الغش التجاري يكلّف العالم أكثر من 780 مليار دولار سنوياً محيط – زينب مكي
في ظل انتشار روح التنافس التجاري التي إستشرت في جسد السوق العالمية أصبحت ظاهرة الغش التجاري سمة مميزة لكثير من النشاطات التجارية في هذا العصر، وذلك لكثرة المنتجين من جانب، وكثرة المواد المنتجة وتنوعها من جانب آخر ، كما أن الإيقاعات السريعة للعصر الحديث أدت إلى ظهور صناعة غير متقنة.
وساعد في ذلك جشع الشركات المنتجة وسعيها الدؤوب لكسب الأموال بالصورة المشروعة وغير مشروعة، وانتشرت السلع الرخيصة المقلدة غير متقنة الصنع على حساب المنتجات الأصلية والماركات العالمية المسجلة.
واختلفت صور الغش التجاري المتمثل في استخدام العلامات التجارية للشركات الأخرى، وعدم التقيد بالمواصفات والمقاييس الصناعية، والتلاعب بأنواع المواد الخام المستخدم في الصناعة وكمياتها ونسبها، كما ظهر التلاعب في مدة صلاحية المنتج، وغيرها وغيرها من ضروب الغش التجاري.
وفيما اختلفت الإحصاءات حول تقدير حجم خسائر الغش التجاري إلا أنه مما لا شك فيه انها ارقام هائلة ،ففي تقرير أوردته صحيفة "الحياة" اللندنية في عددها الصادر اليوم قدرت قيمة البضائع المقلّدة والغش التجاري عالمياً، بحوالي 780 مليار دولار سنوياً، مشكّلة نسبة تراوح بين 5 و10% من قيمة التداول التجاري العالمي.
وتخطت قيمتها في الدول العربية، 50 مليار دولار، تمثّلت في الأضرار المترتبة على عملية الغش التجاري والتقليد على مستوى المستهلك، وأثره على الاقتصاد الوطني، المتمثل في زيادة البطالة، نتيجة خسائر الشركات التي تتعرض منتجاتها للغش والتقليد.
وفي إحصائية أعدتها وزارة الاقتصاد والتخطيط وهيئة الغذاء والدواء في السعودية قدرت حجم خسائر الغش التجاري على المستوى العربي 88 مليار دولار، أما على المستوى العالمي فقد وصلت إلى 2200 مليار دولار.
الآثار السلبية
من الأضرار ال التي ترتبت على الغش التجاري وتقليد السلع على مستوى المستهلك؛ الآثار السلبية على السلامة العامة وأثرها على الاقتصاد الوطني المتمثل في زيادة البطالة بسبب خسائر الشركات التي تتعرض منتجاتها للغش والتقليد. أما فيما يخص أصحاب العلامات التجارية فقد جاءت على حساب الإساءة إلى سمعة المنتج، لجهة قضائه على ثقة العميل والمستهلك في العلامة التجارية.
ومن الآثار السلبية الأخرى للتقليد والغش التجاري، تردد الشركات صاحبة العلامات التجارية عن الاستثمار في تلك الدول، ومن ثم التأثير على منحنى الاستثمار والاستهلاك، ما يؤدي الى انخفاض مكونات الطلب الكلي الفاعل في تحقيق مستوى أعلى للناتج القومي.
من تجارب الدول
الولاياتالمتحدة: تحتاج مكافحة الغش والتقليد إلى استراتيجيات بعيدة المدى ولسنوات طويلة، فدولة مثل الولاياتالمتحدة كان حجم الغش التجاري يقدر فيها بنحو 36% من حجم التداول السلعي الداخلي وعلى مدى 10 سنوات تم خفض هذه النسبة إلى 26% ليصل إلى 260 مليار دولار أي بمعدل سنوي واحد% فقط.
