وزير العدل: التعديلات المقترحة بشأن تعديل المواد المدنية والتجارية الصادر جاءت فى وقتها    تبدأ الخميس 22 مايو.. جداول امتحانات الترم الثاني 2025 لجميع الصفوف في القاهرة والجيزة    قصص تُروى وكاميرات تنطق بالإبداع.. حفل تخرج دفعة 40 شعبة إذاعة وتليفزيون بإعلام الزقازيق    الوزير: إقرار تعديلات جديدة في البرنامج الوطني لتطوير صناعة السيارات    محافظ الفيوم يوجه بتوفير مساعدات مالية للحالات الأولى بالرعاية    وزير الإسكان: حريصون على خلق فرص استثمارية للمطورين والمستثمرين العقاريين    تراجع معدل البطالة في مصر إلى 6.4% خلال الربع الأخير من 2024 بدعم نمو القطاعات الحيوية    جمود مفاوضات الدوحة.. تل أبيب تدرس إعادة وفدها من قطر    وزير خارجية إيران يستقبل وفدا من حماس    إيقاف كونتي وإنزاجي وكونسيساو بعد أحداث الجولة ال 37 في الدوري الإيطالي    انفراجة في أزمة ربط حزم بيانات سكن الحجاج بالمسار الإلكتروني السعودي    مأساة في صحراء أسوان: العثور على جثث 5 شباب ضلوا الطريق أثناء التنقيب عن المعادن    بينهم أم ونجلها.. إصابة 3 أشخاص في تصادم ملاكي وتوك توك بطوخ    جنايات مستأنف تبرئ مدرب كرة قدم من هتك عرض طفلين أثناء التدريب في الإسكندرية    وقفة عيد الأضحى.. فضائلها وأعمالها المحببة وحكمة صيامها    وزير الصحة يدعو لدعم الأشقاء بدولتي فلسطين والسودان وتوفير الحماية الإنسانية والصحية للمدنيين    إيلي كوهين..الجاسوس الذي زرعته إسرائيل في سوريا.. روايات عديدة لكيفية افتضاح سره والقبض عليه .. ساحة المرجة شهدت إعدامه وجثته ظلت معلقة ساعات.. وإسرائيل حاولت استعادة رفاته طوال 60 عاما    رئيس الوزراء الهندي يشن هجوما لاذعا ضد باكستان    السعودية تتيح استعراض تصاريح الحج عبر تطبيق «توكلنا»    عاجل- الداخلية السعودية تحذر من مخالفي تعليمات الحج وتفرض غرامات تصل إلى 100 ألف ريال    بيان عاجل من راعي الأهلي بعد اتهامات بالإساءة للزمالك    محافظ الدقهلية يكرم عبداللطيف منيع بطل إفريقيا في المصارعة الرومانية    وزير التعليم العالي: 30% من حجم النشر الدولي في مصر تأخذه «ناس تانية» وتحوله لصناعة    وزيرة البيئة تشارك في فعاليات المعرض العربي للاستدامة    رئيس الطائفة الإنجيلية: الاحتفال بمرور 17 قرنًا على مجمع نيقية يعكس روح الوحدة والتقارب بين الكنائس الشرقية    وزير الشؤون النيابية: نحتاج إلى محكمة قضائية لتنفيذ أحكام التحكيم    ضبط مواطن بتهمة طعن صاحب مخبز خلال مشاجرة بينهما في الدقهلية    بامتياز مع مرتبة الشرف، محمود شافعي يحصل على الدكتوراه في توظيف المؤسسات الثقافية العربية للعلاقات العامة الرقمية في تعزيز علاقتها مع الجمهور    تنطلق يوليو المقبل.. بدء التسجيل في دورة الدراسات السينمائية الحرة بقصر السينما    إلهام شاهين عن المشروع X: فيلم أكشن عالمي بجد    رئيس الوزراء الإسباني يطالب باستبعاد إسرائيل من مسابقة الأغنية الأوروبية يوروفيجن    توسعات استيطانية بالضفة والقدس.. الاحتلال يواصل الاعتقالات وهدم المنازل وإجبار الفلسطينيين على النزوح    الصين تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في السودان    مجلس الوزراء: لا وجود لأي متحورات أو فيروسات وبائية بين الدواجن.. والتحصينات متوفرة دون عجز    قوافل طبية متكاملة لخدمة 500 مواطن