ما يخشاه العلماء من رحلات الإنسان إلي القمر هو ما قد ينجم عن هذه الرحلات من تدميرللطبيعة علي سطح القمر، كما حدث علي الأرض التي تم الاعتداء علي الطبيعة فيها، مما دعا حماة البيئة إلي الاحتجاج ورفض اعتداء الإنسان علي الأرض. ومن مظاهر اعتداء الإنسان علي الأرض قيامه بتدمير البيئة البحرية عن طريق دفن مساحات شاسعة من الشواطيء، لإرضاء نهم المهووسين بتجارة العقارات، وكذلك تجريف الغابات واحالتها إلي صحراء قاحلة، وإبادة أنواع كثيرة من الحيوانات البرية لإشباع هوايات الصيد لدي المترفين، وتلويث مياه الأنهار والبحار بمخلفات المصانع والمواد السامة، والعمل علي زيادة التلوث البيئي والاحتباس الحراري، والهدر المتواصل لمصادر الطاقة، وسباق التسلح، وخلق بؤر التوتر المؤدية إلي الحروب والدمار وجرائم الارهاب، في أكثر من بقعة من هذا العالم، وغير ذلك من الأخطاء التي ارتكبها الإنسان في حق كوكب الأرض. وقد احتفت آداب وفنون العالم بالتغني بالقمر وإيحائه الرومانسي، وامتد ذلك إلي عامة الناس الذين يصورون وجه الحبيبة كالقمر، وفي هذا يقول المصريون: وشك والا الأمر؟ ومعناها أهذا وجهك أم هو القمر؟ وفي التراث العربي- شعره ونثره- الكثير من أدبيات القمر، واختلفت نظرات الشعراء له باختلاف ظروفهم، وتنازعتها المواقف التأملية أو الفلسفية أو الوجدانية أو الخيالية، وسيطرت عليها المشاعر تجاه الحبيب في بعده واستحالته وجماله وضيائه في ليالي تمامه، وكذلك تجاه قيم الأصالة والمجد عند بلوغ كمالها، ومن ذلك ما ذكره ابن مقرب العيوني عندما يري المجد في ذروته فيقول: أعيد مجدك من عين الجمال فقد أراه في التم يحكي هالة القمر ونظرة ابن حمديس إلي القمر لا تخفي فلسفته حول قمره عندما يحيي الهوي ويميته، كما هو حال القمر بطلوعه وغروبه: وبنفسي القمر الذي أحيا الهوي وأماته بطلوعه وغروبه أما أبو تمام فهو لا يري وجه الحبيب بمكنون جوهره سوي نسخة من القمر وهو تشبيه لم يعد مقبولاً في هذا العصر، ولو عاش في هذا الزمن لأعاد النظر في قوله: ما إن أري وجهك المكنون جوهره يا ملح الناس إلا نسخة القمر وكعادة الرومانسيين في نظرتهم إلي الطبيعة، وربط مواطن الجمال بها، يقول علي محمود طه: إذا داعب الماء ظل الشجر وغازلت السحب ضوء القمر ولأن القمر لا يخفي علي أحد فقد قيل لكل متسائل عن شيء معلوم وهل يخفي القمر ! وهذا ما تمثل به عمر ابن أبي ربيعة علي لسان إحداهن: قالت الصغري وقد تيمتها قد عرفناه وهل يخفي القمر ومن الشعراء من استهان بالقمر وخاطب الليل غير مكترث بقمره، ومنهم ابن زيدون الذي قال: لو بات عندي قمري ما بت أرعي قمرك ومثله قال ابن زهير الحفيد والششتري وابن الوردي، ومن المتأخرين عمر اليافي، وجميعهم ذكروا هذا نصاً أو قريباً منه. أما ابن زريق البغدادي فيقول في رائعته المعروفة لا تعذليه : استودع الله في بغداد لي قمراً بالكرخ من فلك الأزرار مطلعه وجمع ابن رزيق العماني بعضاً من أسماء القمر في أبياته التالية: سرح الألفاظ في روض الفكر بين من لقبته بدر البشر وهلال الأفق أما شمسه أي بدر راق حسناً للنظر إنني قلت لك الله وما كذب القلب وما زاغ البصر أيها البدر تواري إن لي إن تواريت عن الطرف قمر ** منشور بجريدة "الراية" القطرية بتاريخ 2 أكتوبر 2007م