/2008


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.