الإمارات: اهتمت دولة الإمارات بمحاربة الغش التجاري بأشكاله، واتخذت إجراءات مشددة حيال كل أصناف هذه العملية، سواء كانت في البضائع والسلع، أو في المنتجات الفكرية والأدبية، فأعدت اللوائح والأنظمة والاستراتيجيات التي تنظم عمليات دخول السلع، ثم فحصها ومراقبتها بعد دخول الأسواق لتضمن كشف المتلاعبين بها وتقديمهم للقضاء.
ويعاقِب قانون الإمارات على جريمة الغش التجاري بالسجن سنتين كحدّ اقصى، وغرامة لا يزيد حدها الأقصى على 10 آلاف درهم، إلا إذا اقترن الغش بظرف مشدد يوحي بجسامة الضرر المترتب على الجريمة، أو اقترن بالسلوك الفاضح المستمر، حيث يرفع القانون مدة السجن إلى 3 سنوات والغرامة الى 20 ألف درهم حداً اقصى.
السعودية: وفي المملكة العربية السعودية بلغ حجم خسائر الغش التجاري 41.3 مليار ريال (11 مليار دولار)، تشمل ، بحسب إحصائية أعدتها وزارة الاقتصاد والتخطيط وهيئة الغذاء والدواء في السعودية 42 قطاعاً منها قطاع الدواء والسيارات والأغذية. وتعتبر ظاهرة الغش أهم التحديات التي تواجهها أجهزة الرقابة في المملكة لاختلاف طرق وأساليب الغش واختلاف الثقافات ومحاولة الوصول إلى الكسب السريع من بعض ضعاف النفوس، إضافة إلى عدم وجود الوعي الاستهلاكي من قبل المستهلك الذي يرضى بالصناعات الرخيصة والمقلدة متدنية السعر.
و كنتيجة حتمية لتفشي ظاهرة الغش التجاري وما نتج عنها من أضرار جسيمة على الفرد والمجتمع والاقتصاد أنشأت المملكة شركة "حماية العالمية"، بتشجيع ودعم من وزارة التجارة والصناعة السعودية ممثلة في الإدارة العامة لمكافحة الغش التجاري والتقليد، وبكوادر سعودية وطنية متخصصة ذات خبرة واسعة في هذا المجال، تأسيس الشركة مطلع 2005، وهي تعتبر أول شركة سعودية في منطقة الشرق الأوسط متخصصة في تقديم خدماتها للشركات المتضررة من ظاهرة الغش التجاري والقرصنة وتقليد منتجاتها، والاعتداء على العلامات التجارية في الأسواق المحلية والإقليمية ما يؤثر على الاقتصاد وحماية المستهلك. كما أنها تعد أول شركة عربية تهتم بمحاربة الغش التجاري والتقليد وحماية حقوق الملكية التجارية والعلامات التجارية، وتقدم حماية الخدمات التدريبية والدعم والمساندة للشركات والهيئات، وتعد مرجعاً استشارياً للهيئات الحكومية ووسائل الإعلام، وترتبط بجامعة الدول العربية ومنظمة الجمارك والغرف الدولية وهيئة الغذاء والدواء والجمارك السعودية.
البحرين: وفي البحرين صرح رئيس الجمارك العميد باسم الحمر أن بلاده تسعى إلى تحقيق المعادلة الصعبة في إيجاد توازن بين التسهيل والتيسير وبين الرقابة والتفتيش لتحقيق رسالتها في الإسراع في إدخال المسموح ومنع دخول الممنوع.
وأكد الحمر لصحيفة "الوقت" البحرينية، أنه انطلاقا من إيمان إدارة الجمارك بضرورة محاربة الغش التجاري والتقليد وانتهاك حقوق الملكية الفكرية وإسهاما منها في حماية المستهلكين وحقوق المبدعين ومالكي المنتجات الأصلية والمحافظة على المجتمع وتسهيل التجارة الدولية النزيهة، فقد تم التنسيق مع القطاع الخاص والمؤسسات الحكومية والإقليمية والدولية والمجتمع المدني لتوحيد الجهود لمكافحة هذه المشكلة العالمية.