بكفر الدوار في البحيرة    «الشيوخ» يستعرض تقرير لجنة الشئون الاقتصادية والاستثمار    وزير الثقافة يجتمع بلجنة اختيار الرئيس الجديد لأكاديمية الفنون    ركن نجيب محفوظ بمكتبة الإسكندرية.. ذاكرة حيّة لأديب نوبل    ضبط 5 أطنان أرز وسكر مجهول المصدر في حملات تفتيشية بالعاشر من رمضان    الزمالك يُنفق أكثر من 100 مليون جنيه مصري خلال 3 أيام    "تبادل الاحترام وتغطية الشعار".. كوكا يكشف سر مشاركته في الجولة الأخيرة من الدوري الفرنسي    وزير الرياضة يُشيد بتنظيم البطولة الأفريقية للشطرنج ويعد بحضور حفل الختام    بعد تشخيص بايدن به.. ما هو سرطان البروستاتا «العدواني» وأعراضه    إعلام عبري: نائب ترامب قرر عدم زيادة إسرائيل بسبب توسيع عملية غزة    مسابقة الأئمة.. كيفية التظلم على نتيجة الاختبارات التحريرية    إطلاق مبادرة لخدمة كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة بالإسماعيلية    صندوق النقد يبدأ المراجعة الخامسة لبرنامج مصر الاقتصادي تمهيدًا لصرف 1.3 مليار دولار    تعرف على حالة الطقس اليوم الإثنين 19-5-2025 فى الإسماعيلية.. فيديو    أسطورة مانشستر يونايتد: سأشجع الأهلي في كأس العالم للأندية 2025    "الإدارة المركزية" ومديرية العمل ينظمان احتفالية بمناسبة اليوم العالمي للسلامة والصحة المهنية    محافظ الإسماعيلية يتابع انطلاق فوج حجاج الجمعيات الأهلية للأراضى المقدسة    متحف الحضارة يحتفل باليوم العالمي للمتاحف 2025    هل هناك فرق بين سجود وصلاة الشكر .. دار الإفتاء توضح    قبل أيام من مواجهة الأهلي.. ميسي يثير الجدل حول رحيله عن إنتر ميامي بتصرف مفاجئ    على فخر: لا مانع شرعًا من أن تؤدي المرأة فريضة الحج دون محرم    أحكام الحج والعمرة (2).. علي جمعة يوضح أركان العمرة الخمسة    نجل عبد الرحمن أبو زهرة لليوم السابع: مكالمة الرئيس السيسي لوالدي ليست الأولى وشكلت فارقا كبيرا في حالته النفسية.. ويؤكد: لفتة إنسانية جعلت والدي يشعر بالامتنان.. والرئيس وصفه بالأيقونة    هل يجوز أداء المرأة الحج بمال موهوب؟.. عضوة الأزهر للفتوى توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الموروث الشعبى الفلسطينى بين الأصالة والمعاصرة
نشر في محيط يوم 09 - 02 - 2008

الموروث الشعبى الفلسطينى بين الأصالة والمعاصرة

** حاتم عبد الهادى السيد


(البكرجِ اللى انتصب رنت فناجينه)
"مثل فلسطينى"

يحكون فى بلادنا، يحكون فى شجن عن صاحبى الذى مضى وعاد فى كفن كان اسمه، لا تذكروا اسمه خلوه فى قلوبنا، لا تدعوا الكلمة تضيع فى الهواء كالرماد خلوه جرحاً زاعقا لا يعرف الضماد طريقه إليه.
"محمود درويش"

ربما كان من الأجدر بنا ونحن نتباحث فى الموروث الشعبى الفلسطينى أن نبدأ بأبيات من قصيدة "وعاد فى كفن" للشاعر الفلسطينى "محمود درويش" حتى يمكن لنا أن نوصل الماضى بالحاضر ونستشرف لآفاق المستقبل للأمة الفلسطينية المناضلة.
وإذا كان الاحتلال الإسرائيلى الآن يحاول طمس الهوية والتراث الخالد للشعب الفلسطينى وذلك بمحاولاته الخبيثة لضم "جبل داود" ضمن التراث اليهودى فى خريطة الأمم المتحدة فإننا لذلك ندرك مدى أهمية البحث فى الموروث الشعبى لدولة فلسطين المحتلة، وذلك فى محاولة منا لإظهار الهوية للفلسطينيين، ولإظهار تراث قيم تزور حالياً من أجل تثبيت دعائم الصهيونية العالمية.
