يبدو أن الحروب التجارية الصينية الأمريكية لن تكون الوحيد حيث تظهر فى الأفق شرارة سلسلة جديدة من الحروب التجارية بينها الصين وبين الاتحاد الاوروبي بعدما أثارت رسوم فرضها الاتحاد الأوروبي على واردات الورق الصينى الفاخر المصقول علامات استفهام حول مستقبل العلاقات التجارية بين الطرفين. وحذر خبير اقتصادي صينى من أن الاتحاد الاوروبي يشرع في اثارة خطر إشعال حرب تجارية مع الصينيين حول مسألة الاعانات الحكومية، مضيفا ان خطر الانتقام ملموس بالنسبة للاتحاد الأوروبي حيث تستخدم إعانات في أشكال شتى بشكل مركز وما زال يمثل شكوى مهمة لبعض قطاعات الاقتصاد، مؤكدا أن الصين لن تجد صعوبة في العثور على امثلة يمكنها عبرها فرض رسوم مكافحة اعانات على اوروبا. واعتبر محللون القرار الذى اتخذه الاتحاد الاوربى أمس السبت بفرض رسوم مكافحة اعانة حكومية لاول مرة على الواردات من الصين "سابقة سيئة" و"معيبة قانونا"، حيث فرضت الرسوم التى تترواح ما بين 4% و 12% على الورق الصينى الفاخر المصقول الذى يستخدم فى الطباعة عالية الجودة مثل ورق النشرات والمجلات. وإضافة إلى رسوم مكافحة الدعم, وجه الاتحاد الاوربى صفعة اخرى لمنتجى الورق الفاخر الصينيين بفرضه رسوم مكافحة اغراق تترواح ما بين 8 و 35.1% , وهى المرة الأولى التى تقوم فيها الكتلة التجارية الاكبر فى العالم باتخاذ اجراء تجاري وقائي مزدوج ضد الصين . وقالت المفووضية الاوربية ان الرسوم المزدوجة ستستمر على مدار السنوات الخمس المقبلة ويمكن تمديدها ايضا اذا تسبب انقضائها فى تكرار الحاق الضرر بصناعة الورق الاوربية . وفي هذ الصدد، قال جون كلانسى المتحدث باسم الهيئة التنفيذية للاتحاد الأوروبى ان "هذه اول مرة نقوم قيها بفرض اجراءات ضد صناعة محددة مدعومة من قبل الحكومة الصينية ". وكان الاتحاد الاوربى قد اطلق تحقيق مكافحة اغراق واردات الورق الصينى المصقول فى فبراير 2010 وتبعه تحقيق مكافحة الدعم بعد شهرين، وبعد انتهاء التحقيق الذى استغرق 15 شهرا , قال الاتحاد الاوربى ان الحكومة الصينية تدعم صناعة الورق الفاخر المصقول بقوة من خلال تقديم قروض رخيصة وتخصيص اراضى بسعر اقل من قيمتها السوقية ومنح حوافز ضريبية مختلفة, الامر الذى اثر سلبا وبشكل كبير على الاداء المالى والتشغيلى للمنافسين الاوربيين . وتعليقا على القرار الأوروبي، وصف هوسوك لى -ماكياما , المدير المشارك للمركز الأوربى للاقتصاد السياسى الدولى فى بروكسل, الادلة التى استخدمت فى هذه القضية بال"ضعيفة", حيث ان المنتجين الصينيين يستحوذون على اقل من 4% من السوق الأوربى , وبالتالى "من الصعب أن تلحق الضرر بالمنتجين الأوربيين" , على حد قوله. وقال فى ورقة بحثية جديدة ركزت على هذه القضية " فى الواقع ان القطاع المصرفى فى الصين ليس متقدما ويتمتع بحماية عالية لكن القليل يجادل ان هذه الشركات المملوكة للدولة تنافس بعضها وفقا لشروط السوق , وغالبا ما يصعب عليها التنافس مع بعضها من اجل شرائح مربحة فى السوق ". وحذر لى -ماكياما من خطورة التوسع فى تعريف المؤسسات العامة للبنوك التجارية , مؤكدا ان ذلك سيكون له عواقب وخيمة، مضيفا "كل شركة تقريبا في الصين حصلت على قرض من بنك تجاري محلي قد تصبح عرضة للاتهام بالحصول على دعم حكومي نظير ما يعد في الواقع معدلات اقراض متوافقة مع السوق عبر ممارسات ابتكارية تقوم بها سلطات الدفاع عن التجارة". وصرح ستورت نيومان، المستشار القانوني لرابطة التجارة الخارجية التي تمثل المستوردين الأوروبيين، صرح بان هذا الأمر يعد على وجه الخصوص مشكلة اذ يفرض الاتحاد الأوروبي رسوما لمكافحة الاغراق واخرى لمكافحة الدعم الحكومي على منتجات الورق الصينية. وفيما يتعلق بالشق الخاص بمكافحة الاغراق، اختار الاتحاد الاوروبي الولاياتالمتحدة كبلد مناظر لتحديد سعر السوق الطبيعي وحساب هامش الاغراق اذ يرفض حتى الان الاعتراف بالصين كاقتصاد سوق ويرى ان السعر في السوق الصينية تم خفضه بشكل مصطنع مقارنة مع السعر الطبيعي بسبب الاعانات الحكومية والدعم العام للشركات وهي امور اعتبرت شائعة في اقتصاد لا يعتمد على السوق. بعبارة اخرى، قد يضطر المنتجون الصينيون الذين فرضت عليهم عقوبات عبر رسوم مكافحة الى دفع الرسوم مرتين، وباستهدافه صناعة الورق يقوم الاتحاد الاوروبي بجس نبض. وربما توضح القضية، التي تعد سابقة، تغيرا حادا في سياسة الدفاع عن التجارة الخاصة بالاتحاد. وفي هذا الاطار قال نيومان "انها قضية غريبة جدا لان نصيب المنتجات الصينية في السوق الاوروبية صغير للغاية ... بالفعل اعرف انهم يدرسون رفع مزيد من قضايا مكافحة الاعانات الحكومية". وكان مسئول تجاري بالمفوضية الاوروبية رفض الافصاح عن هويته قد اعرض عن توضيح ما اذا كانت هناك قضايا مكافحة اعانات حكومية اخرى ضد المنتجات الصينية تنتظر البحث، واصر على ان الاجراءات المزدوجة التي يتخذها الاتحاد الاوروبي تتوافق مع قواعد منظمة التجارة العالمية. وحذر لي - ماكيياما من ان الاتحاد الاوروبي يشرع في اثارة خطر اشعال حرب تجارية مع الصينيين حول مسألة الاعانات الحكومية، مضيفا ان اجراءات مكافحة الاعانات ضد المنتجات الصينية يمكنها فقط كسب بعض الوقت لدفع الصناعات الاوروبية العجوز قدما، ولكن الانتقام المحتمل قد يضر بالصادرات الاوروبية التي تواجه منافسة قوية حاليا في السوق الصينية. وتابع قائلا "بسبب خطر الانتقام قد يعني الامر شراء وقت بالنسبة للصناعات العجوزة ... تقوم شركات غير قادرة على التنافس برفع دعاوى لان ليس لديها ما تخسره اذا وقع انتقام. من غير المرجح ان يقوم مصدرون قادرون على المنافسة برفع شكاوى اذ قد يخسرون قدرتهم على الدخول الى الاسواق في الدول المستهدفة".