لاشك أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد ورث مع توليه مقاليد الحكم في 20 يناير الماضي أسوأ أزمة اقتصادية تشهدها الولاياتالمتحدة والعالم منذ الكساد العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي ،إلا أن شعبيته قد تراجعت إلى حد كبير في الأسابيع الأخيرة.
وبعد مرور 200 يوم على بدء تولي أوباما الحكم كشف استطلاع للرأي قامت به جامعة "كوينبياك" ونشرت نتائجه الخميس أن 50% من الأمريكيين يوافقون على أداء الرئيس مقابل 42% لا يوافقون ، وذلك في الوقت الذي لايزال اقتصاد الولاياتالمتحدة يشهد انكماشاً ولكن معدل التراجع أصبح أقل حدة.
الركود الاقتصادي
وذكر تقرير لشبكة ال "سي .إن .إن" أن هناك علامات تدل على أن الركود الاقتصادي بدأ بالتناقص، حيث انخفض إجمالي الناتج المحلي الأمريكي بنسبة سنوية قدرها 1% في الربع الثاني بعد تراجع بنسبة 6،4% خلال الربع الأول من العام الحالي، وكان ذلك أسوأ انخفاض في إجمالي الناتج المحلي منذ ثمانينات القرن العشرين.
البطالة
تشير البيانات أنه ومنذ بدء حكم أوباما ، خسر الاقتصاد الأمريكي 3،38 ملايين وظيفة، وسجل معدل البطالة الذي كان 7،6% عند تنصيب أوباما ارتفاعاً وصل معه إلى 9،5% في يونيو الماضي.
وكانت الإدارة الأمريكية قد ذكرت في مايو الماضي أنها تتوقع أن يوفر برنامج الإنقاذ الاقتصادي الذي تنفذه بكلفة 878 مليار دولار 750،000 وظيفة بنهاية المائة يوم الثانية لأوباما في المنصب و3،5 مليون وظيفة بنهاية عام 2010 .
ارتفاع معدلات البطالة ومن جانبه يشير إد فريدمان من “موديز ايكونومي دوت كوم" إلى أن التوظيف سيبقى ضعيفاً خلال الأرباع القليلة المقبلة وان نسبة البطالة ستصل إلى ذروة تفوق 10% بنهاية العام الحالي.
وكانت أعداد الطلبات الجديدة للحصول على إعانات قد سجلت ارتفاعا للمرة الأول من جانب العمال المسرحين من وظائفهم الأسبوع المنتهى بنهاية يوليو الماضي ، حيث كشف تقرير وزارة العمل الأمريكية أن عدد الطلبات الجديدة للحصول على إعانات بطالة زادت بمقدار 25 ألف طلب في ذلك الأسبوع ، وعلى الرغم من ذلك فإن أعداد الأشخاص الذين مازالوا على قوائم الاستفادة من إعانات البطالة انخفض إلى 6.2 مليون شخص من 6.25 مليون شخص مسجلا أدنى مستوى له منذ منتصف شهر أبريل الماضي.
سوق الأسهم
وفيما يخص سوق الأسهم، فقد حققت هذه السوق مكاسب منذ وصول أوباما إلى البيت الأبيض وارتفع مؤشر داو جونز في المتوسط بما يقرب من 17% منذ تنصيب أوباما.
سوق الإسكان
كما يظهر سوق الإسكان بعض علامات الانتعاش حيث بدأ المشترون بالاستفادة من انخفاض أسعار المنازل ومعدلات الرهن المغرية والحوافز الحكومية، ولكن أزمة حبس الرهون لاتزال مستمرة.
وقد ارتفع معدل مبيعات المنازل القائمة في يونيو إلى معدل سنوي بلغ 4،89 ملايين وحدة بزيادة تقارب 9% من معدل 4،49 ملايين وحدة عندما تولى أوباما منصب الرئاسة، وارتفعت مبيعات المنازل الجديدة بنسبة 11% في يونيو، حيث وصل معدل ارتفاعها إلى 16،7% منذ يناير الماضي.
