اسامه عبد الرحيم إن لم يكن سوى هذه الطريقة العبقرية ليغادر السادة الوزراء المقصرين والمتربحين والمستموتين في الكرسي مواقعهم، فنحن على أتم استعداد أن نضع في طريق كل وزير في حكومة الدكتور نظيف ألف جاموسة وجاموسة.!.
ولأن المثل يقول "ورب رمية بغير رام"، فنشهد أن جاموسة قرية جزرا شهيدة قطار العياط وفت الدين الذي يطوق رقبتها ومنكد عليها معيشتها، تجاه هذا الشعب الحمول الصبور الطيب الوديع المسالم بفطرته، فكم من برسيم مهجن أكلت وكم من ماء النيل الملوث بالصرف الصحي ارتوت وكم من هواء مشبع بثاني وثالث وعاشر أكسيد الفساد تنفست، شاركتنا الهموم والأوجاع وافترشت الإحباط والتحفت معنا سراب الأمل في الغد.
غير أن الخبثاء يتهامسون أن الجاموسة شهيدة قرية جزرا ماتت منتحرة والعياذ بالله، وذلك حينما ضرب الإحباط قرنيها وهى تطالع مسودة حصلت عليها من خطاب السيد رئيس الوزراء د.نظيف، الذي ألقاه أمام المؤتمر السادس لحزب الاحتلال الوطني الحاكم، وأكد فيه أن كل شئ تمام بحسب تعليمات عمدة المحروسة.
وأقسم برأس ثمانين مليون مصري أن الأزمات المالية والاقتصادية والشمسية والقمرية لن تستطيع أن تتعتع الحكومة من مطرحها، وأن حرائق الغابات والبراكين والزلزال وأنفلونزا الخنازير والحمير ومساحيق الغسيل، لو اجتمعت في صعيد واحد للإطاحة بحكومة الاحتلال الوطني، هيهات هيهات أنت تفعل وكان غيرها أشطر..!
ليس هذا فحسب بل إن شهود العيان من جيرانها أكدوا أنهم شاهدوا الجاموسة شهيدة قرية جزرا، في أواخر أيامها تقف على شط ترعة الصرف الصحي التى تروي الغيط بتاع أبو سويلم صاحبها، وتضع سماعة الأم بي ثرى على أذنيها وتهز عكوتها وتتمايل في طرب شديد، وتظل تدندن :" دي لا باظت ولا خربت..ولا جابت جاز لا مؤاخذة ..دي عيشة ظريفة جداً..ولا في دماغ ضربت..ولا حد بيشتكي لحظة..ماشية والأشيا معدن..عايشين في حرية..زمن القيود اختفي..أتحدي لو واحد يوم..انضرب بالقفا..والناس بتختشي..ولا حد بيرتشي..عايشين في حرية.. الله علي الحياة..بقي لونها شفتشي.. دا لاصوتنا اتنبح ولا في مالطة بندن !!.
ثم تطرح نفسها في الطين وتتقلب في نشوة شديدة ذات اليمين وذات الشمال وتواصل الدندنة:" متقملين من الفقر الضنك..تعليم علاج وحساب في البنك.. شقق مرمية..و الشغل في كل حته..و اللحمة بسبعة جنية وساعات تلاقيها بسته..و الكل منتعش و الكل منتشي..الله علي الحياة بقي لونها شفتشي!!.
وزاد الخبثاء على ذلك وافتروا أفكا على الجاموسة شهيدة قرية جزرا، وأكدوا أنها في أواخر أيامها وعند عودتها من الغيط، كانت بطنها تقرقع مثل تفاعلات المعامل، وتئن من الحشائش التى تناولتها والمخلوطة بالمبيدات الإسرائيلية المسرطنة، ودمعت عيناها عند عتبة باب الزريبة وطلبت من الولا أبو سويلم صاحبها شوية برسيم حجازي نقي من الذي تتم زراعته في أراضي توشكي المهدرة، ويروى بماء النيل النظيف ويصدر إلى السادة بهايم الخليج، وقالت له بنبرة عتاب:" ولا أنا مش زيهم ومش قد المقام..ولا هما بهايم الأمير الوليد أزيد منى في إيه يعني..عندهم عكوتين وأنا عندي عكوة واحدة...!!
كل هذه الترهات التى سبق ذكرها لم أصدقها بالطبع، وكل ما أقتنع به أن هذه الجاموسة شهيدة قرية جزرا أطلقت شرارة مقاومة ضد الفساد بين جواميس قرى ونجوع مصر، ولم تكتفي بالجعجعة الفارغة كما هو حال أكثر قيادي أحزاب وقوى المعارضة، بل اتخذت مبادرتها شكلاً عملياً وحشرت جسدها – يرحمها الله- بين قضبان قطار العياط، لأنها علمت أن وزير النقل أحد المقربين من شلة السياسات في حزب الاحتلال الحاكم، وصرخت بأعلى صوتها والقطار يطحن العظام والريش ويفرم اللحم والشغت :" ما يحكوووووووووووووووووومشي"..!!
وقد أوصت الجاموسة شهيدة قرية جزرا بأن تجمع عظامها وما تبقى من لحمها قبل أن يأكلها الجائعين، وتدفن كل قطعة منها في ضريح أمام إحدى الوزارات؛ لتكون رادعاً لكل وزير تسول له نفسه بهتك أقدار هذا الشعب، ويغترف الملايين والمليارت من قوت الغلابة له ولأولاده من بعده.
وكتبت في نهاية الوصية أن يحمل ما مقداره أتنين كيلوا من لحمة الزند أو الموزة إلى مؤتمر حزب الاحتلال الديمقراطي الحاكم، ومعهما أتنين كيلوا فحم تفاح أصلي طازج، وذلك لعمل وليمة للسادة زوار ومريدي مرقد السلطة المقدس، عليها وعلى صاحبها أحلى الكلام..!
وطلبت أن يخط الخطاط على شاهد قبرها هذه العبارة :"بنفس منطق إقالة منصور فنحن بحاجة إلى جاموسة لكل وزير كى يتم تغييره أو إقالته..والسلام".