وأزعم أن البحث فى الموروث الفلسطينى لابد وان يتناول قضية الأصالة والمعاصرة كنتاج حتمى تقضيه الضرورة الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية للحالة التى أصبحت عليها الدولة لفلسطينية الآن.
فقد ذكر أصحاب فهارس المدن (ومعادن البلدان) بعض الأساطير والآثار الخاصة بالمدن الفلسطينية ففى (الفهرست.. الخريطة التاريخية للممالك الإسلامية) أورد المؤلف أن "الرملة" موجود بها الجامع الأبيض، ومدفون داخله ثلاثمائة من الأنبياء والصديقين، كما أن مدينة (طبرية) يوجد بها قبر النبى شعيب وقبر ابنته زوج الكليم موسى، وقبر ينسب إلى نبى الله سليمان بن داود عليهما السلام بجامعها المعروف "جامع الأنبياء" ويقال أن فى القرب منها جب يوسف كما أن "عسقلان" يوجد بظاهرها وادى النمل.!
أما مدينة (يافا) وكما يورد "فؤاد إبراهيم عباس" [1] فيقال أن الذى أسسها هو يافث بن نوح، ولكن المرجح أن اسمها " فينيقيا ومعناه (الجميلة)" ويقال أنها أسست قبل الطوفانGarroting: The Story of Jericho, London 1940.
ولما غزا بنوا إسرائيل فلسطين سنة 1400 ق. م بقيت يافا تقاومهم ولم يأخذوها عنوة إلا بعد أن ضعف سلطان الفراعنة، وتقاسم بنوا إسرائيل البلاد، وقيل أن "عشتروت" الإلهة عبدت فى يافا وكانت على شكل امرأة نصفها الأسفل من السمك، واعتبرت أنها راعية للصيادين كما كان يجاور معبدها بركة مقدسة فى يافا تحفظ بها الأسماك.
ويرى (تولكوفسكى) صاحب كتاب تاريخ يافا: S. Toikowsky: The Gateway of Palestine. A History of Jaffa London 1942
أن البضة (موقع ينخفض فى شمال شرقى يافا تتجمع فيه الأمطار) وهو موقع تلك البركة المقدسة، كما أننا نجد أثراً من عبادة الإله داجون Dagon فى اسم قرية "بيت دجم" المجاورة لمدينة يافا.
كما يورد لنا فؤاد إبراهيم عباس فى كتابه "العادات والتقاليد فى الموروث الشعبى الفلسطينى" بعضاً مما أورده القاضى مجير الدين الحنبلى فى كتابه "الأنس الجليل بتاريخ القدس والجليل" بعضاً من الأساطير الفلسطينية وأغلبها عن بيت المقدس ومقدساتها، ومن ذلك أن سفينة نوح عليه السلام طافت بالبيت الحرام الذى بمكة المكرمة أسبوعاً كاملاً كما طافت ببيت المقدس أسبوعاً كاملاً قبل أن تستوى على الجودى فى مدينة الموصل بالعراق، كما يضيف بأن السفينة لما بلغت بيت المقدس نطقت بإذن الله وقالت: "يا نوح هذا بيت المقدس الذى يسكنه الأنبياء من أبنائك"، كما نقل صاحب "الأنس الجليل" بأنه يوجد عند باب التوبة طلسماً مكتوباً على لوح فى حائط مسجد القدس فلا تقرب الأفاعى والحيات من ذلك المكان لوجود الطلسم وإذا وجدت حية فمن المؤكد أنها غير سامة، ويقال: أن الرخ وهو الطير الأسطورى كان قد خلق من وادٍ من أودية بيت المقدس حتى سلط الله عليه طيوراً جارحة كثيرة فأبادته هو ونسله.
ومعلوم أن فلسطين تشتهر بالزراعة، ولعل أول ثورة زراعية ابتدأت فى مدينة أريحا فى الألف السادس قبل الميلاد كما يقول ج برونوفسكى [2]: تلك المدينة الفلسطينية التى تحكى قصة الاستقرار البشرى منذ العصر النيوليش Neolithictimes (8: 5) آلاف سنة قبل الميلاد) وهى مرحلة الانتقال الثقافى فى عصر الجمع والالتقاط والصيد إلى مرحلة الاستقرار وإنتاج المزروعات الغذائية وصناعة الطعام.
