مؤتمر قمة شرم الشيخ.. التوقيت والدلالات! د. سحر المجالي على العكس مما اعتقد و توقع بعض المحليين ومراسلي وكالات الإنباء والفضائيات، بان الهدف من وراء قمة شرم الشيخ الرباعية يوم الاثنين الخامس والعشرون من حزيران 2007، والذي حضره كل من جلالة الملك عبدا لله الثاني بن الحسين والرئيس المصري محمد حسني مبارك والرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي أيهود اولمرت ، جاء فقط لدعم حكومة السلطة الوطنية الفلسطينية بزعامة محمود عباس، وإرسال رسالة لقادة حركة المقاومة الإسلامية- حماس، مفادها بأن الأمة العربية عانت في تاريخها القريب والبعيد الكثير من مآسي الانقلابات والقفز على استحقاقات الشرعية وسلمية انتقال السلطة وايجابية العلاقات البينية بين الإطراف المختلفة للطيف السياسي. وحتى نكون منصفين، وبالرغم من أن المؤتمرين قد أشاروا إلى هذه النقطة، إلا أن هذا اللقاء كان من المفترض أن يعقد قبل هذا التاريخ، واعتقد بأنه كان على أجندة الحراك السياسي الأردني-المصري قبل شهور عديدة، ومنذ أن فوض مؤتمر قمة الرياض الذي عقد في نهاية كانون أول-يناير 2007، كلاً من جلالة الملك عبدا لله الثاني بن الحسين وسيادة الرئيس محمد حسني مبارك، بإجراء كافة الاتصالات، الفردية والثنائية، من اجل تفعيل مبادرة السلام العربية، والتي لن تجد الإطراف كافة، بما فيها إسرائيل، اصدق وأجرأ وأكثر عملية من هكذا مبادرة، حيث تبدو فيها جميع الأطراف رابحة. وبالتالي أفق هذا اللقاء ابعد وأرحب من خلافات حماس وفتح المحزنة والمرفوضة ، عربياً وإسلاميا ومن الكثير من أصدقاء الأمة العربية. حيث جاء هذا اللقاء استكمالا للجهود الأردنية-المصرية من اجل إيجاد مخرج للقضية الفلسطينية، والتي أصبحت أم القضايا، بل تعتبرالمفرخ لباقي بؤر التوتر الإقليمية، خاصة في كل من لبنان والعراق، وليس من السهل الوصول إلى حالة من الأمن والاستقرار الإقليمي ووضع حد للتطرف العرقي والديني والمذهبي والعنف والعنف المضاد ، دون حل جذري لهذه القضية التي أصبحت تعرف بقضية القرن العشرين، ونتمنى أن لا تستمر وتفرض وجودها على أجندة الأحداث الإقليمية و الدولية للقرن الحادي والعشرين. لقد جاء هذا المؤتمر في لحظة وجد فيها كافة الأطراف، خاصة الفلسطينيين والإسرائيليين، بان الوقت قد يكون مناسباً لعمل شيء ما في سبيل تحريك عملية السلام والخروج من مأزق حالة التمترس خلف قضبان حالة اللاحرب واللاسلم، والتي قطعا لن تقود إلا إلى مزيد من إراقة الدماء . فإسرائيل على يقين بأنها لن تستطيع فرض إرادتها الأبدية بالقوة، ولا يمكن لها أن تصل إلى الأمن والاستقرار المنشود ومشروعية القبول في المحيط العربي، إلا بفتوى من الطرف الآخر وهم العرب بشكل عام والفلسطينيون على وجه الخصوص. هذه الحالة تفرض على إسرائيل، أو لنقل على الجانب العقلاني في التكوينة الإسرائيلية، إن كان هناك جانب عقلاني في السلوك الإسرائيلي، التعامل بشيء من الجدية مع المبادرة العربية، بدءاً بوقف الاغتيالات والاجتياح المتكرر للأراضي الفلسطينية، ووضع حد للقتل والتعذيب اليومي الذي تمارسه إسرائيل، ناهيك عن الحصار المفروض على الشعب الفلسطيني، بالإضافة للإفراج عن الأسرى الفلسطينيين...الخ. وهذا ما أكد عليه لقاء شرم الشيخ، ووجد شيئا من التجاوب من قبل الطرف الإسرائيلي، إن صدقت نوايا الأخير، لان التجارب السابقة معه لا تشجع كثيرا على الصدق والمصداقية في التعامل. أما الطرف الأكثر تأثيرا على مجريات عملية الصراع العربي- الإسرائيلي، وهو الولاياتالمتحدةالأمريكية، فيبدو أنها، وبعد مستنقعي العراق وأفغانستان القاتلين لسياساتها الخارجية، وما وصل إليه الحال في لبنان وبداية التعامل بلغة السلاح مع قوات اليونفيل ومقتل العديد من هذه القوات. خاصة الاسبانية منها، ووقوفها ،أي الولاياتالمتحدةالأمريكية عاجزة عن التعامل مع موضوع الملف النووي الإيراني وظهورها بلا إرادة عن فعل أي شيء تجاه إيران وتحديها للمجتمع الدولي، بالإضافة إلى ما وصل إليه الحال في غزة ، ووصول الرأي العام العربي والإسلامي إلى أعلى درجات التصدي والرفض لمشاريعها وسياساتها التي لا تخلو من العدوانية تجاه العالمين العربي والإسلامي، ربما تجد نفسها مضطرة للتعامل بشيء من الجدية في موضوع الصراع العربي- الإسرائيلي والضغط على الأخيرة لتطبيق مبادئ الشرعية الدولية، والاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. وفي نفس الوقت، فان الطرف العربي اعجز من أن يفعل شيئاً أكثر مما يقوم به اليوم، خاصة في لحظة تعطل إرادته و تشرذمها، وتغليب المصلحة القطرية الضيقة على مصالح الأمة الحيوية، وخروج العراق من ساحة الأمن القومي العربي، ليتحول من فاعل إلى عبء عليه، خاصة بعد أن أصبح ساحة خلفية للمصالح والمطامع الصفوية، وباتفاق مع الغزاة. اعتقد بان هذه القمة قد تؤسس إلى مرحلة جديدة وجدية وضمن إطار العملية السلمية، فهل ستتحقق هذه النبوءة؟؟؟، هذا ما ننتظره من صانع القرار السياسي الإسرائيلي!!!. عن صحيفة الرأي الاردنية 30/6/2007