كشف حساب لسياسات أوباما الاقتصادية ثروات الأمريكان
ويشير تقرير "سي .إن .إن" إلى أن المواطنين الأمريكيين شهدوا تلاشي ثروة قدرها 1،3 تريليونات دولار خلال الربع الأول من العام الحالي، وقد كان ذلك سابع سنة على التوالي يشهد تراجع حقوق المساهمين بيد أن ذلك التراجع كان أفضل من الانخفاض الذي بلغ 4،9 تريليونات دولار خلال الربع الرابع من عام 2008 وهو أسوأ انخفاض يشهده ربع سنة في التاريخ الأمريكي.
عجز الموازنة
ومنذ وصول أوباما إلى البيت الأبيض واصل عجز الموازنة الفيدرالية الصعود، حيث يدفع جدول أعمال الرئيس أوباما "الطموح" بالدين القومي إلى مستويات أعلى على المدى القصير.
وقد ارتفع العجز بحوالي 776،51 مليار دولار خلال الفترة من يناير الماضي إلى يونيو الماضي ، علماً بأن العجز بلغ تريليون دولار منذ بداية السنة المالية للحكومة الأمريكية في أكتوبر الماضي .
وتتوقع إدارة أوباما وصول عجز عام 2009 المالي إلى 1،75 تريليون دولار، ويمثل ذلك العجز 12،3% من إجمالي الناتج المحلي الأمريكي، وهو الأعلى منذ الحرب العالمية الثانية.
خطة الإنعاش
أكد أوباما الذي دفع الكونجرس إلى إقرار خطة ضخمة للإنعاش تبلغ قيمتها 787 مليار دولار بعد أقل من شهر من وصوله إلى البيت الأبيض "لم ننقذ اقتصادنا من الكارثة فحسب بل وضعنا الأسس الجديدة للنمو".
أسوأ موجة ركود تشهدها البلاد ومن جانبها أكدت المستشارة الاقتصادية للبيت الأبيض كريستينا رومر أن هذه الخطة أضافت نقطتين أو ثلاث نقاط إضافية إلى نمو النشاط الاقتصادي في الربع الثاني من العام الجاري ، إلا أن روبرت جيبس الناطق باسم الرئيس الأمريكي حذر من أن نسبة البطالة يمكن أن تتجاوز 10% قبل نهاية العام. و في الاجتماع الذي عقده في دار البلدية في رالي نورث كارولاينا أوضح أوباما أن ثلث ميزانية الخطة التي وضعها للخروج من عنق الزجاجة وإنقاذ الوضع الاقتصادي الراهن في الولاياتالمتحدة تم رصده لتخفيف الضرائب على العائلات والشركات الصغيرة فيما ذهب الثلث الثاني للإغاثة في حالات الطوارئ للعاطلين عن العمل وتوسيع نطاق استحقاقات البطالة وإعانات للتأمين الصحي وتوفير فرص العمل لعشرات الآلاف من المدرسين ورجال الشرطة على أن يكون الثلث الأخير من أجل استثمارات طويلة وقصيرة الأجل تتمثل في توفير فرص عمل للمواطنين وبناء اقتصاد أكثر قوة وقدرة على مواجهة المستقبل. ووجه أوباما انتقادات حادة كانت أشبه بلغة الانتخابات لمن هاجموا خطته مذكرًا إياهم بالعجز الهائل الذي كان عليه الاقتصاد عندما تولي منصبه الرئاسي مقارنة بالتطور الملموس الذي وصلت إليه الأمور خلال تلك الفترة. وقال أوباما "ينبغي أن نترك (خطة التحفيز) تعمل بالطريقة التي يفترض أن تعمل بها، مؤكدا أنها أعدت لتطبق خلال سنتين، وأن نتفهم أنه في أي ركود تميل البطالة إلى التحسن ببطء أكبر من سائر مؤشرات النشاط الاقتصادي"، مؤكدا إن فوائد الخطة سوف "تتسارع كثيرا على مدار الصيف والخريف".