هل اقتنعت واشنطن بنصائح العاهل السعودي سليمان نمر بدا واضحاً من تصريحات وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس في المؤتمر الصحافي المشترك مع وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل في الرياض عقب انتهاء المحادثات السعودية - الأميركية الاسبوع الماضي أن اللهجة الأميركية الحادة التي تحدث بها الرئيس جورج بوش قبل وصوله للعاصمة السعودية تجاه الموضوعين الايراني والاسرائيلي قد خفت حدتها فقبل بدء جولة الرئيس بوش للمنطقة وفي تصريحاته لممثلي ومندوبي الصحافة العربية في واشنطن اشار الرئيس الأميركي الى انه سيسعى لدى الدول الصديقة التي سيزورها للعمل على تقديم الدعم الاقليمي لعملية السلام - المفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية - من خلال العمل على الاعتراف باسرائيل واقامة علاقات معها، وهذا ما كرره خلال زيارته لاسرائيل وللاراضي الفلسطينية، ولكن في المؤتمر الصحافي السعودي الأميركي المشترك لم تعتبر وزيرة الخارجية الأميركية ان مسألة العلاقات الديبلوماسية مسألة مهمة الآن على الأقل حين قالت: ''مسألة اقامة علاقات ديبلوماسية - بين العرب واسرائيل - قضية أخرى وستأتي بعد انتهاء المسارات التفاوضية'' ودعت الدول العربية ''الى توفير مزيد من الفرص لمخاطبة الاسرائيليين لدعم مسيرة المفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية'' ، ولكن نظيرها السعودي الأمير سعود الفيصل لم يقبل هذه الدعوة وبذكائه الديبلوماسي رد رافضا الدعوة الأميركية بالقول: ''لقد قدمنا خطة سلام للمنطقة قائمة على الانصاف والعدل للجميع والأمن لاسرائيل، وهو عرض أعطيناه بنوايا وارادة طيبة ولإعطاء التطبيع وليس فقط سلام يكون نهاية لنزاع، بل سلام سيفتح الحدود والتبادلات'' - وكان بذلك يشير الى المبادرة العربية للسلام في المنطقة التي اقترحها العاهل السعودي - حين كان ولياً للعهد - وتبناها العرب وأكدوا عليها في قمة الرياض العام الماضي. وأضاف الأمير الفيصل: ''لا أدري ما هو المزيد من المخاطبات الذي يمكن ان نعطيه للاسرائيليين بعد ذلك والعرب لم يتركوا مناسبة او مؤتمراً للسلام منذ مؤتمر مدريد عام 1992 الى مؤتمر أنابوليس الأخير إلا وشاركوا فيه وعبروا عن رغبتهم بالسلام''. وفي الوقت الذي أشار فيه وزير الخارجية السعودي الى ترحيب المملكة ''بالتأكيدات الأميركية بالتزامها بعملية السلام في المنطقة والتوجه الجاد نحو الدفع بالمفاوضات الفلسطينية - الاسرائيلية وحث الاطراف على الوفاء بالتزاماتها للتوصل لاتفاقية السلام بنهاية عام 2008 (...)'' حذر من ان المفاوضات لن تكون جادة ولن تصل الى الهدف الاساسي منها وهي ''انهاء الاحتلال واعادة الاراضي الفلسطينية في الوقت الذي تتوسع فيه اسرائيل في الاستحواذ على مزيد من الأراضي وبناء المستعمرات عليها وأن هذا يلقي بالشكوك حول جدية المفاوضات''. ويبدو واضحاً من كلام وزير الخارجية السعودي ان المملكة لا زالت مصرة على موضوع عدم الاعتراف باسرائيل واقامة أي نوع من الحوار أو الاتصال مع اسرائيل قبل تحقيق السلام العادل والشامل واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، الأمر الذي جعل وزيرة الخارجية الأميركية تقول ان مسألة العلاقات ستأتي في وقت لاحق وبعد انتهاء المفاوضات. وأيضاً بالنسبة للموضوع الأساسي الثاني المهم الذي ركزت عليه محادثات الرئيس الأميركي في السعودية ودول المنطقة، وهو الموضوع الايراني الذي لواشنطن موقف متشدد منه، تضمر فيه العداء لطهران ولنظامها الحالي، يلاحظ ان وزيرة الخارجية الأميركية خففت من حدة التصريحات العدائية لرئيسها بوش تجاه ايران والتي وصلت الى حد اعتبار طهران بلداً معادياً وداعماً للارهاب، فالوزيرة رايس اعترفت بهذا العداء ولكنها قالت: ''ليس للولايات المتحدة أعداء دائمون'' ورسمت ''سبيلاً'' لطهران من اجل اقامة علاقات مع الولاياتالمتحدة وهو ''سبيل الالتزام بالقرارات الدولية - قرارات مجلس الأمن ومجلس الوكالة الدولية للطاقة النووية'' واعترفت الوزيرة رايس ''بحق ايران في الاستخدام السلمي للطاقة النووية ''. ولكن الوزيرة الأميركية حرصت على ابداء قلق بلادها تجاه ''دعم ايران للارهاب والميليشيات المسلحة في العراق'' وهذا القلق بشأن الدور الايراني في العراق تشاركها فيه المملكة ودول الخليج، ولكن هذه المشاركة بالقلق لا تريد المملكة ودول الخليج ان تصبح مشاركة في أي عمل عدائي ضد ايران، وهذا ما أكده وزير الخارجية السعودي أمام نظيرته الأميركية حين قال: ''ان ايران دولة جارة ومهمة في المنطقة ونحن لا نضمر لها أي سوء'' فهل يعني كلام وزيرة الخارجية الأميركية الأقل حدة من كلام رئيسها جورج بوش يعني ان الجانب الأميركي اقتنع بنصائح الملك عبدالله بن عبد العزيزخلال المحادثات الرسمية وغير الرسمية في الرياض والجنادرية؟. حين سألنا الأمير سعود الفيصل عن اجابة، رد قائلا''نحن عملنا ما علينا وأوضحنا لهم مواقفنا ونصحناهم بما هو مطلوب لمعالجة قضايا ومشكلات المنطقة، وبدا لنا أنهم مقتنعون'' ولكن الاغلب ان الرئيس بوش بعد عودته الى عرينه في البيت الابيض سيستمع الى كلام نائبه ديك تشيني وينسى نصائح اصدقائه في الرياض وغير الرياض، حول كيف من الممكن يكون الدور الاميركي مقبولا في المنطقة. عن صحيفة الرأي الاردنية 21/1/2008