خارج فضيحة ابو غريب وليد الزبيدي عندما انتشر الحديث عن التعذيب الاميركي في معتقل ابو غريب عام 2004،بعد التحقيق الصحفي الذي نشره الصحافي الاميركي سيمور هيرش،اقتنع الكثيرون بان الديمقراطية الاميركية على اكمل مايكون في العراق،والدليل حديث وسائل اعلامها على نطاق واسع عن التعذيب الذي تعرض له السجناء العراقيين في هذا المعتقل ، وعلقت حينها في هذا المنبر وعبر العديد من الفضائيات حول ما حصل ، وحصرت ذلك بنقطتين ، أعود لذكرهما ، وأنا أتابع القضاء الأميركي الذي اعلن براءة ستيفن براون المسؤول عن تعذيب العراقيين في معتقل ابو غريب ، والنقطتان هما: الاولى-ان الادارة الاميركية تريد القول الى الرأي العام انها لا تخفي الاخطاء التي ترتكب بحق العراقيين،وانها لا تسكت على الظلم،واستمرارا لذلك ،فان القضية ستشغل الرأي العام وبالتقادم الزمني ،سيتم اختصار القصة والعمل على تكثيفها وتقليصها،لترسم صورة لما حصل يختصر الاف حالات التعذيب بعدة اشخاص،وقلت حينها ،سوف يتابع الرأي العام هذه المأساة من خلال عدة اشخاص ،وبالتالي سيتم نفي التهمة عن عشرات الالاف من الجنود الاميركيين الذين مارسوا ابشع انواع التعذيب بحق العراقيين ، سواء كان داخل منازل العراقيين التي تتم مداهمتها بوحشية اوفي المعتقلات والقواعد والمعسكرات حيث يتم اقتياد العراقيين الى هناك والاكياس على رؤوسهم والاغلال بايديهم،وما نراه الان هو اختصار لالاف الحالات من التعذيب بشخص واحد هو ستيفن جوردان،ورغم كل ما قيل صيف عام 2004 عن التعذيب واستنكاره فاننا نقف امام مسألة اخرى عندما تتم تبراة هذا الشخص، الذي كان يعطي الاوامر لممارسة ابشع انواع الضرب واستخدام الاسواط وتعليق الرجال وحرمانهم من النوم،وتركهم في العراء تحت الامطار والبرودة على اشدها،وكل ما يخطر بالبال وما لا يخطر يحصل مع العراقيين في المعتقلات،لكن يجري اختصار تلك الممارسات البشعة بشخص واحد ولا تحصل حتى ادانة له. الثانية:ان الحديث عن فضيحة في معتقل ابو غريب ،توحي للرأي العام ان هذا المكان الوحيد في العراق الذي جرت فيه انتهاكات بحق المعتقلين العراقيين،والدليل ان وسائل الاعلام الاميركية فضحت ذلك ، ولو كانت هناك حالات مشابهة لما ترددت في الوصول اليها،وحقيقة الامر عكس ذلك تماما،لان جميع المعسكرات والقواعد العسكرية الاميركية والبريطانية وسواها تمارس التعذيب اليومي بحق المعتقلين العراقيين،وليذهب أي شخص او منظمة انسانية ودولية الى أي منطقة من مدن العراق ويسال الناس هناك ،عندها سيسمع ما هو مهول ومرعب عن التعذيب الذي مارسته تلك القوات بحق العراقيين،فالتعذيب حصل وما زال في معتقل المطار ببغداد وفي قاعدة عين الصقر جنوب بغداد وفي القاعدة الاميركية قرب وزارة الداخلية وفي قاعدة البكر الجوية ومعسكر القدس في بلد،وفي قاعدة عين الاسد بالرمادي وفي جميع المعسكرات المنتشرة بكثافة بالعراق. اما خلاصة الصورة التي يرسمونها بمحاكمة اميركي واحد وعن فترة 2004،وفي مكان تعذيب واحد هو ابو غريب ،فهذا ضحك على الرأي العام وكذب لا مثيل له بالتاريخ. عن صحيفة الوطن العمانية 6/9/2007