ومما يورده لنا "سليم عرفات المبيض" [3] فى كتابه "الحصيدة فى التراث الشعبى الفلسطينى": أن عالم الآثار الأمريكى روبرت براد وود " قد أورد بأن سكان أريحا زرعوا الحبوب ودجنوا الحيوانات، كما تغزل بها الوزير الفرعونى "سنوهى" فى قصته الشهيرة عندما قدم للبلاد فى القرن العشرين قبل الميلاد 1961 ق. م يقول: كان فيها الشعير والقمح وماشية من جميع الأنواع ولا يحصرها العد [4].
ولعل الهدف من اورادنا مثل هذه المقتطفات أن ندلل على أصالة فلسطين كأرض ملك للفلسطينين، وليست أرضاً للمعاد كما يذكر أصحاب برتوكولات حكماء صهيون، وعلى رأسهم تيودور هرتزل، ولقد انتشرت الأغانى الشعبية التى تعبر عن الطموحات السياسية وتفصح عن الأحوال الاقتصادية التى مارسها البريطانيون بالأظافر الصهيونية، ومنذ أن سافر الحاج/ أمين الحسينى رحمه الله رئيس المجلس الإسلامى الأعلى بفلسطين وقائد كفاحها ومفتى ديارها المقدسة، حيث سافر إلى برلين سنة 1941 ليقابل "هتلر" لمطالبته بمنع تدفق هجرة اليهود الألمان لفلسطين، وفى هذا المقام أنشد الشاعر أمين الخلاص قصيدته الشعبية الشهيرة، ذاكراً الرحلة ومندداً بالممارسات الصهيونية لليهود والألمان يقول [5]:
بابورى رايح وبابورى جاى = = = = وأنا اللى قاعد وحدى حزين بابورى رايح على برلين = = = = = جايب لى هدية من الحاج أمين الله يجيبه على فلسطين = = = = = وإحنا منه ممنونين يا حاج أمين شوف ها الحالة == = = = من بعد القمح أكلنا نخالة تعالى وهدى ها الحالة = = = = = وإحنا منك ممنونين يا حاج أمين شوف ها العيشة = = = من بعد القمح أكلنا جريشة تعالى وهدى ها العيشة = = = = = وإحنا منك ممنونين
وانطلقت الأمثال الشعبية رافضة جباية الضرائب على الأراضى، بل ودعى الفلاحون إلى الإضراب عن زراعة القمح ومن الأمثلة الفلسطينية التى قيلت فى ذلك: [6]
= "زوان بلدنا ولا قمح الصليبى أو "الغريب".
= "شعيرنا ولا قمح غيرنا".
فهم يفضلون مرارة "الزوان" على قمح الغرباء وذلك فى محاولة منهم لرفض الإمبريالية البريطانية المتعسفة والمؤيدة لاستلاب الصهيونى للأرض، وما صاحبها من وعد بلفور، ثم الانتداب البريطانى فكان التحدى الشعبى للفلاحين: فانطلقت الأمثلة الشعبية لتندد بالضرائب ومنها:
= "ضريبة ما يتدفع مال ويركو ما عليك".
