حماس تسعى لتعزيز انقلابها حازم مبيضين عزز الجناح الأكثر تطرفاً في حركة حماس سيطرته على قطاع غزة، بعد أن شنت ميليشياته حملة دهم واعتقالات طالت حوالي 300 من كوادر الاخوة الأعداء من الفتحاويين، من بينهم عدد من القياديين، وإغلاقها للعديد من مؤسسات هذه الحركة في القطاع المنكوب بحكومة بات مؤكداً أنها تمثل حركة منقسمة على نفسها، وصولاً إلى الاشتباك مع العائلات التي ينتمي العديد من أفرادها إلى فتح في خطوة تصعيدية شديدة الخطورة على بنية المجتمع الغزي بعد نجاحها في فصله عن مجتمع الضفة، وبعد ان شعر المواطنون ان ميليشيات حماس تسعى لكسر إرادتهم بواسطة سلاحها الذي لم يعد طاهراً حسب تعبيرهم لأنه موجه إلى النساء والاطفال، وتعاهدوا على الدفاع عن كرامتهم متوعدين بعدم الانصياع للقرار الحمساوي بكسر إرادتهم. يتزامن تصعيد حماس مع تأكيد السلطة التزامها بمبادرة الرئيس محمود عباس بشأن الحوار معها، لكن اعتقال القياديين الفتحاويين في غزة يؤكد أنها غير معنية بالحوار، وأن هدفها الأساس يتمثل في تثبيت سلطتها المطلقة على القطاع، وأنها غير معنية بنتائج انفلات ميليشياتها على المجتمع الفلسطيني المحتاج الآن أكثر من أي وقت مضى إلى التلاحم في مواجهة المماطلة والتسويف من قبل الحكومة الاسرائيلية تجاه عملية السلام المفترض أنها ستفضي إلى إنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة. والمؤكد أن تمادي أصحاب الرؤوس الساخنة من الحمساويين، ورغبتهم المستعرة في التفرد بالسلطة يتنافى مع ما تعارف عليه الفلسطينيون من ضرورة التشارك واحترام التعددية والرأي الآخر، وبما يوحي بالرغبة في تدمير النظام السياسي الفلسطيني التعددي الذي سمح لها بالفوز في انتخابات المجلس التشريعي وصولاً إلى تشكيل الحكومة التي رفضها العالم باكمله باستثناء إيران، واستبداله بنظام غير واضح المعالم، كل ما نعرفه عنه أنه يرفع شعار أن الاسلام هو الحل، دون أن يتبرع واحد من الفقهاء الحماسيين بشرح التفاصيل العملية لهذا الشعار الذي يستهوي المؤمنين دون تفكير بالخطوات العملية على الارض لتنفيذه. والمؤسف ان التصعيد الاخير سيقطع الطريق على الجهود الفلسطينية التي يقودها عباس، والعربية التي تسعى الجامعة ومصر لاطلاقها لبدء حوار يستهدف رأب الصدع، وتأكيد وحدة الشعب الفلسطيني في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي، وهو أيضا تصعيد يستهدف الانتقال بالحالة الغزاوية الى الضفة، وبما يوجب على السلطة الفلسطينية الالتزام والوعي وعدم الانجرار وراء هذا التصعيد الذي ستكون نتائجه بالتأكيد ضرب الأمن والأمان في الضفة، والمزيد من التفتيت في الوحدة الوطنية. وإذا كان هذا التصعيد يشكل رد حركة حماس على دعوة الرئيس للحوار ومبادرته بالافراج عن المعتقلين من عناصرها في الضفة، فان العذر جاهز ويتمثل في الادعاء بأن هناك مذبحة سياسية تتعرض لها حماس في الضفة باشراف جنرال أميركي، وأن هذه المذبحة تتم في ظل صمت داخلي وخارجي، أو عدم معرفة أحد باستثناء حماس بما يجري في الضفة، وأنها لا يمكن ان تسلم باستفراد اجهزة رام الله في التنسيق الامني مع الاسرائيليين، وبما يؤكد رغبتها في أن تكون هي الطرف المنسق أو المحاور، أو على الاقل أن تكون شريكة في ذلك . وبعد، فإن التصارع على السلطة ، والرغبة بالاستفراد بها، سواء من قبل حماس، أو بعض الفاشلين من فتح الذين أفقدوا هذه الحركة الرائدة ألقها، وإمساكها بزمام القيادة، وفي هذا الظرف التاريخي الحرج الذي تواجه فيه القضية الفلسطينية أخطر المنعطفات، وصولاً إلى خطر تصفيتها لصالح المشروع الصهيوني، تستوجب وقفة مراجعة، من الشعب الفلسطيني، بعد أن تجاوز الباحثون عن متعة السلطة وامتيازاتها كل الخطوط الحمر في التطاول على الحريات العامة والتعددية السياسية، لوضع حد نهائي لكل هذه الممارسات مرةً واحدةً، وإلى الأبد. عن صحيفة الرأي الاردنية 4/8/2008