أين «هيئة علماء المسلمين» من مذابح المسلمين؟ عادل حسن دشتي لم يكن مستغرباً موقف «هيئة علماء المسلمين» في العراق الرافض في بيانها رقم 439 للأحكام التي صدرت من قبل المحكمة الجنائية العليا في العراق تجاه المسؤولين عن جريمة عملية الأنفال، التي راح ضحيتها 182 ألف شهيد وتدمير ثلاثة آلاف قرية، فضلاً عن تهجير الآلاف من العراقيين الأكراد في أبشع عملية تهجير وإبادة بشرية جماعية عرفها التاريخ، فلم نسمع يوماً أن نظاماً قام برش شعبه بالأسلحة الكيماوية، وبتلك الطريقة البشعة التي وثقتها ونقلتها كاميرات التلفزيون ليطلع العالم بأسره على عظم هذه الجريمة وإجرام مرتكبيها، فكم من امرأة احتضنت طفلها وهما يتجرعان كأس الموت معاً، وكم من شيخ ورجل وصبي وفتاة امتلات بهم طرقات مدينة حلبجة العراقية، في مشهد تقشعر له كل نفس سوية، إلا نفوس هيئة علماء المسلمين في العراق التي أبت إلا أن تعترض على حكم المحكمة التي وإن تأخرت لما يقرب من عقدين من الزمان إلا أن القصاص العادل كان بالمرصاد للمجرم علي الكيماوي ورفاقه المجرمين مصداقاً للقول المأثور: «بشر القاتل بالقتل ولو بعد حين». لم يكن مستغرباً ذلك، فالهيئة المذكورة ترفض هذه الأحكام، بحجة أن المحكمة غير شرعية، والنظام غير شرعي، والحكومة غير شرعية، وكل شيء في العراق غير شرعي مادام هناك احتلال، متجاهلة أصوات ملايين العراقيين الذين تحدوا الإرهاب والتفجير والمفخخات والإرهابيين والتكفيريين ومخربي قاعدة الخراب في بلاد الرافدين وزحفوا ليدلوا بأصوتهم في الانتخابات البرلمانية مؤيدين للعراق الجديد ولبرلمانه المنتخب ولدستوره. وكم كنا نتمنى لو ذرفت «هيئة علماء المسلمين» دمعة واحدة فقط على آلاف ضحايا المقابر الجماعية الذين تنتظر أرواحهم القصاص العادل من مجرمي النظام البائد لا أن تتذرع بحجج أوهن من بيت العنكبوت لرفض الأحكام الصادرة تجاه عصابة إجرامية دموية عاثت في الأرض فساداً لم يسجله التاريخ، ونالت من العقاب أقل مما تستحقه. ومازلنا نستذكر تلك الأيام السوداء عندما عيّن المجرم علي الكيماوي حاكماً على الكويت إبان الغزو الصدامي الغادر. وليس بمستبعد كذلك أن ترفض «هيئة علماء المسلمين» أي حكم قد يصدر تجاه من تبقى من مجرمي النظام البائد عن جرائمهم ضد الكويت وشعبها تجاه ما اقترفت أيديهم وتجاه الجرائم التي ارتكبوها من تشريد وقتل وتعذيب وقتل للأسرى الكويتيين، فإذا كانت الهيئة لم تكثرث لدماء شعبها وأبناء وطنها، فهل سينكسر قلبها على أبناء شعب بلد آخر. من هنا، فإننا نستغرب دعوة «هيئة علماء المسلمين» للأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى إيقاف محاكمة مجرمي النظام البائد ونقل المجرمين إلى محكمة خارج العراق أو تأجيل محاكمتهم إلى ما بعد خروج الاحتلال، فبأي عقل أو منطق يطلب من الضحية أن تنتظر محاكمة جلادها بعد أن وقع تحت يد القضاء؟ وبأي منطق تطلب الهيئة من الثكالى وزوجات الشهداء وأيتام الضحايا الانتظار إلى أن تفتي «هيئة علماء المسلمين» بجواز القصاص من أولئك المجرمين، أم أن تلك حيلة جديدة لكسب الوقت من أيتام النظام السابق ولكن برداء إسلامي هذه المرة؟ وأين عقلاء «هيئة علماء المسلمين» من قوله تعالى في محكم كتابه «ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون»؟ لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. عن صحيفة الرأي العام الكويتية 7/7/2007