فاز المفكر العربي الكبير محمد عابد الجابري بجائزة ابن رشد للفكر الحر لعام 2008 وقالت المؤسسة أن سبب منح الجابري هذه الجائزة لأنه تقصّى في دراساته أسباب تعثّر النهضة العربية. يعتبر المفكر المغربي الكبير محمد عابد الجابري أحد رواد الفكر العربي المعاصرين الذي أثرى المكتبة العربية بالعديد من المؤلفات والدراسات التي تهدف إلى إعادة قراءة التراث العربي كخطوة تمهيدية ضرورية للمُضي قدماً في المشروع النهضوي الذي عالجه الجابري على مدى نصف قرن من الزمان. ويرى الجابري بضرورة احتواء الماضي بعد تصحيح معرفتنا به، وبضرورة هضم الثقافة العالمية واستيعاب مضامينها استيعاباً واعيا. وكان الجابري قد عمل في المجال التربوي كمعلم ومفتش ومدير مدرسة وأصدر كتباً في هذا المجال وشارك في تحرير عديد من الصحف والمجلات الثقافية وأدى انخراطه في العمل السياسي المعارض إلى اعتقاله. بعدها عين الجابري أستاذاً للفلسفة والفكر الإسلامي بكلية الآداب في جامعة محمد الخامس بالرباط. وستُمنح جائزة ابن رشد للفكر الحر للمرة العاشرة على التوالي وذلك يوم الأربعاء الموافق 12 ديسمبر 2008 وهو ذكرى وفاة فيلسوف العرب الأكبر ابن رشد وذكرى الإعلان عن حقوق الإنسان الصادر عن الأممالمتحدة. وكان محمد عابد الجابري قد أكد في احدى كتاباته كما نقلت عنه صحيفة "القدس" اللندنية "إن بلدا متخلفا لا يمكن أن يشق طريقه نحو التنمية الحق إلا مع نشر الثقافة والتعليم على أوسع نطاق وفي كل مجال: لنترك مئة وردة تتفتح وحينئذ سنقطف من الثمار ما لا يقدر ثمنه". أما الإشكاليات التي شغلت ذهن الجابري طيلة هذا الوقت فهي: هل بإمكان بناء نهضة بدون عقل متفتّح؟ ولماذا لم تتطور أدوات المعرفة في الثقافة العربية الإسلامية خلال نهضتها في القرون الوسطى لتمتد حتى يومنا الحاضر؟ وكان المدخل الذي اختاره الأستاذ الجابري في أبحاثه هو المنهجية النقدية القائمة على العقل والتحليل المعرفي "الأبستيمولوجي" . وقد بدأ المشروع الفكري النهضوي للجابري عام 1980 وأدى صدور كتبه المتعاقبة في هذا المجال إلى إثراء مجال الدراسات النهضوية. وقد انتشرت أفكار الجابري في أنحاء الوطن العربي في ذات الوقت الذي لاقت أفكاره فيه انتقادات ودارت حولها المناقشات في العديد من الندوات والمحافل الفكرية . وشهد عقد الثمانينات من القرن المنصرم أهم الأعمال الفكرية للجابري والتي بدأت ب "(نحن والتراث، 1980"، "العقل العربي 1984"، "بنية العقل العربي 1986"، "العقل السياسي العربي 1990"، "العقل الأخلاقي العربي 2001". كما صدرت له في عقد التسعينيات كتابات هامة تناول فيها بدقة إشكاليات الفكر العربي المعاصر. ويعتبر الجابري أن الفلسفة العربية الحقة هي التي تفصل ما بين خصوصية الفلسفة وخصوصية الدين كما تتمثل في فلسفة ابن باجة وابن طفيل، وفي فلسفة ابن رشد بصفة خاصة. هذا وقد صدر مؤخراً للجابري كتاب جديد بعنوان "مدخل إلى القرآن الكريم: التعريف بالقرآن" 2006، أتبعه بكتاب من ثلاثة أجزاء "افهم القرآن الحكيم: التفسير الواضح حسب ترتيب النزول" وقد صدر منه الجزء الأول 2007، والثاني 2008 . وقد اعتذر المفكر محمد عابد الجابري عن الحضور إلى برلين لتسلم الجائزة لأسباب صحية وسترسل له لاحقاً. كما ستنشر له المؤسسة مقالاً باللغتين العربية والألمانية سيرسله لاحقاً عوضاً عن الاحتفال الذي كان مرتبطاً بحضوره بالإضافة إلى مقالة تكريمية من السيد ميخائيل جيبل. ومن الجوائز التي حصل عليها: جائزة بغداد للثقافة العربية التي تمنحها اليونسكو 1988، الجائزة المغاربية للثقافة. تونس 1999، جائزة الدراسات الفكرية في العالم العربي تحت رعاية اليونسكو - 2005، جائزة الرواد مؤسسة الفكر العربي بيروت 2005، وميدالية ابن سينا من اليونسكو في حفل تكريم شاركت فيه الحكومة المغربية بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة الرباط/الصخيرات 2006.