وهذا المثل يقال لتشجيع كل فرد يرفض دفع الضرائب، و (مال الويركو) ضريبة عثمانية فرضت عام 1886م على أصحاب الأملاك فى فلسطين، فقد دأبت الحكومة البريطانية على استيراد الدقيق الأبيض وطرحه فى أسواق فلسطين لضرب الإنتاج المحلى وكان الشعب مستيقظاً فرفض مثل هذه الممارسات ورفض الزراعة فى مشرق بئر السبع بحجة وجود "المشاش" الأرض المالحة وذلك لأن جباة الأعشار الضرائب كانوا يأخذون باقى المحصول فقال شاعرهم:
الحمد لله وراية الله علينا شاش = اللى حكم بالعدل مع زارعيين لمشاش رفرف عليها الزرعى وطار وشاش = نقاه عفير ما خلا ولا حبة تطلع وريحة رواحهم من الكبد كمان تطلع = حسبم للمعدود لقوا عليهم زيادة تطلع
ومن عادات أهل فلسطين أنهم كانوا ينصرون إخوانهم فى القرى المجاورة وتسمى تلك العادة "الفزعة الجماعية" [7] حتى يشاركونهم فى النضال الجماعى ضد العصابات الصهيونية والمغيرين، كما كانوا يشتركون فى بناء المنازل ومن أهازيجهم فى هذا الاحتفال:
يا دار لا تخافيش = = = = = واحنا حماتك وسورك بالدم الأحمر لنحميك = = = = = من كل وبش يزورك
وإذا كنا قد أشرنا بداية بأنه من المفيد أن ندرس الموروث الشعبى الفلسطينى فى صورة معاصرة فإننا ولابد أن نعرج على بعض الأناشيد القومية التى تدعو إلى المطالبة بالاستقلال وبناء الدولة العربية الإسلامية والدعوة لاستقلال الأمة العربية ووحدتها ومن هذه الأناشيد الوطنية التى كان يرددها أبناء الشعب فى فلسطين وكما يوردها فؤاد إبراهيم عباس قول شاعرهم:
شبوا على الخصم اللدود = = = = = إلى متى أنتم نيام قوموا إلى الموت الزؤام = = = = = وامشوا له مشى الأسود
وقولهم:
نحن خواضو غمار الموت كشافو المحن نبذل الأرواح نفديها لإحياء الوطن هل سوى الأرواح للأوطان فى الدنيا ثمن
وقولهم:
يا ليوث الوغى = = = = = خصمنا قد طغى فلنمت كلنا = = = = = فى سبيل الوطن
وقولهم:
بلاد العرب أوطانى = = = = = من الشام لبغداد ومن نجد إلى يمن = = = = = إلى مصر فتطوان فلا أحد يفرقنا = = = = = لنا دين يوحدنا لسان الضاد يجمعنا = = = = = بقحطان وعدنان
وبدو فلسطين يحيون حياة تكاد تنسق وحياة البدو فى شبه الجزيرة العربية، وبادية سيناء، فهم يلبسون العقال والعباءة والكوفية، ويلبسون الثياب المصنوعة من صوف وبر الجمال والماعز، كما تلبس النساء الثوب البدوى المحلى المصنوع من أنواع النسيج المحلى، كما يلبسون غطاءاً للرأس ( المنديل أبو سفريته ) والشرشف شتاء.
كما يسكنون الخيام وبيوت الشعر ويسهرون بالليل للتسامر ويرقصون الدبكة ويعملون بالزراعة، ويأكلون من عرق
أيديهم ومن أشهر أكلاتهم الفتة والمجدرة والبصارة والشواطى والعجة وغيرها، ويشربون اللبن (الرايب)، ويذبحون الشياه والخراف كما يغرمون بأكل الحلوى، ويصفون المربى ويشربون العصائر.
وتشتهر المرأة الفلسطينية بالجمال، وتتحلى بالثياب الزاهية، ولقد استغل اليهود جمال اللبس الفلسطينى فسرقوا صناعته وادعوا أنه من إسرائيل.
كما يتداوون بالأعشاب البرية، وبالكى ولقد ظهر منهم أطباء شعبيون متخصصون فى جميع الأمراض الجسمية والعصبية والنفسية.
ولقد ظهر أيضاً فى فلسطين تصوف ومتصوفون وشعراء ومن أشهر المتصوفة "رابعة العدوية" التى ابتدعت الحب الإلهى فى مذهب التصوف الإسلامى، ولقاءها مع "ذى النون المصرى" ذكره السراج القارى فى كتابه "مصارع العشاق" ونقله عن الزبيرى فى كتابه "إتحاف السادة المتقين"
كما يتبرك الفلسطينيون بالأولياء والشيوخ المبروكين ويحب الرجل الفلسطينى كثرة الإنجاب، ولعل الدافع إلى ذلك سياسى فى المقام الأول وهدفه إكثار عدد الذرية لإعمار الأرض، وجلب المنفعة للوالدين، والذود عن الأوطان، لذا حاربت الصهيونية العالمية ظاهرة الإنجاب فى فلسطين، وسعت إلى الحد من الإنجاب بكافة الطرق، وما الانتفاضة الفلسطينية وسقوط الشهداء الفلسطينيين من الأطفال إلا دليلاً دامغاً على الوطنية الساعية لعودة الأرض السلبية لتحقيق الأمن والأمن، وليعلو السلام أشجار الزيتون، ومن المعلوم أن شجرة الزيتون يحترمها الفلسطينيون ويسمونها "شجرة النور" فيصفون العريس ليلة زفافه بالزيتونة المضيئة وفى هذا قال شاعرهم:
عريسنا ها الزيتونة = = = = = والزيت ينقط منه وعريسنا واحد = = = = = يارب كتر منه
ولعل كثرة المزارع والبيارات فى فلسطين قد أدت إلى دوام عمر الانتفاضة، وتنبه اليهود لذلك فسعوا إلى قلع أشجار الزيتون والبرتقال والليمون والسيطرة على المياه لإخضاع الأهالى لهم، ولقد أحدثوا بذلك كارثة سيكولوجية واجتماعية واقتصادية وسياسية ونفسية، مما حدا بالفلسطينيين لنفض الكبت عن كاهلهم والغضب العام، فكان زاد الانتفاضة زاداً ثقافياً وتراثياً تربى على كره اليهود وأفعالهم المكارثية عبر العصور الظلامية التى مرت وتمر بها فلسطين إلى الآن.
