لحود المغادر حازم مبيضين يعرف الرئيس اللبناني إميل لحود أن إعلان نيته تعيين حكومة مؤقتة برئاسة قائد الجيش إذا لم يتم التوصل لاتفاق بشأن الرئيس اللبناني الجديد قبل انتهاء فترة ولايته الحالية لا يساوي أكثر من الحبر الذي كتب به التحذير ولا أكثر من الاثير الناقل له. ذلك أن مثل هذه الخطوة - إن تجرأ لحود عليها - هي خطوة تقسيمية لانها ستفضي الى وجود حكومتين على افتراض ان قائد الجيش العماد ميشيل سليمان سيقبل بالمهمة، مع تأكيدات سابقة منه بانه يرفض الالتزام بأية أفعال تتناقض مع دستور البلاد الذي يسعى الرئيس المنتهية ولايته قريبا وغير مأسوف عليه إلى تجاوزه مجددا بعد أن تجاوزه سابقا حين مدد فترة ولايته. ولحود الناظر إلى حكومة الرئيس فؤاد السنيورة غير دستورية وغير شرعية وغير ميثاقية والرافض لتسليمها الحكم إذا ما تعذر انتخاب رئيس للجمهورية، يتجاهل متعمدا الدستور اللبناني ليسدد فواتير مستحقة عليه لبعض مناصريه من اللبنانيين، مثلما هي مستحقة للجهات التي نصبته رئيسا بالضد من رغبات غالبية اللبنانيين، ومستحقة أيضا للمحور الاقليمي الداعم لمناصريه من أعضاء حزب الله. نية لحود التقسيمية لن تسحب نتائجها على الحكومة فقط لكنها إذا ما نفذت فانها ستنسحب على الجيش وهو المؤسسة الوحيدة التي حافظت على تماسكها ومناقبيتها ورفضت الانخراط في صراعات السياسيين وظل ولاؤها مرتبطا بالوطن والعلم وقسم الولاء لهما، ولعل في رفض قائد هذه المؤسسة المأمول ما يضع حدا لانفلات لحود وأعوانه ويلجم رغبته في الإتيان برئيس جديد للجمهورية يتابع نفس سياساته التي لم يجن لبنان منها خيرا، بقدر ما كانت وبالا على اقتصاده المشلول، ونخرا في بنية المجتمع اللبناني الذي ازداد انقسامه الطائفي نتيجة تلك السياسات. والمدهش أن إعلان لحود يتزامن مع إعلان بطرس حرب ترشحه للرئاسة ودعوته لإستئناف الحوار الوطني والمصالحة مع سورية، وربطه لترشحه بالاجماع بين الفئتين المتنازعتين على الحكم منذ اغتيال الشهيد رفيق الحريري، فحرب يدعو لحل مشرف لمطالب نزع سلاح حزب الله، ويعد بإقامة حوار باشرافه في القصر الرئاسي، فهل يرغب عون بإعلانه قطع الطريق على هذا المرشح الداعي لما يبدو ان عون يدعو اليه لمجرد انه لا يعادي فؤاد السنيورة وجماعته. وإذا عرفنا أن المرشح للرئاسة يحتاج إلى 86 صوتا للفوز في حين يحظى الائتلاف الحاكم تحت رئاسة السنيورة ب69 مقعدا برلمانيا فان ذلك يعني وجوب الوصول إلى تسوية معينة مع المعارضة لإختيار أي من المرشحين. ويبدو ذلك صعبا بسبب الاختلافات داخل المعسكر المسيحي المنقسم بين مؤيدي الاغلبية البرلمانية ومؤيدي العماد ميشيل عون الحليف المقرب من حزب الله، ودمشق، وهم قادرون عدديا على تعطيل جلسة انتخاب الرئيس رغم تصريحات وليد جنبلاط القائلة بإمكانية انتخابه بأغلبية النصف زائد واحد والواضح أن لحود يتناسى التاريخ القريب لبلاده ويرفض اخذ العبر مما جرى فيه فتجربة الرئيس اللبناني السابق أمين الجميل بتعيين قائد الجيش آنذاك العماد ميشيل عون رئيسا للحكومة عام 1988 أفضت إلى منفى قضى فيه عون ردحا من عمره وهو يغازل واشنطن تارة ويرتمي في أحضان باريس تارة أخرى إلى أن خيل له أن وصوله إلى كرسي الرئاسة يمر عبر البوابة الدمشقية وتحت ظلال سيوف حزب الله. وبعد فانه يبدو أن لحود الذي ترأس لبنان لتسعة سنين عجاف غير راغب في ترك موقعه إلا بعد أن يعد لبنان لستة سنوات أخرى نخشى أنها قد تكون أشد ظلما وظلاما مما سبقها، غير أن الرهان سيظل قائما على وطنية العماد سليمان والتزامه بقسم الولاء للبنان، وللبنان فقط. عن صحيفة الرأي الاردنية 1/9/2007