وبعد: فالدارس للموروث الشعبى الفلسطينى لابد وأن يتكىء على معين التراث القديم لفلسطين ويربطه بالصورة الحالية لحياة شعبه، فلا ينفصل الحاضر عن الماضى، ولا مستقبل بدون الاعتبار من المآسى السابقة، فلا يعقل أن ننسى الصراع الحضارى بين اليهود والعرب على مر الأجيال وما فلسطين إلا البؤرة التى قد تغلغل داخل أوصالها الخبثاء، فأصبحوا كسرطان ينهش فى الجسد، بينما كل يوم تجدد الشرايين الدماء بالشهداء، عسى أن يأتى يوم لتنتصر الإرادة ويخرج الغرباء مندحرين من كل الأراضى العربية المحتلة فى لبنان وسوريا مثلما خرجوا قبلاً من سيناء المصرية وطابا، وهم وان انتشروا الآن على منابت النيل فى أفريقيا "يهود الفلاشا" فإنما ليحققوا حلماً واهياً لامتداد حضارة زائفة لهم، ومصطنعة، تمتد حدودها من الفرات إلى النيل، لذا كان البحث فى الموروث الفلسطينى ضرورة تقتضيها اللحظة الراهنة لتدلل أن عرب فلسطين أبناء الأرض الأصلاء، هم الأحق بأرضهم وخيراتها، فلا دراسة لموروث حضارى قديم دون ربطه بمعاصرة آنية، خاصة وأن الصراع العربى الإسرائيلى قائم وقديم فلا حديث عن موروث ثقافى دون التعرض للأحداث الاجتماعية والسياسية والثقافية المتمثلة فى الموروث الشعبى حتى يمكن لنا أن نقف على لحمة الحقيقة، وكبد الأشياء، وعظمة الأجداد الذين خلفوا تراثاً وطنياً وثقافة ضاربة فى الأصالة وتستشرف لحداثة آتية.
ذلك كان هدف أساسيا فى دراسة الموروث الشعبى لعرب فلسطين العظماء.

المراجع الأجنبية :
Garroting: The Story of Jericho, London 1940.
S. Toikowsky: The Gateway of Palestine. A History of Jaffa, London 1942.
حواشي
[1] فؤاد إبراهيم عباس، العادات والتقاليد فى الموروث الشعبى الفلسطينى، مؤسسة العروبة للنشر 1989م.
[2] ح. برونوفسكى، ارتقاء الحضارة، ترجمة د. موفق شخاشيرو، عالم المعرفة 1981م.
[3] سليم عرفات المبيض، الحصيدة فى التراث الشعبى الفلسطينى، الهيئة المصرية للكتاب 1990م
[4] د. أحمد فخرى، دراسات فى تاريخ الشرق القديم، الأنجلو المصرية، 1984م.
[5] على الخليلى، أغانى العمل والعمال بفلسطين، منشورات صلاح الدين، القدس، وانظر فى هذا سليم عرفات، مرجع سابق، 158 : 159.
[6] على الخليلى، أغانى العمل والعمال بفلسطين، منشورات صلاح الدين، القدس، وانظر فى هذا سليم عرفات، مرجع سابق، 158 : 159.
[7] فؤاد إبراهيم عباس، مرجع سابق 51 : 75.
** عضو اتحاد كتاب مصر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.